الحمد لله الذي جعل الموت علينا حقاً، وجعلنا من الصابرين في مصابنا الجلل، فقد أخذت المنية منا رجلاً عرفته عن قرب بحكم صلة القرابة، وبحكم التعامل معه، فقد عرفته أخاً عزيزاً، وصديقاً وفياً، وأباً معلماً موجهاً, فهو رجل كريم، ذو خلق نبيل، شهم عند الشدائد، له مواقفه الحسنة مع الآخر، دائماً يسعى في عمل الخير، وصاحب مبادرات إنسانية عالية، أسأل الله أن يجعلها في موازين أعماله، وأن يجعله في جناته، فقد اختارت المنية الشيخ صالح بن علي العجروش، الرجل الذي خدم وطنه سنين طويلة في مجالات عديدة متنوعة.
عرفته عندما كان مديراً عاماً لشركة كهرباء الناصرية، حيث عملت معه بضع سنوات وأنا في عز شبابي، وجدته يتعامل مع الموظفين والعاملين معه بقلب كبير، وبروح مرحة تنبي عن الحب والتقدير، فقد كان قريباً من قلوب العاملين معه في الشركة، يسمع منهم، وينظر في قضاء حوائجهم بسر وكتمان. أحبه الموظفون والعاملون معه على دماثة أخلاقه، ولطافة تعامله، وتجاوبه لحل العديد من مشاكلهم، وحبه لكسب ودهم وثقتهم، مع التأكيد عليهم بإتمام العمل المناط بهم بكل إخلاص وأمانة.
سمعت الكثير عن مواقفه الإنسانية النبيلة في مساعدة الآخرين عندما كان مديراً لمصلحة مياه الرياض، وكذلك عندما كان مديراً عاماً لمؤسسة الجزيرة الصحفية، وغيرها من مواقع المسؤولية التي أخذ فيها مواقع عمل ومهام، إن كانت في العمل الحكومي أو في مجال الصحافة أو الرياضة.
فقد كان نشيطاً، سريع الحركة، صاحب قرار صائب وحكيم، فله باع طويل في حبه للأنشطة بأنواعها.
ومن المؤكد أنني سمعت القليل جداً عن الفيض الكبير من العطاء الذي قام به أثناء حياته، فقد ذهب إلى جوار ربه، وأنا على يقين أن هناك من فقده من غير أهله وأولاده، حيث كان يتابع مسيرة حياتهم ليساعدهم ويقف بجوارهم من غير منّ ولا إعلان، فمعروفه وأعماله الخيرة قد دفنت معه، ما بقي منها إلا الذكرى الطيبة العطرة لدى من عرفه، واستفاد من حبه وحنانه، كل ذلك، كان هو يرجو من رب العالمين الثواب والأجر. وأنا على ثقة بأن أبناءه سيحذون حذوه في عمل الخير.
فأود من أبنائه أن يجمعوا كل ما كتب من مقالات صحفية في كتاب، أو خواطر وقصاصات أدبية، سيجدونها في مكتبه الخاص في منزله، لتوضح سيرته الذاتية العطرة مع ذكر الكثير من المواقف الطيبة لتكن للذكرى، ولمن أحبوه، وللتاريخ.
كان آخر لقاء لي معه في شهر شوال 1428هـ، حيث رغبت في القدوم إلى المملكة من باريس للسلام على الوالدين والأهل بمناسبة عيد الفطر المبارك، وكنت دائماً أضع زيارته في منزله من أولويات برنامجي، وعند لقائه لمحت عليه التعب، ومع ذلك كان يتحدث بروح عالية عن بعض الشؤون الأسرية الخاصة بشيء من المرح، فسعدت بلحظات قصيرة معه في منزله، وعند وجوب صلاة الظهر ذهبنا للصلاة في مسجده الذي بناه بالقرب من بيته في حي الملز.
ختاماً، أتقدم بالعزاء لأبنائه خالد، وفهد، ومنصور، ولأسرته الكريمة، وإخوانه وأخواته، ولكل من عرفه وأحبه وتعامل معه، و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)، والحمد لله رب العالمين على قضاه وقدره.
(*) فرنسا - باريس
e-mail: debian52@yahoo.com