حتى الآن لا يوجد إنسان عربي لا يتساءل: ماذا يحدث في المنطقة؟ ولماذا يحدث ما يحدث في المنطقة؟ ومن ثم التساؤل المعروف، إلى متى يستمر تواصل مثل هذه الأحداث في المنطقة؟. تتقافز هذه الأسئلة في عقول العرب كل العرب بعد كل تدهور يقع على أوضاع المنطقة، وبعد كل تعثر في الحلول الدبلوماسية السلمية، وبعد كل تحرك عميل موبوء يجهض حركة الشرفاء بعد أن يتطاير منه شرر العنف والدمار والتخريب. نقول هذا بعد أن تعود لتؤكده مرات ومرات تطورات الأحداث من اليمن وإلى لبنان وفلسطين، ومن العراق إلى المغرب العربي الشقيق.
قد يكون الجواب المقنع الشافي لهذه الأسئلة يكمن في حيثيات الأحداث وأطرافها ومن خطط لها ومن ثم حرص على توجيهها وتحريكها، ومن ثم من ينفذها على الساحات العربية، وأخيراً إلى من يشعلها وينميها ويصعدها سواء من قبل جماعات التكفير والتطرف والغلو والتنطع، أم من قبل جماعات وتنظيمات العنف والإرهاب، نعود لنؤكد على تطورات هذا الواقع الأليم فيما نطلع ما تتمخض عنه الأحداث على كافة المستويات في المنطقة.
على المستوى اليمني يخوض الجيش اليمني معارك ساخنة مع جماعات الخارجين على القانون من أتباع الحوثي، وإلى أتباع تنظيم القاعدة، فيما تنشط الأجهزة الأمنية اليمنية لمعرفة المتسببين في مقتل السياح الجانب، هذه الأحداث الجسام لا تستنزف قدرات اليمن الشقيق وحسب وتدك قواعد إمكانياته الوطنية، وإنما تهدد أمنه واستقراره ممعنة في غيها وبغيها منذ أن لجأت إلى استخدام معاول الفتك والدمار والتقسيم.
وعلى المستوى اللبناني جاء تصريح السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية (بما معناه) أن المشاكل والمعوقات والعقد في لبنان موجودة في كل مكان وموقع وركن لا يبشر بالخير ولا يدعو إلى التفاؤل لكون التصريح المحتقن بالألم والحسرة يعكس غياب إمكانية التوصل إلى حل منطقي عاقل ومعقول للتأزم اللبناني السياسي الرئاسي والطائفي ولربما المذهبي. هي حقيقة طالما قفزت إلى سطح الأحداث السياسية في لبنان على الرغم من محاولات التجميل والمكيجة السياسية سواء على المستوى الداخلي، أو من قبل كم هائل منها على المستويات الخارجية.
أعتقد أن هذا ما توصلت إليه معظم أطراف الوساطات العربية ومن ثم الدولية التي حاولت السعي السلمي الحثيث لوقف النزف اللبناني المتواصل على الساحة السياسية والشعبية التي بلغت ذروتها مع عمليات العنف والإغتيالات منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ومروراً بعمليات نهر البارد والإرهابية ونهاية باغتيالات الرموز اللبنانية السياسية والإعلامية. وهذا ما اتضحت معالمه البشعة منذ أن قرر من قرر وأد قرار الجامعة العربية الخاص بلبنان بعد أن تدخلت الدول العربية على مستوى الجامعة العربية.
وعلى المستوى الفلسطيني تتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والإنسانية أكثر وأكثر كل يوم بفضل الخلاف والصراع الفتحاوي والحمساوي فيما تواصل إسرائيل، تحت ذلك الغطاء إضافة إلى مبررات استخدام العنف ضدها، في تفعيل سياساتها العسكرية لإصطياد كوادر حماس ومن يعارضها دون رقيب أو حسيب أو حتى مقاوم. نسمع ونرى هذا على شاشات الفضائيات مع كل شهيد يسقط قتيلاً مضرجاً بدمائه، فيما لا يسقط أي إنسان من الطرف الإسرائيلي، ومع هذا ورغماً عنه تتواصل التحريضات والعنتريات ومعها ترتفع أصوات الهتافات الجوفاء.
وفي العراق تستمر عمليات العنف والعنف المضاد بين الأطراف العراقية وغير العراقية خصوصاً من عملاء ومرتزقة الخارج الذين اخترقوا الجسد العراقي بقوة النار والعنف والدمار والتحريض المغرض وبفعلها جميعاً يسقط الأبرياء من الشعب العراقي بلا سبب هكذا جوراً وظلماً وهدراً وعدواناً. وفي السودان يعود شبح الخلاف الشمالي الجنوبي مهدداً الأمن والاستقرار السوداني، بل وربما وحدة السودان، فيما يشتعل إقليم دارفور بلغة العنف والقوة والإكراه.
عطفاً على ما سبق فإن الأسئلة التقليدية: من الملام على ما حدث ويحدث؟ وإلى متى تستمر هذه الأحداث؟ وكيف يمكن وقف ما يحدث وما قد يحدث؟ من الأسئلة المحيرة التي تتطلب جلد الذات أولاً قبل أن نحاول جلد الآخرين.