قبل سنوات قليلة كان (التساؤل) وقَّاداً عن قلة الدوريات الثقافية على المستوى الوطني.. مفعماً بتباكي المثقفين و(الأدباتية) - على حد تعبير أستاذنا الخطراوي- على قلتها وندرتها..؟!
وها هو يتحول إلى (سؤال) يتبرم من كثرتها، بما يشكل تحولاً ربما في قضية الوعي الباحث عن إمكانية
وجود صحافة (ثقافية) جادَّة.. تتناغم مع الحراك الأدبي المحلي.. وتنوع محاضنه ومكوناته وتجلياته..!
**(تساؤل) يمتطي صيغة مراوغة.. قد يُشكل تحديد منطق أو تصور يحكمها.. وهو تساؤل (مشروع) كذلك.
إذا كانت معطياته تبتغي البحث عن إضافة أو قيمة نوعية لهذه النماذج من الدوريات الثقافية.. وليس عقدة البحث عن (أسئلة) مؤثثة بفراغ التصور.. مشغولة بتقصي الثقوب!
** وربما كان تعدد هذه الدوريات الثقافية مفضياً إلى تنوعها.. مما يسهم في تحديد القيِّم والجاد.. وما (دون ذلك) منها.. ومن شأنه كذلك تصعيد (المفاضلة) بينها وإبراز المتميز والجاد وسط نماذجها المتعددة واستنساخاتها المتوالية..
** وقد لا يكون الوضع الحالي للدوريات مقلقاً.. إذا ما كان ثمة فرصة للمؤسسات التي تقوم على هذه الدوريات والأفراد المنتخبون لإنجازها لتقديم تصوراتهم إزاء الفعل الثقافي.. ووعيهم المهني بتقاليد ومحددات الصحافة الثقافية.. كما هي في النماذج الرائدة في الوطن العربي.
** وقد تكون هذه (الدوريات) مختبراً لقياس نوعية الوعي الذي يحكم القائمين عليها.. والرؤى التي ينطلقون منها.. والمواقف التي يعبرون عنها..! وأعتقد أن شيئاً من هذا بدأ يتشكل لدى قرائها ومتابعيها.. فدورية نادي تبوك الأدبي ليست مثل (قوافل) نادي الرياض..ودورية نادي مكة ليست مثل (علامات) نادي جدة.. وليست هذه أحكاماً قيمية.. بل وصف لواقع متحقق.
أرمي عبر تعيينه وعرض شواهده.. إلى التأكيد على أن ثمة ضرورة (ثقافية) تقتضي فسح المجال للهيئات التنظيمية في الأندية لتقديم خبراتها.. وكفاءات أعضائها والقائمين عليها.. ويظل القارئ هو كذلك (المختبر) شديد الحساسية والوعي للحكم على كل ذلك..
** المرحلة المقبلة ستكون مشهداً يقتضي أدوات قياس ومناهج تقييم مؤهلة بوعي مهني احترافي لاختصاص نوعي هو (صحافة ثقافية) يتطلب فقه الثقافة وإدراك تمثلاتها واشتراطاتها الجديدة.. بعيداً عن صيرورة التقليد والاتباع المجاني.. وكلا النموذجين سيكونان في وارد التقييم والمفاضلة.. من لدن قارئ واع.
md1413@hotmail.com