نال توجيه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بعدم إقامة المظاهر الاحتفالية في مناسبة زيارة سموه إلى بعض محافظات ومدن منطقة مكة المكرمة ترحيباً واسعاً.
وما أقدم عليه سموه يتوافق مع ما عرف عنه من حرص على الوقت ومن التزام بالبساطة، ورجل بحجم الأمير خالد لابد وأن يفعل ذلك؛ لأنه يدرك أن في مثل هذه الاحتفالات هدراً للأموال وإضاعة للوقت، وهو ما ينافي الهدف من الزيارات التي يسعى المسؤول عادة من ورائها إلى الوقوف على احتياجات الناس والاطلاع على السلبيات ومناقشة المسؤولية عن أسباب وكيفية معالجتها.
فالحفلات قد تثني المسؤول عن أداء واجباته لسبب انشغاله بالمجاملات والزيارات والمظاهر غير الواقعية التي تخفي عنه أشياء كثيرة تمس حياة الناس.
يقدم لنا الأمير خالد الفيصل بهذا التوجيه نموذجا رائعا لحرص المسؤول على الوقت وعن المال العام، والرغبة الصادقة في معرفة الحقائق والأوضاع كما هي عليه دون تزيين ودون تزييف.
وهو دون شك بهذا التوجيه فصل بين واقعه الوظيفي كمسؤول عن المنطقة التي شرف بإدارتها، وبين الإنسان الذي يمكن أن يدعى ويحتفي به خارج نطاق العمل إن وجد الوقت الكافي لمثل هذه الأمور.
عندما قرأت ما وجه به خالد الفيصل الأمير والمثقف والشاعر عادت بي الذاكرة إلى صور كثيرة معاكسة، حيث المبالغة في الاحتفاء بمسؤولين أقل منه مكانة وشهرة، وما ينتج عن تلك الاحتفالات من سلبيات أقلها ركون المحتفى به إلى مجاملة المحتفين به، ومن ثم عدم الوصول إلى ما كان يجب عليه أن يراه بشكل حيادي من سلبيات وأخطاء.
إنني في هذا المقال أشترك مع كتاب آخرين في الإشادة بهذا التوجه الذي هو في واقع الأمر خطوة نحو التفاعل مع الناس والبحث عن احتياجاتهم، ومساءلة المقصرين وإلزامهم بأن يكون همهم الكبير البحث عن كل ما يفيد المواطن؛ لأنهم جاؤوا إلى مناصبهم وتم اختيارهم لها من أجل توفير الحياة الكريمة له ومعالجة السلبيات والمعوقات التي قد تقف حائلاً أمام تحقيقها.