من طبيعة النفس البشرية أن تميل وتحيد (موضوعياً) إلى الجانب الذي تشعر بأنه يمثلها وبأنها تنتمي إليه فكرياً أو (فعلياً) ولا ضير في ذلك طالما أن هذا المرفأ هو القريب من سفن ذواتها (الإنسانية) التي لا تفتأ عن (التطبيل) لهذه التوجهات والأفكار أو حتى (الحِرَف)..!، المحاطة في الغالب بسور عالٍ (عاجي) من الأخطاء والتجاوزات (السلوكية) والمعرفية.. التي يستميت ممتهنوها في الدفاع عنها وعن كل ما يمت لهذه التكتلات (الفِكْر وحِرفِيّة) بصلة، وبكثير من التعصب الممزوج بالمغالطة (المرة) تطرح هذه الآراء الهجومية (الكاسرة) التي لا تحتمل سوى رأيها المبتور!.
قبل فترة وجيزة وعلى شاشة إحدى الفضائيات العربية شاهدت برنامجاً حوارياً أزعم بأنه يقترب في طرحه من الاعتدال (الفكري) الذي يقود في نهاية المطاف إلى التوازن (المعرفي) فيضمن للجميع توافر المساحة المناسبة (الفرصة) للكشف عن آرائهم بكل صدق وأريحية وتجرد... كانت الحلقة تناقش (قيادة المرأة للسيارة)؟!، الموضوع الذي أُشبع ضرباً وعجناً.. واجتر إلى أن هلك وبلي وأصبح من الأمور الغير قابلة للنقاش والجدال؛ ومن جراء ذلك أصابته التخمة السلبية فتضاعف حجمه كثيراً فأصبح في وضعٍ لا يسمح له بمزيد من الشد والجذب فالشيخوخة المبكرة سيطرت عليه وتمكنت منه فهو على أية حال لا يصلح للطرح... وبخاصة إذا ما قارناه بما يماثله من القضايا الفكرية (المعلقة) التي تحتاج إلى حل سريع وفوري قبل أيصيبها ما أصابه!... من سلبيات هذا الموضوع أن مختلف البشر يقفون فيه على طرفي نقيض - بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى - فانقسم أفراد المجتمع بين مؤيدٍ بلا قيد أو شرط، ومعارضٍ مستميتٍ في معارضته ومنعه!، وكأن المفاسد كلها تقف على عتبات هذا الموضوع؟! والذي يزيد الطين بلةً بأن بعض هؤلاء يخلطون بين مِهَنِهِمْ (حرفهم) وبين الآراء التي هم بصدد اتخاذها قد يكون التأثير غير مباشر ولكنه يمتلك القرار الأخير في النهاية!، صحيح بأنه في بادئ الأمر قد تترتب على قيادة المرأة بعض المفاسد باعتبار أن هذا الحدث (التقليدي) جديد وغريب على مجتمعنا ولكن مع مرور الزمن (القريب) ستتلاشى جميع هذه الأوهام ليتحول هذا (المحظور) إلى (مرغوب!!) كما حدث مع بقية الأمور الأخرى التي وقف في وجهها المجتمع بكل مكوناته (السيكلوجية) صارخاً بالرفض..!؛ فما هي إلا سنين معدودة (محدودة) حتى أصبحت - لا أقول من الأشياء المباحة- بل من الأمور المندوب إليها ولعل (المذياع، والتلفاز، والدش، وتعليم المرأة ...) خير شاهدٍ على ذلك، مع أنه يوجد إلى الآن من يعارض بعض هذه الأمور بشدة وعنف كبير قد يصل إلى مرحلة (التجريم) وكل له وجهة نظره التي تعكس بعد ثقافته وقربه من مستوى الإدراك الذي يكشف عن العقلية (الداخلية) التي تدير هذا الشخص، والتي يمكننا بأن نحصرها ونختزلها في هاتين الكلمتين (لا للتجديد) فهي التعبير الدقيق لما يدور في خلدهم (المتقهقر).
إن الكثير من القضايا والمواضيع (المستهلكة) أصبحت الآن هي المتصدرة لساحات النقاش والجدل..! مع أن هذه الدوامة لن تجدي نفعاً ولن تأتي بجديد؟!، ومع كل ذلك نجد أن البعض ما زال مستمراً في رحلة (الاجترار..!؟) ويا ليتني أعلم ما النتيجة التي سجنيها هؤلاء من ذلك ؟!، أم أن هذه الأفعال ليست إلا تكريس للنظرية: (إن العرب ظاهرة صوتية).. عموماً أرجو بأن أكون مخطئاً .
Afaisal411@hotmail.com