الرياض: محمد الحربي
ألا ينتابك شعورٌ غامرٌ بالسعادة وأنت تشاهد أبناء الوطن وقد قبلوا التحدي، وأصروا على ارتياد مواطن جديدة وصعبة في الاستثمار لدعم الصناعة، والاقتصاد الوطني، ونقلهما نقلة نوعية كبيرة.
وألا يسعدك أكثر أن يكون شعارهم: «قلبٌ على الوطن.. وعينٌ على البيئة» ومن ذلك: دعم الاقتصاد الوطني، سعودة الوظائف، وتوفير فرص عمل للشباب السعودي، وخدمة المجتمع السعودي ككل، وأبناء المناطق التي ينفذون فيها مشاريعهم بشكل خاص. هذه السعادة، أو هذه الانطباعات التي تثلج الصدر هي ما تخرج به من اللقاءات المتعددة مع إدارة مناجم، ومع صاحب فكرة «مناجم» ، وأحد مؤسسيها المهندس محمد بن عبد الله الهطلاني المدير العام التنفيذي لشركة مناجم العربية المتحدة. ورغم انشغاله الدائم، وشخصيته التي تحبذ العمل والفعل على الكلام، وطبيعته التي لا تحب الظهور الإعلامي، إلا أننا أقنعناه أخيراً بضرورة إطلاع القارئ والمتابع وصاحب الاختصاص على ما يدور في مناجم، وبالتالي على باب الاستثمار الجديد الذي فتحته الدولة للقطاع الخاص وهو التعدين. هذه الصناعة الثقيلة التي تقوم عليها اقتصاديات الدول، والركيزة الأساسية لصناعات العالم. هنا المهندس الهطلاني في أول حوارٍ صحفي، يتحدث للجزيرة عن التعدين، الاستثمار القادم بقوة، ومناجم ومشاريعها الطموحة:
* نود البدء بإعطاء القارئ الكريم نبذة عن شركة مناجم العربية المتحدة؟!
جاءت فكرة إنشاء شركة مناجم العربية المتحدة استجابة للدعوات المتكررة من حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين أيده الله الموجة لرجال الأعمال والقطاع الخاص السعودي للمساهمة إلى جانب الدولة بتأسيس صناعة تعدينية متطورة لتكون رافداً اقتصادياً هاماً للاقتصاد الوطني السعودي إلى جانب القطاع البترولي.
وعندما فتح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة في هذه الصناعة العملاقة تبلورت فكرة إنشاء شركة مناجم العربية المتحدة على أرض الواقع بسرعة كبيرة حيث إننا كأعضاء مؤسسين قد درسنا هذه الفكرة بعمق كبير ووضعنا خططنا الاستراتيجية اللازمة لتنفيذها على مراحل بدءًا بتسجيل الشركة حسب الأنظمة والقوانين في المملكة، إلى أن بدأنا رسمياً بالتنسيق مع مقام وزارة البترول والثروة المعدنية ممثلة بوكالة الوزارة للثروة المعدنية للحصول على المعلومات والدراسات الجيولوجية، والخرائط الجيولوجية والطبوغرافية، والتي مكنتنا ولله الحمد، بعد دراسات وتحاليل مستفيضة ومرهقة، من دراسة المواقع ذات التمعدن الاقتصادي.
* في قطاع متشعب وصعب على مختلف المستويات الاقتصادية والمعلوماتية والبشرية، ما هي الخطوات العملية التي اتبعتموها لتصبح مناجم شركة فعلية قائمة؟!
بعد دراسة المواقع ذات التمعدن قامت الفرق الجيولوجية المتخصصة بزيارات عديدة لمناطق مختارة مسبقا، وعملت المسوحات الجيولوجية على الطبيعة، وتم جمع عينات من الصخور وتحليلها لمعرفة ما تحتويه من معادن، والنسب المكونة لكل معدن وتركيزها. وقد حرصت شركة مناجم العربية منذ البداية على استخدام التقنية الحديثة للمساعدة على إنجاز تلك الدراسات. فعلى سبيل المثال تستخدم الشركة صور الأقمار الصناعية لدراسات متعمقة لكل موقع ولتحديد الكثير من النواحي الفنية ذات العلاقة وربطها بالمعلومات الحقلية ونتائج التحاليل المخبرية الجيولوجية والكيميائية العالية التقنية للوصول إلى أقصى درجة ممكنة بإذن الله من دقة المعلومة وتأكيدها مرة تلو الأخرى، وذلك بهدف جمع كل مايخص هذه الاختبارات والتحاليل لنتمكن من رسم ووضع التوصيات الفنية الجيولوجية والاقتصادية لكل موقع على حدة.
بعد تلك المرحلة والدراسة المستفيضة لجميع المعلومات والتقارير يتم اتخاذ القرار الاستراتيجي الذي يتمثل بمواصلة أعمال الاستكشاف التفصيلية العميقة للموقع أو التوقف وعدم متابعة أية مراحل أخرى من الاستكشاف.
* على أي أساس يتخذ قرار المواصلة، وما الذي يتطلبه عملياً؟!
اتخاذ هذا القرار يستند على حيثيات عديدة وهامة، وبصفة عامة مثلاً، إذا كانت جميع المؤشرات تؤكد على تواجد المادة الخام بكميات ومؤشرات أولية تدل على وجود جدوى اقتصادية للتمعدن بالمنطقة، فإن ذلك يتطلب البدء بأعمال الحفر المكثفة للحفر الماسي أو المطرقي والتي ستتم استناداً على نتائج الأعمال السابق ذكرها في بداية حديثنا، علماً بأن هذه المرحلة تتطلب فريق عمل متكامل من المهندسين والفنيين والعمالة والمختبرات الجيولوجية بالموقع لضمان سرعة تنفيذ الأعمال، حيث يجب تحليل جميع العينات المستخرجة يوميا، والناتجة عن أعمال الحفر الماسي والمطرقي.
* ما هي الصعوبات المتعلقة بالتعدين وبصناعة التعدين؟
التعدين بصفة عامة قطاع صعب ومعقد جداً والتعدين يتطلب الوقت والاستثمار الكبيرين للوصول إلى الهدف المنشود، كما يتطلب التعدين الصبر الكبير والوقت الكافي قبل الوصول إلى مرحلة الإنتاج والتسويق ومن ثم المردود المادي لهذا الاستثمار.
فعلى سبيل المثال أعمال المسح الجيولوجي لأية منطقة، وأعمال الاستكشاف المصاحبة له تتطلب جهدا كبيراً للتعرف على مناطق التمعدن ونوعية وطبيعة المعادن المتوفرة بها. وعمل التحاليل المخبرية للصخور والعينات المستخرجة من موقع الاستكشاف الدقيقة والأكثر تعمقا والتي بناء عليها يتم تحديد مواقع تواجد المادة الخام وكمياتها وانتشارها بموقع معين ومن ثم يستند عليها للقيام بدراسة الجدوى الاقتصادية البنكية لضمان مردودها الاقتصادي على الوطن والمستثمر في آن واحد، فهذه عملية مكلفة حالياً وتستغرق وقتاً طويلاً قد يمتد من 2-3 سنوات ( اعتماداً على توفر السيولة المالية لضمان سرعة إنهاء برنامج الاستكشاف ).
ومن الصعوبات الأخرى في هذا المجال التداخلات الفنية والهندسية والمعلوماتية، فهناك علم الصخور، وكيميائية الصخور وتكويناتها، والتحاليل والمعامل الكيميائية والجيولوجية المتداخلة مع بعضها البعض والتي يكمل كل منها الآخر بشكل مباشر ولا يمكن بأي حال من الأحوال التهاون بها كما يجب أن تستند هذه المرحلة الحساسة على برنامج استكشاف مخطط له، ولجميع مراحله مسبقاً. هذه المراحل مبرمجة بدقة متناهية لا تقبل تقديم مرحلة على أخرى لما لكل مرحلة من أهميتها وجوانبها وأطرافها والتي تنعكس بشكل مباشر على المراحل التي تليها وهكذا ، لذلك لا يمكن في مجال التعدين التهاون أو التنازل أو إغفال أي عينة أو تحليل أو تدقيق أو دراسة، ونتائج البحوث الميدانية والمخبرية لا بد من ربطها ببعضها البعض لتشكل نواة متكاملة من المعلومات والدراسات والنتائج الجيولوجية والكيميائية والاقتصادية للتأكد من فاعلية وجدوى المشروع اقتصادياً.
كما أود أن أضيف بأن كافة المعلومات المجموعة ستكون دائما وبصفة شبه يومية بحالة استخدام ومراجعة ومقارنة من قبل الجهاز الهندسي والفني طوال فترة العمل بأي مشروع تعديني. حيث إن هذه المعلومات تتم مقارنتها بالمستجدات اليومية في موقع المشروع والتي لا تتوقف إطلاقاً لضمان المتابعة، والتأكد من المعلومات السابقة واليومية (الحالية) لطبيعة المواد الخام المستخرجة للتعدين أو لمواكبة برنامج الاستكشاف اليومي الذي يتم إنجازه بالموقع وعلى الطبيعة، والذي يهدف إلى التعرف على، وتحديد مواقع التمعدن الأخرى، وتحديد مخزونات المادة الخام التي لم تستكشف حسب تشعباتها وانتشارها بالمنطقة (منطقة التمعدن) التي لا يمكن التعرف عليها إلا من خلال برنامج استكشافي دقيق ومتواصل يسير بخط متوازٍ مع أعمال التعدين اليومية. فعند إزالة الطبقات العليا المتراكبة والمغطِّية للمادة الخام، والتي تصل سماكتها أحياناً إلى (30) متراً أو (50) متراً وبمساحات تغطي التكوين الجيولوجي لمخزون المادة الخام، وهذا لو حسب بشكل مبسط قد يشكل ما مقداره مليون، وحتى مليوني طن من الصخور بمختلف أنواعها.
* ما هو العامل الأهم والحرج في مراحل الاستكشاف والتحاليل الجيولوجية للوصول إلى دراسة جدوى اقتصادية إيجابية بمشاريع التعدين؟
حقيقة العامل الاقتصادي وعامل الوقت عاملان حرجان جداً في مجال التعدين وبشكل مبسط عند البداية يأتي مشروع استكشافي لموقع معين وحتى اكتمال الدراسات والوصول إلى دراسة جدوى اقتصادية للمشروع فإن هذا يستغرق وقتاً وجهداً كبيراً جداً ولمدة تتراوح من (2-4) سنوات وهذا وقت طويل جداً استناداً على طبيعة الموقع المستكشف ومساحته وطبيعة المعادن المتوفرة والتركيبة الجيولوجية للموقع، وقرب أو بعد الموقع عن المناطق الآهلة بالسكان وتوفر الطرق المؤدية للموقع والخدمات المساندة الحيوية اللازمة للجهاز الهندسي، والمعدات اللازمة للاستكشاف وصيانتها، والمختبرات الميدانية، وما إلى ذلك.
كذلك فإن كل ما ذكر سابقاً يتطلب استثمار مبالغ مالية كبيرة خلال تلك المرحلة، والمستندة أساسا على الصرف المادي لفترة طويلة بدون أي مردود مادي مباشر خلال تلك الفترة، وهذا الوضع يتطلب من المستثمرين التحلي بالصبر والمثابرة والاستمرار في أعمال الاستكشاف وعدم التوقف بمنتصف الطريق للبرنامج، لأنه في هذه الحالة فإن جميع الاستثمارات تذهب بدون فائدة إطلاقا، كما وأنه قد يكون مضى على البرنامج سنة أو سنتان أو أحيانا يكون البرنامج على وشك النهاية ولكن المستثمرين قد لا يرون النهاية قريبة، ويتم اتخاذ قرار بوقف العمل وهنا يضيع المال ويضيع الوقت وهذا ما أعتبره شخصيا استنزافاً بشكل غير مباشر للاقتصاد الوطني.
* فيما يخص نصيب المواطن أو الشاب السعودي ما هو الدور الذي تقوم به شركة مناجم العربية المتحدة لتكون عنصراً فعالاً لخدمة المواطنين والشباب؟
إن من أهم الأهداف التي اعتمدها مجلس إدارة شركة مناجم العربية المتحدة هو ضرورة إشراك القوى العاملة الوطنية السعودية في أنشطة الشركة، وهذا هدفٌ سامٍ وعظيم أقره رئيس مجلس إدارة الشركة، والإخوة أعضاء المجلس، وهم على الدوام يؤكدون على هذا الهدف وأهميته الإستراتيجية لشركة مناجم، وللقوى العاملة، والاقتصاد السعودي.
وفي هذه المرحلة الهامة التي تمر بها الشركة، تستعين شركة مناجم العربية باستشاريين سعوديين ذوي خبرة طويلة في مجال التعدين، وهؤلاء الخبراء أمضوا حياتهم المهنية والعملية في التعدين، حيث ساهموا بشكل فعال في أعمال الشركة المختلفة، وتستعين الشركة أيضاً بخدمات بعض الشباب السعودي حديثي الخبرة في هذا التخصص بهدف إكسابهم الخبرة الميدانية والعلمية في آن واحد وذلك بالعمل جنباً إلى جنب مع مستشاري الشركة السعوديين والمهندسين والفنيين سواء في الميدان أو في مكاتب الشركة الرئيسية وغيرها.
وشركة مناجم العربية المتحدة لديها خطة طموحة لاستيعاب، والاستعانة بالشباب السعودي المؤهل، أو الشباب السعودي الذي يحتاج إلى تدريب وممارسة وكذلك الشباب السعودي الذي لديه الرغبة الصادقة في العمل وحتى الأيدي العاملة، وتطمح إلى سعودة هذه المهام بأكبر عدد ممكن من الشباب السعودي ذوي الرغبة الصادقة والمخلصة للالتزام بمجال العمل المطلوب منهم، واحترام الوقت والإنتاجية المطلوبة يومياً لضمان استمرارية مشاريعها بدون أي خلل، وبالتالي ضمان المردود الاقتصادي المخطط له. ونحن هنا نعتبر نجاح المشروع بشكل عام هو نجاح للشباب السعودي، والمختصين بهذا المجال، وللمستثمرين، وللدولة والاقتصاد الوطني.
* كيف كان مشوار شركة مناجم العربية منذ البداية من حيث التسهيلات المقدمة من قبل الجهات الحكومية لشركتكم كمستثمرين في قطاع التعدين؟
أولاً أتوجه بجزيل وعظيم الشكر والعرفان لحكومة خادم الحرمين الشريفين على الدعم اللامحدود الذي قدمته للقطاع الخاص لتسهيل كافة الإجراءات الحكومية النظامية للمستثمرين وعلى رأس ذلك الدعم: ( نظام التعدين الجديد ) الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/47 و تاريخ 20/08/1425ه والذي يعتبر الركيزة الكبرى والقاعدة الرئيسية لجميع الأطراف ذات العلاقة بقطاع التعدين وهذا النظام التعديني قدم للمستثمر الضمان والتوجيه والحلول الكفيلة بتذليل مصاعب وعقبات كثيرة في هذا المجال والتي تعاني منها العديد من الدول الأخرى. فهو على سبيل المثال يكفل للمستثمر مدداً تتراوح من السنة وحتى خمس سنوات لرخص الكشف عن المعادن ( حسب رغبة المستثمر ) كذلك للمستثمر الخيار الكامل لطلب رخص الكشف في منطقة محدودة أو في جميع أنحاء المملكة حسب ما يراه المستثمر مناسباً لاستثماراته، كذلك فإن رخص الاستطلاع الصادرة من الوزارة تسمح للمستثمر الاستفادة من جميع الدراسات والتقارير والمعلومات المتوفرة لدى وكالة الوزارة للثروة المعدنية وكذلك هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، علماً بأن الدولة صرفت مبالغ مالية كبيرة جداً خلال العقود الماضية لتجهيز تلك المعلومات والدراسات، ومع ذلك فالدولة رعاها الله تقدم خلاصة تلك البحوث والدراسات للمستثمرين بأسعار شبه رمزية لا تذكر حرصاً منها على دعم وتعزيز الوضع الاستثماري والمعلوماتي والمعنوي للمستثمرين.
أيضاً توفر الدولة جميع الخرائط الطبوغرافية والجيولوجية والجوية والدراسات الجيوفيزيائية للمستثمرين بأسعار رمزية جداً لنفس الهدف السابق.
* ما هي المدة التي تستغرقها إجراءات الحصول على الرخص، وما هي أنواع هذه الرخص ؟
بداية هناك حسب معلوماتي ثلاثة أنواع من الرخص المتوفرة حسب النظام التعديني الجديد وهي كالتالي :
1- رخص استطلاع .
2- رخص استكشاف .
3- رخص تعدين أو استغلال .
فرخص الاستطلاع لا تستغرق سوى مدة الأسبوعين في حال اكتمال طلب التقديم المرفوع للوزارة من المستثمر.
أما رخص الاستكشاف فالنظام التعديني يكفل للمستثمر الحصول عليها خلال مدة (30) يوماً (شهر كامل) من اكتمال الوثائق المقدمة لوكالة الوزارة للثروة المعدنية من المستثمر .
وفي حالة رخص الاستغلال أو التعدين فهذا يعتمد على عوامل كثيرة ليس من السهولة لي شخصياً تحديد مددها الزمنية نظراً لغزارة المعلومات الواجب توفرها للحصول على رخص تعدينية، فمثلاً نظام التعدين يستوجب توفر دارسة بيئية دقيقة وشاملة لكل ما من شأنه حماية البيئة الوطنية وحماية الإنسان من مخرجات عمليات التعدين، وهذه الدراسة البيئية تأخذ بالاعتبار العديد من العوامل والمرتكزات الأساسية التي لاتهاون بها على الإطلاق، وفي هذه الحالة قد تأخذ الوزارة العديد من الملاحظات على ما قدمه المستثمر من دراسة بيئية وتتدخل مشكورة بالرفع من مستوى الدراسة بشكل عام أو تعديل وتطوير أجزاء منها بشكل خاص، وعليه من الصعب تحديد المدة الزمنية هنا .
أيضاً للحصول على رخص تعدينية على المستثمر تقديم دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع المطلوب، وهذه الدراسة تحتوى على كم غزير من المعلومات والتحاليل والدراسات والجداول والأرقام والتصاميم الهندسية الكاملة لجميع المعدات الخاصة بأعمال التعدين، سواء كانت معدات المناجم المفتوحة، أو المناجم النفقية (تحت الأرض) ومعامل التكرير اللازمة للحصول على المواد الخام المركزة، والمعامل المختبرية الجيولوجية لمساندة أعمال التعدين اليومية، وطبيعة المواد الكيمائية المزمع استخدامها في التعدين، والطاقات والكفاءات التي سنقوم على تشغيل المشروع، ونظم الأمن والسلامة، والمستودعات وورش الصيانة التي لابد منها في مشاريع التعدين لضمان استمرار أعمال التعدين بصفة يومية مستمرة منعاً للأعطال التي ستكبد المستثمرين والمشروع مبالغ مالية يومية كبيرة جداً .
* كيف ترون آلية التعاون والتنسيق بين الإدارة العليا بشركة مناجم العربية والإدارة التنفيذية؟
هنا يجب أن أقف وقفة تقدير واحترام وشكر لسعادة رئيس مجلس الإدارة على ثقته التامة بالإدارة التنفيذية للشركة ولولا هذه الثقة لما حققت شركة مناجم العربية هذا الكم الهائل من التنظيم والدراسات وجمع المعلومات وتحليل التقارير الجيولوجية والفنية وجمع أعداد كبيرة جدا من الخرائط الجيولوجية والطبوغرافية للعديد من مناطق التمعدن بالمملكة العربية السعودية.
كذلك كان لتوجيهات رئيس مجلس الإدارة والنظرة الإستراتيجية الثاقبة الأثر الأكبر الذي ساعد الإدارة التنفيذية على رسم الإستراتيجيات والخطوط العريضة لشركة مناجم العربية سواء على المستوى الإداري البحت أو على المستوى الفني والهندسي والتخطيط الاستراتيجي للشركة حاليا وفي المستقبل.
كما كان لرئيس مجلس الإدارة اليد الطولى في تذليل العديد من العقبات التي واجهت الشركة في بداياتها، وأيضا برأيه وتوجيهاته السديدة تمكنت الإدارة التنفيذية للشركة من التعامل بكل فاعلية مع الكثير من الأمور الفنية، وذلك بتأكيده الدائم وبحثّه المستمر على استخدام آخر ماتوصلت إليه تقنية صناعة التعدين، وحرصه على متابعة آخر مستجدات الأبحاث والتطوير التقني والمعلوماتي والتكنولوجي في هذا القطاع الصناعي العملاق.
إضافة إلى ماسبق ذكره أود أن أعبر عن كامل شكري وتقديري للإخوة أعضاء مجلس الإدارة الذين كان لخبراتهم العملية وتجاربهم الثرية دور أساسي في ترجمة توجيهات ونظرة رئيس مجلس الإدارة إلى برامج وخطط إستراتيجية قابلة للتنفيذ والتطبيق، حيث استندت إدارة الشركة التنفيذية على توجيهات وتجارب الإخوة أعضاء مجلس الإدارة لرسم الخطط والبرامج التنفيذية القابلة للتطبيق الفعلي والعملي، وفي نفس الوقت لضمان سرعة تنفيذ خطط الشركة الإستراتيجية، وذلك بالعمل جنبا إلى جنب مع جميع الإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية بالشركة وبتوجيهات سعادة رئيس مجلس الإدارة.
* هل تتوفر داخل المملكة العربية السعودية المتطلبات المساندة الداعمة لقطاع التعدين أو الشركات التعدينية الخاصة والتي تمكنها من إنجاز برامج أعمالها بأسرع وقت وبكفاءة عالية تضاهي ما هو متوفر خارج المملكة؟
أولاً أوضح بأنه ليس من الإنصاف مقارنة خدمات التعدين المتوفرة بالمملكة حالياً مع ما هو متوفر بالدول الأخرى ذات الباع الطويل بالتعدين.
فدول العالم الرائدة بمجال التعدين مثل استراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب أفريقيا والهند (على سبيل المثال لا الحصر) لها جميعها باع طويل جدا بالتعدين منذ عشرات السنين وفي بعض البلدان لها أكثر من (200) سنة تزاول هذا النشاط الاقتصادي الهام على المستوى الاقتصادي العالمي.
لذلك، فإنه من خلال خبراتهم الكبيرة وتجاربهم الطويلة وتطويرهم الدائم لأحدث الوسائل والتقنيات استناداً على ضخامة المجال التعديني لديهم من حيث كميات الإنتاج اليومية من المواد الخام والتي تزيد في بعض المواقع عن مئات الآلاف من الأطنان يومياً لتلبية احتياجات السوق الصناعي العالمي من هذه المعادن، مما أدى إلى تطوير كبير جداً في أساليب التعدين، والاعتماد على تقنيات عالية ومتقدمة جداً من أجل ضمان دقة واستمرارية العمل اليومي بالمناجم بكل كفاءة اقتصادية، ولقد وصلت بعض الشركات إلى مكننة العملية التعدينية باستخدام الحاسب الآلي للتحكم بحركة مواقع المعدات وكيفية، وسرعة نقل المواد الخام من منطقة التمعدن إلى مراكز المعالجة والتكرير، وكل ذلك بعملية الربط بين برامج الحاسب الآلي المتطور، والأقمار الصناعية، ونظام تحديد المواقع والمعدات لضمان برنامج تشغيلي دقيق جدا للاستفادة من الوقت بأكبر قدر ممكن وكذلك لتوفير مبالغ مالية كبيرة جدا في عمليات التشغيل والإنتاج بكافة أجزاء المشروع.
فأقول بأننا بحاجة ماسة إلى تطبيق مكثف لآخر ما توصل إليه قطاع التعدين على المستوى العالمي بالإضافة إلى الاستثمار بوضع خطط، وإنشاء معامل متطورة جداً لمواجهة الطلب على الدراسات وعمليات الاستكشاف الجيولوجي الحالية والمستقبلية داخل المملكة، والتي بدونها لن تستطيع الشركات الوطنية التوصل إلى أهدافها الاقتصادية خلال الفترة الزمنية المتعارف عليها، وهذا ينعكس سلبياً على المبالغ المستثمرة والتي سترتفع إلى مبالغ مضاعفة ليست من مصلحة الشركات، ولا الاقتصاد الوطني، وهذا قد يسبب عدول وتوقف بعض الشركات عن مواصلة عملها واستثمارها في مجال التعدين.
* من وجهة نظركم كشركة متخصصة في التعدين، وما لديكم من أنشطة ومعلومات وخطط مستقبلية في هذا المجال، ما هو الدور الذي تستطيع الدولة أن تؤديه لمساعدة شركات التعدين للنهوض بهذه الصناعة في المملكة؟
- كلمة حق لابد من ذكرها وهي بأن الدولة وفقها الله لم تتأخر أبداً بمساعدة المستثمرين على الدخول في هذه الصناعة، وتحرص ممثلة بوزارة البترول والثروة المعدنية على تلمس احتياجات الشركات العاملة بالتعدين والأخذ باقتراحات هذه الشركات ودراستها ووضع الحلول والإجراءات المناسبة لها.
وكما ذكرت سابقاً فالتعدين بحاجة إلى مختبرات جيولوجية متطورة جداً للمساهمة في دراسات وتحاليل جميع أنواع الصخور، وكيميائية الصخور، ومخزونات المواد الخام في أي موقع وعمل ما يسمى (بالاختبارات الإرشادية) للمواد الخام المستخلصة من المواقع لمعرفة الأطر الضرورية والمواصفات الدقيقة التي ستستخدم في أعمال تصميم مصانع تكرير المواد الخام أو المصاهر لذا فإن شركات التعدين بحاجة إلى تمويل من قبل الجهات المختصة لإنشاء مثل هذه المعامل و المختبرات.
- أيضاً نأمل أن تساهم الدولة بإيصال خدمات السكك الحديد إلى مناطق التعدين المختلفة بناء على خطة استراتيجية مبنية على نقاط أو مواقع تمركز أكبر كمية من المواد الخام أو المناجم للتقليل من تكاليف النقل التي تعاني منها برامج التعدين والتي سيكون لها دور أساسي واقتصادي حرج جداً في نجاح شركات التعدين العملاقة والتي جاري العمل على البدء بها لإنتاج معادن مثل الفوسفات و البوكسايت وغيرها، كما أنني أتحدث أيضاً عن مواقع التعدين الأخرى المنتشرة في جميع أرجاء الدرع العربي والتي على المدى الطويل بإذن الله ستكون هذه المناجم وهذه الشركات هي العمود الفقري لتوطين وسعودة صناعة التعدين بالمملكة.
* نسمع كثيراً من رجال الأعمال والشركات عن السعودة، ولكن ذلك لا يتحقق، إما لعدم وجود الرغبة الصادقة، أو لعدم توفر الكفاءات المدربة، كيف تنظرون للمسألة، خاصة وأن التعدين صناعة تستطيع استيعاب عدد كبير جداً من الشباب؟
نحن شركة سعودية 100% وأهدافنا تتماشى مع أهداف وخطط الدولة، فبالإضافة إلى النهوض بالصناعة التعدينية نضع السعودة نصب أعيننا و نهتم بالشباب السعودي ونحن نسعى لتوفير (300) فرصة عمل لهم فالتعدين يحتاج إلى عمالة كبيرة.
وسيكون من المجدي أن تنشئ الدولة معهداً خاصاً بالتعدين على غرار معهد التدريب المهني والفني يمد الشركات بالطاقات الشابة.
أما بالنسبة للكفاءات العالية والخبرات فهي موجودة ولكنها تتجه للقطاع الحكومي بصفة عامة، نظراً لعدم توفر شركات تعدينية كبيرة بالمملكة، ولكن ذلك سيتلاشى شيئاً فشيئاً في المستقبل إن شاء الله.
* كنا نقرأ ونشاهد الآثار السلبية بل وأحياناً التدميرية للتعدين على البيئة والتي تحدث نتيجة لجشع الشركات أو لإهمالها ثم رأينا ذلك يحدث هنا في المملكة، فكيف يمكننا أن نستثمر في التعدين ونحافظ على البيئة في نفس الوقت؟
كما ذكرت سابقاً بأننا شركة سعودية 100% ولن نسمح بحدوث أية أضرار بالبيئة، ونعتبر هذا أولوية لدينا، بل إن من خططنا المساهمة في تحسين البيئة في مواقعنا وما يحيطها، ونقترح أن تقوم الدولة بتفعيل الأنظمة والقوانين الصارمة وتطبيقها على من يجرؤ على تدمير البيئة أو تسميم المياه وسن قوانين لحماية البيئة والإنسان والماء والهواء والطبيعة.
* بلغة الأرقام ما هي الجدوى الحقيقية للتعدين، وما أثر ذلك على الاقتصاد السعودي، وما تأثيره على المواطن ؟!
يصل حجم الاستثمار في قطاع التعدين إلى ما يقارب الثلاثين مليار ريال، وهو إلى ارتفاع، ويفترض أن يكون التعدين واحداً من أهم الركائز الأساسية لدعم الاقتصاد الوطني، وهو يصب في صالح المواطن أولاً وأخيراً، ليس من الناحية الاقتصادية فحسب بل من ناحية فتح آفاق جديدة لفرص العمل، وتطوير المناطق التي يتم فيها التعدين ومدّها بالخدمات الأساسية، وتطويرها.
* يمتنع كثير من رجال الاعمال عن الاستثمار في التعدين لصعوبة هذه الصناعة، ولعدم معرفة هذا النشاط الاقتصادي لعدم تواجده أصلاً بالمملكة، وهذا من أهم الأسباب التي تعيق رأس المال من التوجه لصناعة التعدين، ماهو رأيكم بهذا التحليل؟!
ذكرنا أثناء الحوار مجموعة نقاط جديرة بجذب المستثمر منها تسهيل الإجراءات القانونية والحصول على التراخيص، والدعم المادي وتسهيل القروض، وتهيئة المناخ التعديني كتوفير المختبرات المتخصصة، وتدريب الشباب السعودي، وتأهيله لهذا القطاع، فالتعدين مستقبل الاقتصاد الوطني وينبغي تهيئته لاحتلال الدور الكبير الذي من المفترض أن يقوم به لدعم الاقتصاد الوطني .
* ماهو التأثير الذي يحدثه دخول المستثمر الأجنبي على هذا القطاع، وعلى مناجم بشكل خاص؟!
طبعاً الشركات الأجنبية لن يكون قلبها على الوطن كما هو حالنا، وهي ستأتي بخبرتها الطويلة وخبرائها وعينها على الربح فقط، وستذهب عوائدها إلى الخارج بينما تصب عوائد المستثمر الوطني في الداخل لمصلحة الاقتصاد الوطني ، عدا توفير فرص العمل للمواطنين كما قلنا، ولكن لإحقاق الحق فنحن بحاجة إلى الشركات العالمية للاستثمار بهذا القطاع للاستفادة من خبراتها وتجاربها الكبيرة ولاستخدامها في صناعة التعدين التقنيات المتطورة التي تستخدم في مراحل الاستكشاف والتحاليل وتنفيذ برامج الأنشطة التعدينية على أرض الواقع.
* هل يمكننا التعرف أكثر على مشروع الخنيقية، وما هي الفوائد التي سيجنيها أبناء هذا المنطقة من هذا الاستثمار؟
تقع الخنيقية على بعد 35 كيلو متر شمال مدينة القويعية والتي بدورها تبعد حوالي 180 كم عن عاصمتنا الرياض شرقاً وتقدر الدراسات التي قامت بها وزارة البترول المخزون الاستراتيجي فيها بـ 50 مليون طن من المادة الخام من الزنك والنحاس وذلك من موقعي تمعدن ، وتتجاوز تكلفة المشروع 500 مليون ريال، وسيحقق عوائد اقتصادية جيدة بإذن الله وسيوفر فرص عمل لسكان الخنيقية وكذلك منطقة القويعية، إضافة للانتعاش الاقتصادي وللتطور العمراني وتوفير البنى التحتية والخدمات للمناطق المجاورة للموقع إن شاء الله.
ولشركة مناجم العربية هدف سامٍ وهو تأهيل أبناء المنطقة وإعطائهم فرص العمل للمشاركة بهذا المشروع الحيوي لمنطقتهم وللمملكة إن شاء الله، ونتمنى من الله العلي القدير أن يمكن أبناء وشباب المنطقة من المثابرة والأخذ بالأسباب وبذل الجهد المخلص والمشاركة الصادقة مع شركة مناجم العربية المتحدة في بناء هذا الصرح الصناعي الذي سيكون بإذن الله تعالى إضافة مهمة لمملكتنا الحبيبة ولاقتصادنا الوطني.