بدأ العد التنازلي للحملة التمهيدية، لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وبدأ السباق الماراثوني المحموم بين المتنافسين على ترشيح الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الانتخابات التي سوف تتم في نوفمبر المقبل، وعادة ما ينصب اهتمام الولايات المتحدة، في مثل هذه المساحة الزمنية على انتخاباتها الرئاسية، التي تجري في العادة جنباً إلى جنب مع الانتخابات الجزئية لمجلسي النواب والشيوخ. المألوف دائماً أن الإدارة الأمريكية في نهاية رئاستها تستنفر جهودها قاطبة؛ للتركيز على فوز الرئيس بولاية أخرى وأخيرة، وتتفانى في سبيل دعم حظوظ الحزب في انتخابات الكونجرس، وفي المقابل تظل الإدارة غير قادرة على اعتماد قرارات ذات قدر عال من الجوهرية؛ ولهذا تنعت في أواخر أيامها بالبطة العرجاء. أما إذا كانت الإدارة الأمريكية تعيش ولايتها الثانية، كما الوضعية التي عليها إدارة الرئيس جورج بوش، فإن الجهود هنا توظف لمظاهرة مرشح الحزب في الانتخابات، ومعاضدة مرشحيه لمجلس النواب ومجلس الشيوخ.
الانتخابات التمهيدية التي انبعثت قبل فترة وجيزة من ولاية أيوا جرت فيها المنافسة داخل الحزب الديمقراطي بين المرشح الأسمر من أصل إفريقي باراك أوباما، وهيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وقد انتصر باراك أوباما في ولاية أيوا، وفازت هيلاري كلينتون هي الأخرى في ولاية نيوهامبشاير. كثير من الفقهاء السياسيين يؤكدون عدم استعداد الذهنية الأمريكية لقبول رئيس يتمتع ببشرة سمراء، ولا سيدة لإدارة البيت الأبيض. نعم قد سبق للقس جيسي جاكسون ذي البنية السمراء أن خاض المنافسة، لكن تعذر عليه الاستمرار فيها، وغادر السباق على نحو عاجل. باراك أوباما يبدو أنه يحظى بمساندة شرائح متلونة من الشعب الأمريكي الذي يرى في أوباما الكفاءة العالية المؤهلة للتغيير. باراك أوباما خريج هارفارد يبدو أنه يشكل لوناً آخر لم يعتده الناخب الأمريكي. أوباما سبق أن رفض منصب قاض بالمحكمة العليا في واشنطن واتجه لممارسة المحاماة والذود عن الفقراء والطبقة الكادحة في شيكاجو. أوباما ببرنامجه السياسي، وبشبكة علاقاته الواسعة، وبفعل عدم اكتراثه بالأبعاد العرقية والانتماءات ذات المنحى الطبقي، وبتجافيه عن الشعارات الجوفاء التي كثيراً ما اكتوى بها الناخب الأمريكي، قد يكون مؤهلاً بنسبة عالية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي؛ ومن ثم ولوج المنافسة على الفوز بكرسي الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل.