في عالمنا اليوم هناك ندرة ومحدودية في الموارد المتاحة ليس في الاقتصاد وحده، بل إن القيادات والوظائف الإدارية هي الأخرى أصبحت محدودة جراء التقدم المذهل في العلم والتقنية، وتتباهي العديد من منشآت الأعمال بأنها قد أنقصت وقت دورة الإنتاج وقلصت الزمن اللازم لتطوير منتجاتها الجديدة، والنتيجة، زيادة الأرباح مقابل الاستغناء عن مئات العاملين. ولقد أصبح موضوع اتخاذ القرار بشأن إبقاء أو إعفاء إدارة المنشأة من الموضوعات السيكولوجية التي تجذب اهتمام الباحثين، بسبب سعي أصحاب الخبرة للحفاظ على مناصبهم الإدارية ووظائفهم حتى أصبحوا بمرور الزمن (بيروقراطيين).
هنا يطرح تساؤل، ما موقف الإدارة العليا من الشخص صاحب الخبرة والأسرار الوظيفية المالية أو الإدارية، الذي يختفي فجأة ولديه كافة الأسرار والمعلومات؟ هنا سيظهر الخط الثاني (البديل) ولكن ليس لديه الأسرار الكاملة بل ربما أنصافها وسيعمل عند مواجهته أية مسألة وفق الحالات السابقة وعلى شاكلتها دون إبداء ما هو جديد أو حتى تقديم بعض الملاحظات! إذن مسيرة العمل الإداري لن تتوقف بل ستتعثر، وبالتأكيد ستتبدد ولن تتجدد، ما الحل إذن؟ لا بد أن تسعى المنشآت إلى خلق بدائل من المؤهلين بقدرات إدارية وعلمية وأفكار جديدة وكفاءات تستطيع النهوض بواجبها دون أن تكون عبئاً على استقرار مسيرة العمل. يحكى أن مديراً تنفيذياً بعث شخصية ذات قدرات محدودة ليكون بديلاً للمدير الإداري عند غيابه، إلا أن المدير الإداري بما يمتلكه من دهاء ومكر، همشه، وجعله يناضل دون الحصول على أي مفتاح من مفاتيح اللعبة الإدارية البيروقراطية، وما أكثر هذا النوع من المديرين اليوم.
أظهرت دراسة أجرتها كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد أن احتمالات قيام مجالس إدارات الشركات بعزل الرئيس التنفيذي أضحت أكبر بنسبة 30% اليوم عما كانت عليه منذ عشرة أعوام، ومما لا شك فيه أن أسباباً متداخلة تكمن وراء تناقص فترة تولي الرؤساء التنفيذيين لمناصبهم إلى النصف؛ منها المنافسة المفرطة، وسرعة تقلبات عصر الإنترنت، والعولمة، علاوة على عمليات اندماج الشركات التي بلغت قيمتها تريليونات الدولارات، ومما يدل على الاهتمام بهذه القضية قيام مجلة فورتشن بجعل موضوع غلاف أحد أعدادها يتناول قصة عشرة مديرين تنفيذيين مرموقين قررت مجالس إدارات شركاتهم عزلهم من مناصبهم لأسباب إدارية متعددة من أهمها تقادم الأفكار وعدم التجديد والنهوض بشركاتهم بما هو أجود.
إذن لا بد من توفر قدرات ومواهب يمتلكها المدير البديل لكي يستحوذ على المقابل واتخاذ القرارات المناطة به دون تردد أو إخفاق، ويمكن للمدير التنفيذي اكتشاف الموهبة الخفية لدى بدلائه، حتى لو كان صاحبها نفسه لا يعلم بوجودها. كما يمكنه تفعيلها بتعليم صاحبها مهارات جديدة أو زيادة معرفته واطلاعه على معلومات أكثر في الحقل نفسه.
Fax2325320@ yahoo.com