تؤكد التصريحات التي أطلقها المسؤولون الأمريكيون والفرنسيون وعلى رأسهم الرئيسان الأمريكي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي في الأيام القليلة الماضية الثقل الكبير التي تحتله المملكة في المنطقة العربية والعالم، ولذلك سعى الرئيسان خلال زيارتهما للمملكة إلى أن يحظيا من المملكة بتأكيدات حول بعض القضايا الساخنة، مثل الأزمة اللبنانية، والملف النووي، والسلام في الشرق الأوسط، والنفط.
وعلى الرغم من الصداقة الكبيرة التي تجمع المملكة بعدد كبير من دول العالم، وخاصة الدول الكبرى كأمريكا وفرنسا إلا أن المملكة لا يمكن أن تقدم أكثر مما يفرض عليها واجبها الإسلامي والقومي، فهي تتبع سياسة مستقلة تمليها عليها مصالحها ومصالح الأمتين العربية والإسلامية، وكل ما يخدم السلام العالمي، ولذلك فهي تتبع دبلوماسية حكيمة وهادئة، وتتخذ قراراتها بعناية دون أن تنساق خلف سياسات قد لا تخدم المنطقة والعالم.
فسياسة المملكة تجاه الأزمة اللبنانية على سبيل المثال واضح، فهي تدعم الوفاق اللبناني اللبناني، وتؤيد بقوة المبادرة العربية لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وصياغة قانون انتخابي جديد. كما أنها ضد سياسة العنف لحل الاشكالات السياسية، وهي في ذلك تتفق تماماً من وجهة النظر الفرنسية في هذا الموضوع.
كما أن المملكة ساهمت إلى حد كبير في أن يعم السلام في الشرق الأوسط، وقدمت مبادرة شجاعة للسلام، وافق عليها العرب جمعياً، وذهبت إلى أنابوليس لدفع عملية السلام قدما، ويأتي الدور على إسرائيل لأن تكون صادقة مع العرب، وأن تبدي رغبتها في السلام، عبر الانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967م، وحل قضايا المستوطنات واللاجئين عبر مفاوضات جادة مع الطرف الفلسطيني. وبالتالي، فإن المملكة لا يمكن أن تقدم أكثر مما قدمت لإبداء حسن نيتها ونية العرب.
أما إيران فإنها دولة جارة ومهمة في المنطقة، والمملكة تحرص على حسن الجوار معها، ولا ترغب في أن تتعرض المنطقة لخطر مواجهة قد تجر المنطقة لأزمة خطيرة لا يمكن توقع أحداثها أو نهايتها. ولذلك فإن المملكة حذرة مع الدعوات الأمريكية التي تسعى إلى مجابهة إيران أو عزلها، في الوقت الذي تدعو فيه المملكة إلى أن تكون المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ليس منطقة الخليج فحسب، وإنما المنطقة العربية بأكملها.