العلاقة السعودية الأمريكية وإن انتابها شيء من الاختلاف في وجهات النظر في بعض الأحيان, فإن ذلك الاختلاف لا يعدو كونه سحابة صيف اعتيادية تمر دائماً في فضاء العلاقات الثنائية بين الدول المبنية على شيء من الاحترام والتشاور والتوفيق، وقبل ذلك الندية الإيجابية التي تظهر بشكل جلي حيال الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
فبعد أن تجاوز هذه العلاقة عقدة الحادي عشر من سبتمر وما حاول البعض الصاقه بالمملكة من تهم أثبتت جهودها الجلية حيالها براءتها منها، بل أثبت وقائع الأحداث أنها كانت إحدى ضحاياها الذين اكتووا بنارها وعانوا منها كما عانت منها الكثير من الدول في العالم, ونعني بذلك آفة الإرهاب التي انتشرت واستشرت في العالم، وحاول البعض استغلالها لضرب العلاقة السعودية الأمريكية وتنغيص مساراتها الإيجابية.
والآن ومع زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى الرياض ينضح إناء الواقع المستندة عليه هذه العلاقة الثنائية بعدة قضايا وإشكاليات تتوجب النظر إليها بعين الاعتبار وأخذها على محمل الجد لتحقيق الأهداف المشتركة التي تتلخص في إحلال السلام في الشرق الأوسط وحلحلة بؤر التوتر والاحتقان فيه, وإبعاد أرض المنطقة عن هزات الارتباك السياسي سواء كان ذلك على الأمد القريب أو البعيد.
فالمملكة وانطلاقاً من محوريتها في العالم العربي والإسلامي وفي المنظومة الدولية جمعاء بذلت الغالي والنفيس في سبيل إرساء قواعد السلام والاستقرار في المنطقة الشرق أوسطية، وقدمت المبادرات الشجاعة للسلام التي أسقطت ورقة التوت عن جميع الأدعياء، وكان وما زال لسان سياستها الخارجية يلهج بالتأكيد على ضرورة إبعاد الشرق الأوسط والخليج عن أي مغامرات أو مناطحات عسكرية أو سياسية تعيد له ويلات ما مرَّ عليه من حروب وزلازل أمنية ساعدت على تأخير مشروعات التنمية به وعطلت عجلة النماء فيه، وزادت من الشعور بالإحباط لدى شعوبه.
انطلاقاً من هذه الأدوار الخلاقة للمملكة العربية السعودية، وانطلاقاً أيضاً من محورية العلاقة السعودية الأمريكية، فإن الجانب الأمريكي يقع على عاتقه عدة مسئوليات يتوجب على الإدارة الأمريكية الالتفات إليها, وإعطائها ما تحتاجه من الاهتمام والجهد. فإن كان الملف النووي الإيراني هو ما يثير هاجس واشنطن، فإن شعوب المنطقة واستقرارها باتت مهددة بعسكرة القضايا واتباع الأساليب العسكرية التي تنتهجها إسرائيل في علاقاتها مع الفلسطينين ومماطلتها التي باتت بحاجة إلى ضغط أمريكي بكل ما تعنيه الكلمة من أجل تقديم تنازلات السلام وفهم معطياته, وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقة التاريخية المستلبة التي تتفق كل شعوب الأرض على عدالتها وإنسانية قضيته.
كما أن القضية الفلسطينية وثأثيرها على أمن واستقرار المنطقة لا يختلف عنه بكثير ما قد تحبل به قادمات الأيام من نتائج المبارزة الأمريكية الإيرانية الآخذة في الشد والجذب بين الطرفين والتي لا سبيل إلى إطفاء نيران تهديداتها إلا بالاعتماد على الطرق السلمية والدبوماسية, لضمان عدم انفجارها في وجه منطقة أصبحت القلاقل والمنغصات السياسية بها عنواناً كبيراً يجرح عيون كل الحريصين على استقرارها ويحبط الاعتدال والعقلانية بها سواء كان ذلك عن طريق عوامل داخلية أو أخرى قادمة من فضاء الخارج البعيد.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244