الخليج منطقة حساسة للغاية بحكم موقعها الاستراتيجي وامتلاكها لأكبر احتياطيات العالم من النفط والغاز، وهي لا تتحمل مزيدا من الأعمال العسكرية، لأن أي عمل غير مدروس في هذه المنطقة سيؤثر سلبا للغاية على الاقتصاد العالمي وسيحدث فيه هزات كبيرة، وبالتالي، فإن الدبلوماسية لحل الملفات الساخنة من أهم الأدوات اللازمة لتطويق الأزمات ومنع استفحالها، وتطورها لما هو أسوأ.
حادثة هرمز الأخيرة والتي كادت الأحد الماضي أن تتطور إلى اشتباك مسلح بين زوارق إيرانية وبوارج أمريكية في غاية الخطورة، وتؤكد أن مثل هذه الحوادث قد تقع في أية لحظة من لحظات التهور وعدم دراسة الأمور بتأني.
ومن استمع للشريط المسجل الذي بثته وزارة الدفاع الأمريكية يثبت بأن هناك تهوراً في التعامل مع الحادثة، فالإيرانيون قالوا إنهم سيفجرون البوارج بعد بضع دقائق، والأمريكيون يردون عليهم بأنهم سيفجرون الزوارق بعد دقيقتين فقط، في تحرش أقرب للعبثية وأبعد عن الإحساس بالمسؤولية.
وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس نفسه أكد أن هناك خطراً حقيقياً في وقوع حادث أو حدوث تصعيد، وحادثة مضيق هرمز لم تكن الأولى بل إن حادثتين إلى ثلاثة من هذا النوع وقعت في السابق كما قال غيتس، ولكنها لم تكن بنفس الجسامة، وهذا يعني أن المستقبل قد يفاجئنا بحوادث جديدة، وربما إحداها تشعل الفتيل لانفجار جديد، وعندها قد يصبح من الصعب التحكم بتسلسل الأحداث لأنها حتما ستكون متسارعة، وربما تتفاقم إلى حرب دولية جديدة، ستهدد أمن المنطقة والعالم.
والمنطقة كلها ستتورط في اقتتال ليس في مصلحتها، ولن يخدمها في شيء سوى الدخول في أزمة جديدة تضاف إلى أزمات الخليج المتعاقبة.
لقد شهدت منطقة الخليج خلال قرابة خمس وعشرين سنة ثلاثة حروب دولية، وما يزال العراق تحت الاحتلال، وضحية للتدخلات الخارجية، ولا يمكن القبول بفكرة أن تدخل المنطقة في حرب رابعة تحت أية حجة، لأن سابقاتها أنهكت اقتصاديات دول الخليج، ولوثت بيئته، ووضعته على فوهة بركان قابل للانفجار من جديد كلما خمد، ولا شك أن هذا يأتي على حساب شعوب المنطقة التواقة للأمن والسلام.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244