يمكن القول إن الجهل أساس كل مشكلة، وبدون مكافحته والقضاء عليه لا يمكن توقع حلول ناجعة للظواهر المرتبطة به سواء على المستوى الاقتصادي أو الصحي أو الاجتماعي أو الأمني.
التقرير الذي نشرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) حول واقع الأمية في العالم العربية مروع ويدق ناقوس الخطر،إذ إنه يشير إلى أن عدد الأميين في العالم العربي يبلغ قرابة 100 مليون نسمة. أي أن ثلث العرب أميون. كما يشير التقرير إلى أن نصف النساء العربيات أميات.
لا بد من التحرك فورا لمراجعة استراتيجية مكافحة الأمية في البلاد العربية منذ بدء العمل بها عام 1976م، ودراسة جوانب النقص فيها، وكشف أسباب عدم قدرتها على مكافحة الأمية بالشكل المطلوب. وقد يتطلب الأمر وضع استراتيجية عربية جديدة لمكافحة الأمية بشتى الوسائل الحديثة، وعدم الاكتفاء بالأساليب التقليدية، لتشمل المناهج وطرق التدريس، والمباني المدرسية، وصياغة الأنظمة والقوانين التي تلزم أولياء الأمور بتعليم أبنائهم.
إن الأمية ظاهرة تهدد الأمن القومي العربي، لأنها تسهم في تفاقم مشكلات أمنية واقتصادية وصحية خطيرة. فلا يمكن النجاح في القضاء على الإرهاب مثلا في ظل بيئة تعاني من الجهل. فالإرهاب ليست مشكلة أمنية فحسب وإنما هي مشكلة فكرية بالأساس، ومن أجل التحصين ضد الفكر الإرهابي لا بد من التسلح بالعلم، ولا يمكن ذلك بدون القدرة على القراءة والكتابة وهي الأدوات الأولى لطلب العلم.
كذلك لا يمكن لمجتمعات أن تتطور صناعيا وتنافس العالم وشعوبها غارقة في ظلامات الجهل والتخلف العلمي، كما لا يمكن أن تتحصن هذه المجتمعات من الأوبئة والأمراض الفتاكة دون التثقيف والتنوير بهذه الأمراض وكيفية التحصن منها، وهذه أمثلة بسيطة على الظواهر الخطيرة المرتبطة بالأمية.
إن الشعوب غير المتعلمة لا تستطيع أن تحل مشكلاتها، ولا أن تتطور، بل إنها تصبح فريسة سهلة لأعدائها، فالانتصار اليوم هو بالكلمة قبل الرصاصة. أما الشعوب المتعلمة فإنها لا تموت، مهما واجهت من أخطار. والأمثلة على ذلك كثيرة، فاليابان لم يكن لها أن تنهض مرة أخرى بعد سحقها في الحرب العالمية الثانية إلا بالعلم، وأوروبا التي أنهكتها الحروب سلكت طريق العلم لامتطاء صهوة الحضارة. فالعلم هو أول خطوة في طريق الحضارة، وبدونه سيظل العرب في آخر الركب الحضاري.
****
لإبدا الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244