Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/01/2008 G Issue 12886
الاقتصادية
الاربعاء 01 محرم 1429   العدد  12886
رؤية إدارية
من كراسي البحث إلى حاضنات التقنية
م. يوسف الحضيف

لقد كانت مبادرة جامعة الملك سعود من خلال كراسي البحث رائعة لتوفير الدعم المالي للأبحاث والباحثين، وهاهي مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بمبادرة جميلة أخرى تدعم أفكار هؤلاء الباحثين لتحولها إلى مشاريع وواقع ملموس من خلال حاضنة التقنية السعودية. والجميل أن ترى شركات وطنية رائدة تساهم في كليهما مثل شركة الاتصالات السعودية.

إن فكرة حاضنات الأعمال الأساسية هي عملية تحويل البحوث والتطوير من أروقة المختبرات والجامعات إلى مشاريع تفيد المستهلكين في مختلف الأسواق من خلال الدعم المالي، والدعم الإداري وعمل الدراسات والدعم التشغيلي، والتسويق، والنفاذ إلى قاعدة عملاء الشركة المشاركة في الحاضنة، واستغلال العلاقات العامة لتأمين الحلفاء, الشركاء, العملاء.

إن الدور الذي تلعبه الأعمال الصغيرة، يعتبر سمة عامة للهيكل الاقتصادي لأي بلد، وإنها الموظف الرئيسي لليد العاملة في معظم دول العالم، حيث تراوحت نسبة مساهمتها في إيطاليا إلى الثلثين، وفي أمريكا يبلغ نصف الأيدي العاملة من هذه المنشات، سواء الصغيرة والمتوسطة، إلا أن الدور الذي تلعبه المنشآت الصغيرة في الاقتصاد الوطني لدينا مازال دوراً دون المستوى المطلوب ولا يحقق المساهمة المعروفة عنها كأداة فعالة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورغم قيام صناديق التمويل الحكومية المتخصصة بتوفير التمويل لبعض المنشآت الصغيرة، إلا أن هذا القطاع يفتقد إلى دعم الشركات الوطنية الكبيرة في إعطاء الفرص لأصحاب الأفكار والأعمال الصغيرة والمتوسطة في المساهمة في سد احتياجات الشركات الكبيرة من خدمات ومنتجات.

وبناءً على أهمية دور الشركات الوطنية الكبيرة في المملكة والأدوار التي تلعبها في تطوير ودعم هذه الشريحة من الشركات (المنشآت الصغيرة والمتوسطة)، ولذا فإن مبادرة الحاضنة التقنية السعودية سيساعد في خلق فرص وظيفية عديدة في مشاريع استثمارية ناشئة بدءاً من مراحل الحضانة وانتهاء بالدعم اللازم للتوسعات في الأعمال.

وتتلخص فكرة حاضنات الأعمال بشكل عام، في دعم النمو الاقتصادي للمملكة من خلال تبني الأفكار الاستثمارية الناشئة، ورعايتها ودعمها وحضانتها إضافة إلى تقديم خدمات تطوير الأعمال والبنية التقنية وتأمين مصادر التمويل المالي الضرورية، حتى تكبر، وعندئذ تقوم برد هذا الجميل إلى الداعمين لها من خلال الأرباح التي تنتج من هذه المشاريع.

ولحاضنات الأعمال بشكل عام، دور إستراتيجي من خلال تقليل الاعتماد على العائدات النفطية باعتبار المملكة أكبر المنتجين له، علاوة إلى تحفيز الإبداع والابتكار لدى المبدعين الذين يتقنون مجالهم ولا يوجد من يدعمهم مالياً وإرشادياً في مجال الأعمال، في تحويل الفكرة إلى واقع ملموس يفيد المجتمع بخدمات ومنتجات ووظائف جديدة، كما يفيد صاحب الفكرة بالربح وحفظ حقوق اختراعاتهم والتطور المستمر.

وتتكون حاضنة الأعمال من صندوق استثماري تساهم فيه الجهات الممولة، وتشرف عليه مدينة الملك عبدالعزيز، وستكون الشركات الداعمة لهذا الصندوق مثل شركة الاتصالات السعودية، مستفيدة من دعوة موظفيها للاستفادة من هذه الحاضنة لتبني أفكارهم الاستثمارية في مجال الاتصالات المكملة لأعمال الشركة، فكل من لديه فكرة استثمارية من موظفيها فهو أولى بالتمويل والرعاية وحضانة مشروعه، خاصة إذا كانت هذه الفكرة مما يساهم تسويق أو تطوير خدمات الشركة الأساسية، بدلا من أن يستقيل من الشركة ويغامر في تحويشة العمر والتي قد لا تنجح أحيانا كثيرة، إن مثل هذا الدعم من شركة الاتصالات السعودية ينم عن استشراف أمثل لمستقبل أعمالها ومستقبل موظفيها قبل ذلك.

وتنقسم مراحل دورة حياة الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة إلى عدة مراحل أهمها مرحلة المبادرة ومرحلة التأسيس وهاتان المرحلتان هي مرحلة الحضانة وهي مرحله نشاطها مرتكز على تطوير وتحسين المنتج، أما بالنسبة لمرحلة البداية ومرحلة التطوير ومرحلة التوسعات فهذه المراحل الثلاثة هي مراحل رأس المال المخاطر، حيث تبدأ عمليات تأسيس الشركة والبيع إلى التوسع الجغرافي وزيادة أنواع المنتجات.

إن تشجيع الاستثمار في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من خلال إنشاء حاضنات لمشاريع الاتصالات وتقنية المعلومات ما هو إلا تحقيق مباشر للهدف الثالث من أهداف الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات السبعة، والتي تسعى لبناء مجتمع المعلومات، إذ ينص الهدف الثالث على (بناء صناعة اتصالات وتقنية معلومات قوية منافسة محلياً وعالمياً من خلال البحث العلمي والإبداع والتطوير في مجالات إستراتيجية، والتعاون الإقليمي والدولي، لتصبح مصدراً رئيساً للدخل).

ونظرا لكون الحاضنة المطروحة حاليا، تقنية، فإن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية هي المشرفة عليها بشكل رئيس، وهي بذلك تكون من أوائل الحاضنات في المملكة، ولعل الحاضنات الأخرى في المجالات المختلفة، كالطبية وغيرها تأتي تباعا بمبادرة من القطاعات المختلفة في الدولة.

متخصص في التقنية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد