«الجزيرة» - فهد الشملاني - عبدالعزيز السحيمي
أرجأ الملتقى السعودي الأول لتقنيات استكشاف وإنتاج الغاز والبترول الذي أختتم أعماله أمس توصياته مدة أسبوعين، وذلك بعد الاجتماع مع الخبراء والمهتمين من أجل اكتمال التوصيات بصيغة تشمل جميع محاور الملتقى.
وكانت جلسات الملتقى قد ركزت على التحديات التي تواجه صناعة استخراج النفط والغاز في المملكة، حيث ناقش المشاركون في الجلسة الصباحية التي رأسها المهندس يحيى بن جميل شيناوي مدير عام فرع وزارة البترول والثروة المعدنية في المنطقة الشرقية، تحت عنوان: (توطين المحتوى والمعرفة التقنية الخاصة بصناعة النفط والغاز) أربعة محاور رئيسة هي الموارد البشرية وتدريب القوى العاملة، تصنيع المعدات والموارد، الخدمات، والتقنية.
ودعت الجلسة التي تحدث فيها أربعة خبراء عالميين إلى ضرورة دعم خطط توطين التقنية ودعم آلياتها والمساهمة في تطوير كوادر بحثية قادرة على توطين التقنية وتطويرها ونقل نتائج الدراسات المنجزة إلى أدوات وحلول تخدم الصناعة البترولية في المنطقة بكفاءة اقتصادية، وبما يحقق المحافظة على البيئة وينعكس إيجاباً على رفاهية المواطنين.
وتطرقت الجلسة إلى استعداد المملكة لإطلاق إستراتيجية خاصة لتوطين وتطوير تقنيات استكشاف وإنتاج البترول والغاز تهدف إلى توحيد الجهود من الجهات البحثية والجهات الأخرى في هذا المجال، والتي من المتوقع أن تؤتي ثمارها في المستقبل المنظور.
ومن بين التحديات التي حددها الخطة الوطنية للعلوم والتقنية وجود نسبة عالية من عنصر الكبريت في النفط وكيفية التخلص منه، وكذلك ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون وكيفية تقليل نسبته في النفط للتخفيف من أضراره على البيئة.
ومن التحديات أيضاً وجود مشكلة في معرفة قاع الرسوبيات وتحديد قاع الرسوبيات، وكذلك تحديد صخور المصدر للنفط وأنظمة النفط، على اعتبار أن كل هذه الأمور تحتاج إلى دراسات دقيقة ومتعمقة.
وتشمل التحديات التي تواجه صناعة استخراج النفط والغاز في المملكة عدم توفر أرقام وبيانات دقيقة ومعلومات بترولية كافية يمكن الاستفادة منها من قبل الباحثين لإعداد دراسة وأبحاث في هذا المجال، إذْ تواجه الباحثين مشكلة عدم توفر المعلومات عن أنواع وعينات الصخور وغيرها من المعلومات والمغيبة عنهم أصلا من قبل شركات النفط والغاز حفاظاً على السرية، وكذلك الحاجة إلى سرعة جمع المعلومات السايزمية الخاصة بالاستكشاف وقيمة الحفر وتكلفة الحفر وغيرها.
يشار إلى أن أبرز ملامح إستراتيجية توطين التقنية، هو اعتمادها على رؤية بعيدة المدى تصل إلى 20 سنة مقبلة تعكس الواقع المتمثل في اعتماد المملكة على الثروات البترولية وامتلاك المملكة مثل هذه الثروة بكميات كبيرة سواء المكتشف منها أو المتوقع اكتشافه، وذلك باستغلال مكانة المملكة المتمثلة في المخزون الكبير، وبمساعدة الطرق المبتكرة لاستكشافات حقول جديدة تضم الغاز وتعزيز الاستخلاص في الحقول القائمة, لضمان السيطرة على الصناعة البترولية وصناعة البتروكيماويات.
وتتمثل هذه الرؤية في تحقيق القدرة والريادة التقنية للمملكة في إيجاد واستخراج جميع الموارد النفطية الموجودة في أرض الوطن، وتكوين بيئة بحث وتطوير فعالة في تقنيات استكشاف وإنتاج البترول والغاز من خلال عدة أمور هي: البناء الموجه لبنية تحتية متكاملة وطاقات بشرية مؤهلة، وضع النظم والسياسات وتفعيل المشاركة والتعاون والتنسيق بين القطاعات البحثية وشركات البترول والخدمات البترولية، إلى جانب توطين وتطوير تقنيات استكشاف وإنتاج البترول والغاز لحل المشكلات الرئيسة ورفع الأداء وتخفيض التكاليف. وينتظر أن تسهم الإستراتيجية بحلول عام 2025م توفير التقنيات والسبل القادمة على تحقيق عدة أهداف هي: توفير وتعامل أفضل وبانفتاح لمعلومات البترول والغاز المطلوبة للعمل البحثي، وكذلك توفير جميع المعلومات الجيولوجية والهندسية رقمياً وبصورة آنية وسهلة للباحثين، إضافة إلى تطوير الموارد البشرية من ناحية العدد والنوع والتعليم في مجالات البترول والغاز، حيث ستتم زيادة عدد الحاصلين على درجة الدكتوراه في مجالات الاستكشاف والإنتاج بنسبة 1000 في المائة (أو الوصول إلى عدد 1000 باحث).
من ضمن الأهداف الاستراتيجية التي نسعى إلى تحقيقها أيضاً تعزيز المخزون النفطي وقدرة استخلاصه، إضافة إلى تخفيض التكلفة بنسبة 20 في المائة لبرميل الحقول اليابسة و50 في المائة لبرميل الحقول البحرية، واستعجال وتحسين كفاءة الاستكشاف والحفر من خلال تسريع جمع المعلومات السايزمية على اليابسة وكذلك مدة الحفر والإنتاج الأولي بمعدل 50 في المائة قبل عام 2020م.
وتشمل الأهداف الإستراتيجية أيضاً تخفيض تسرب الملوثات في الآبار من خلال وقف التسرب من آبار البحر الأحمر وتخفيض التسرب في اليابسة والخليج العربي للحد الأدنى، وكذلك استكمال المعلومات الجيولوجية الخاصة بالنفط والغاز مثل استكمال جميع النواقص الممكن توفرها من المعلومات الجيولوجية البترولية، إلى جانب تطوير وتوطين الخدمات التقنية في النفط والغاز من خلال توفير 50 في المائة على الأقل من الخدمات التقنية (مثل البرامج) المطلوبة محليا في المملكة.
من جهة ثانية اعتبر صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، خلال حضوره ملتقى تقنيات استكشاف وإنتاج البترول والغاز الطبيعي أن تنظيم الملتقى جاء في الوقت الذي كان فيه الوسط الاقتصادي ينتظر معرفة مستقبل الطاقة في المملكة، مشيداً بمضمون الملتقى وما طرحه من أوراق علمية لتبقى المملكة مصدراً آمناً للطاقة.
وقال الأمير سعود بن ثنيان: (إن ما شاهدناه يدعو للتفاؤل)، معلقاً على كلمة وزير البترول والثروة المعدنية التي تحدثت عن ربط التقنيات الجديدة بدعم اكتشاف مزيد من الاحتياطات للنفط والغاز يؤكد بشكل واضح أن المملكة ستظل مصدراً آمناً للطاقة، وستساهم في تنمية الحياة البشرية على مستوى العالم بشكل عام وعلى المستوى الداخلي بشكل خاص.
ومن جانب آخر طالب سليمان الخليفي رئيس مجلس المديرين في شركة توزيع الغاز الطبيعي المحدودة، وزارة البترول والثروة المعدنية، بضرورة توفير الغاز للمناطق الصناعية في جميع أنحاء المملكة، لأن ذلك سيحدث نقلة نوعية عظيمة في مجال الصناعات.
وأوضح الخليفي خلال حضوره المعرض المقام على هامش الملتقى السعودية لتقنيات استكشاف البترول والغاز الطبيعي، أن توفير الغاز للمدن الصناعية سيسهم في تخفيض تكلفة المصانع بعشرات الملايين، بل سيؤدي إلى انتعاش المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك إنقاذ المصانع المتعثرة لتصبح رابحة.
وقال: (إن فائدة الغاز الطبيعي ليست محصورة على التكلفة، بل له عدة فوائد فنية سواء على مستوى المعدات، أو على مستوى الإنتاج).
وأبان الخليفي أن شركة توزيع الغاز الطبيعي المحدودة - أحد الشركات المشاركة في المعرض التقني - تفخر بأنها تكون الشركة الأولى في المملكة التي حصلت على ترخيص من قبل وزارة البترول والثروة المعدنية في توزيع الغاز الطبيعي عن طريق الأنابيب إلى المصانع الموجودة في المدينة الصناعية الثانية في مدينة الرياض، مشيراً إلى أن شركته تخدم حاليا أكثر من 40 مصنعاً، لكنه قال: (على الرغم من صغر حجم الشركة إلا أن فائدتها وقيمتها للصناعة كبيرة جداً).