Al Jazirah NewsPaper Monday  31/12/2007 G Issue 12877
رأي الجزيرة
الأثنين 22 ذو الحجة 1428   العدد  12877
مسميات ومفاهيم من العالم العربي

في كل يوم يظهر علينا العالم الغربي بمفاهيم وقناعات تساهم في بناء مجتمعاته وتكرس صلابة الوحدة والاستقرار الاجتماعي والتنموي بها، من خلال اعتمادها على نسق فكري وسياسي صلب يساهم في صهر مكونات المجتمع في بوتقة تكوينية واحدة تقوي مراسها السياسي وتزيد من جرعات المناعة بها ضد منغصات الاستقرار الاجتماعي والحضاري، وتقوي أيضا شوكة تلك المجتمعات في مقارعة الأمم الأخرى ومناطحتها في حلبة الصراع على المصالح الدولية، ولا يعني ما تقدم أننا نطلق صفة التعميم بالإيجابية على المجتمعات الغربية التي أيضاً بها من السلبيات ما يذكر، ولكننا نتحدث هنا عن متانة المأسسة وحيادية القانون وأولويات التشريع وغيرها من المفاهيم الفكرية والسياسية التي تكون بمثابة الدرع والترس الحامي للاستقرار والديمومة السياسية والاجتماعية.

في العالم العربي الذي يمر بأشد مراحله التأزمية ينضح إناء الواقع بعدة مفاهيم وإشكاليات تجثم على صدر المجتمعات وتعطل مسيرتها التنموية، وتهدد استقرارها السياسي وتتعدى ذلك في أحيان كثيرة إلى تهديد وحدتها الوطنية, فمن آفة التمذهب السياسي الذي بدأ يتغلغل إلى كثير من المجتمعات العربية ليطلق ظاهرة الولاء لخارج الحدود والوطن إلى انتشار ظاهرة البندقية الضالة وتوظيفها لصالح الغير لخدمة الأغراض والمصالح الأجنبية على أرض الوطن، مروراً بتنامي النزعات الفئوية والاثنية التي تطورت بها الطموحات في بعض الأحيان إلى حد المطالبة بالانسلاخ والانفصال عن البلد الأم، وليس ببعيد عن ذلك انتشار وتغلغل التحزب الأيدولوجي والسياسي الذي عطّل عمل كثير من الحكومات وسمح بتدخل الدول الأخرى في القرار الداخلي وساهم في جرّ كثير من الدول العربية إلى المحالفات والارتباطات الإقليمية البغيضة، وعطّل عمل المجتمعات العربية، وخلق الأزمات السياسية الكبيرة حتى أضحى العالم العربي مرتعاً لها ولإرهاصاتها ذات الديمومة ولأمد طويل.

إنَّ أكثر ما يحتاج إليه العالم العربي في ظل ما يمر به من احتقانات وتقهقر إنساني وحضاري يتمثل في بذل المزيد من الجهود لأجل خلق نُسُق فكرية وسياسية جامعة تتولى حفظ بيضة الشعب وصيانتها من خلال وضع القيم والمفاهيم بل والموانع التي تحول دون انتشار الظواهر آنفة الذكر، وتحول كل مجتمع عربي إلى ورشة عمل تنموية يحكمها القانون وتحميها التشريعات وتدفع بها إلى مصاف الدول والمجتمعات المتقدمة، وتحميها من عوامل عدم الاستقرار والتجانس الاجتماعي والمذهبي التي أصبحت بمثابة مسمار جحا الذي يرمى في كل بلد عربي لأجل العودة والدخول إليه من أوسع الأبواب.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد