شيكاجو - (رويترز) - من كريستين ستيبنز وبيتر بوهان
من المنتظر أن تواصل أسعار الحبوب العالمية المرتفعة دفع التضخم في أسعار السلع الغذائية في العام المقبل مع تزايد الطلب من الصين والهند وظهور ضيف جديد هو الوقود الحيوي الذي ينذر بأن يتحول إلى أكثر المستهلكين للحبوب شراهة.
وارتفعت الأسعار عام 2007م ببورصة شيكاجو للتجارة وهي أسعار القياس العالمية للقمح والذرة والارز وفول الصويا. فزادت أسعار القمح بنسبة 90 في المئة وفول الصويا بنسبة 80 في المئة والذرة بنسبة 20 في المئة. والأسعار الأمريكية لها أهميتها لأن الولايات المتحدة مازالت سلة الغذاء بالنسبة للعالم إذ إنها أكبر مصدر منفرد للحبوب. وسيصل مخزون القمح الأمريكي في العام 2008 إلى أدنى مستوى له منذ 60 عاما ومخزون الشعير إلى أقل مستوى منذ 42 عاما.
وعملت موجات من الجفاف في المناطق ذات المناخ المعتدل بالاضافة إلى طول فترات الجفاف في بعض الدول مثل استراليا على تغذية المخاوف من أن تكون التغيرات المناخية تركت أثراً طويل الأجل على إنتاج الغذاء.
وقالت فيونا بول رئيسة أبحاث الأغذية والمشروعات الزراعية لدى مصرف رابوبنك (هذا الأمر يفزع السوق. فبالنسبة لأسواق السلع الأولية يمكن لأي حدث كبير في الطقس أن يؤدي إلى تراجع المخزونات بسرعة).
وأضاف لستر براون رئيس معهد سياسات الأرض ومؤلف كتاب (من سيطعم الصين) الذي صدر عام 1995 (ما يحدث لامداداتنا من الحبوب يؤثر على الجميع. ويشير براون إلى أن المخزونات العالمية من الحبوب انخفضت في سبع من السنوات الثماني الأخيرة. وفي 17 ديسمبر كانون الاول قالت منظمة الاغذية والزراعة (فاو) في روما: إن 37 دولة تواجه أزمات غذائية ودعت إلى تقديم مساعدات لها. والحبوب هي أساس منظومة الغذاء العالمية سواء من المواد النشوية (الكربوهيدرات) أو البروتينات من خلال العلف الذي تتغذى عليه الحيوانات المنتجة للحوم والالبان.
وإذا انتقلنا درجة أعلى في المنظومة الغذائية إلى اللحوم سنجد أنها تمثل عاملاً إضافياً لاستنزاف امدادات الحبوب لأن انتاج كيلوجرام واحد من اللحوم مثلا يحتاج كيلوجرامات عديدة من العلف. لكن الخطر الداهم على امدادات الحبوب هو الوقود الحيوي الذي أصبح محبباً لدى المزارعين ورجال السياسة وأصحاب المشروعات الزراعية. وسينتهي عام 2007 بتحويل نحو 24 في المئة من محصول الذرة القياسي في الولايات المتحدة إلى ايثانول وهي نسبة يقول محللون: إنها قد ترتفع كثيراً عن 30 في المئة في غضون عامين بعد أن وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش قانون الطاقة الأمريكي الجديد في 19 ديسمبر كانون الاول.
وقال براون (إذا حوّلنا انتاجنا بالكامل من الحبوب إلى وقود للسيارات فإنه سيلبي 16 في المئة من اجمالي احتياجاتنا من وقود السيارات. ولذلك فإنه ليس حلاً حقاً).
وأضاف أن التاريخ سيصم قانون الطاقة الأمريكي بأنه (من أعظم المآسي) لأنه صدر في وقت ينام فيه أكثر من 800 مليون شخص في العالم وهم جوعى. إلا أن محللين يقولون إنه رغم تزايد قبول المحاصيل المعدلة وراثيا فإن الانتاج سيظل يصطدم بعقبة مساحة الأرض القابلة للزراعة وموارد المياه اللازمة للري. ولذلك فإن الطلب من الدول المستوردة ومن صناعة الوقود سيعمل في الأجل القصير على تقليص المخزون العالمي من الحبوب حتى إذا لم تحدث صدمات جوية أو مناخية.