فلدى إعلان وزارة الداخلية في نهاية موسم حج هذا العام 1428هـ عن قبضها على مجموعة من الفئة الضالة التي خططت لأعمال إرهابية في مناطق متعددة داخل الوطن العزيز ومنها البقاع المقدسة بمكة والمدينة
لدى الإعلان عن ذلك امتزجت لدى المواطنين وعموم المسلمين مشاعر الابتهاج والاعتزاز بهذا الإنجاز الأمني الكبير مع مشاعر الحنق والغضب على هذه الفئة الضالة التي لم ترع الحرمات ولم تحترم ما كان المشركون يحترمونه من المناسك والمشاعر المقدسة، فضلاً عن أمة الإسلام.
أتت هذه المخططات البشعة لتضاف إلى سجلهم الأسود الذي تم فيه استهداف المسلمين، واستهداف المنشآت الحيوية للمسلمين، والتي ظهر للوهلة الأولى أنها بدعم من جهات خارجية حاقدة تستهدف بالدرجة الأولى استقرار المملكة وزعزعة أمن الحرمين الشريفين، وأنّى لهم ذلك بعون الله.
وبذلك كله، بل ببعضه قامت الحجة القاطعة على كل من سلك هذا الطريق المظلم بأنه ظالم باغ معتد أثيم وأن عاقبته إلى خزي وخسارة، قال الله تعالى {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (55) سورة الأنعام.
قال الشيخ العلامة عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ} أي: نوضحها ونبينها، ونميز بين طريق الهدى من الضلال، والغي والرشاد، ليهتدي بذلك المهتدون، ويتبين الحق الذي ينبغي شلوكه. {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} الموصلة إلى سخط الله وعذابه، فإن سبيل المجرمين إذا استبانت واتضحت، أمكن اجتنابها والبعد منها، بخلاف ما لو كانت مشتبه ملتبسة، فإنه لا يحصل هذا المقصود الجليل. انتهى.
لقد تكرر تخطيط الفئة الضالة بل واستهدافها للمنشآت الحيوية والنفطية في المملكة العربية السعودية، ومن المعلوم للقاصي والداني أن هذه الخيرات والنعم التي أفاءها الله هي عصب الأمن والاستقرار والخدمة لأعظم البقاع، حيث مكة والمدينة والمشاعر المقدسة وتوفير سبل الوصول إليها وإقامة الشعائر في رحابها.
وجملة القول: إن أفراد هذه الفئة التي خرجت على أئمتنا وروعت مجتمعنا وعثَّرت مسيرتنا، وقد مكن الله من فضحهم والإجهاز على معظم مخططاتها في مهدها، فكان بذلك كبتهم وكبت من تعاطف معهم مادياً أو معنوياً فإن نتائج أعمالهم مما أضر الإسلام والمسلمين.
فتلك الأعمال التي اقترفوها أضرت الإسلام والمسلمين.
وأساءت لسمعة الإسلام، وصدّت عنه من أراد اعتناقه.
وكان بها إهدار الدماء المعصومة، وسببوا الخوف والفزع في نفوس الجميع، وسببوا هدراً للأموال والجهود التي بذلت لكف اعتداءاتهم.
بل قد وصل هذا الإرجاف إلى أقدس البقاع حيث مكة المكرمة والمدينة النبوية المنورة، فنفذت فيها عمليات البغي والقتل والاعتداء حتى وصلت حال الضلال لجعل عبوات التفجير على هيئة مصاحف لتهريبها!! وخططوا لترويع وفود الرحمن.
فأينهم عن قول الجبار جل جلاله {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (25) سورة الحج. وقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (اللهم إن إبراهيم حرَّم مكة فجعلها حرماً، وإني حرمت المدينة حراماً ما بين مأزميها: أن لا يهراق فيها دم، ولا يُحمل فيها سلاح لقتال) الحديث رواه مسلم في صحيحه.
إن الذي حملهم على تلك الأعمال فتنة عمياء جعلتهم يندفعون هذا الاندفاع الأثيم. وستكون عاقبتهم الاندحار والتهاوي يوماً بعد آخر.
وإن ممن يشكر في هذا المقام بعد شكر الله القيادات الأمنية في المملكة وجنودهم الأوفياء وفي مقدمهم سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبدالعزيز وسمو مساعده الأمير محمد بن نايف الذين أظهر الله من حكمتهم وحنكتهم عدم إعلانهم عن هذا المخطط الأخير لاستهداف المشاعر المقدسة إلا بعد انقضاء الحج، حتى لا يؤثر ذلك على طمأنينة الحجاج وروحانيتهم لدى أداء مناسكهم، فجزاهم الله خير الجزاء وأعانهم على مهامهم الجليلة، وجزى الله قائدهم الأعلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز أفضل الجزاء وأوفاه، وأعانهم على كل ما فيه خير الوطن وخير الإسلام والمسلمين، ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
عضو اللجنة الإعلامية بالتوعية الإسلامية في الحج
khalidshaya@hotmail.com