ما أعلنته حركة فتح واتهمت به مناوئتها حركة المقاومة الإسلامية حماس حول دخول عناصر تنظيم (فتح الإسلام) إلى غزة, الذي صنَّفه البعض في خانة الاتهامات التقليدية المتبادلة بين حماس وفتح, التي أصبحت معتادة بين الحركتين, إلا أن هذه الأنباء إنْ صحت فإنها سوف تكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير بالنسبة للمشروع الوطني الفلسطيني وعدالة مقاومته ونزاهة سلاحه ونظافته, فالجميع يعلم أنَّ الفلسطينيينَ بِهِمْ ما يكفيهم من الفرقة والنزاع والتشتُّت الفئوي والأيديولوجي وليسوا بحاجةٍ إلى عنصر تفريقي جديد ليدخل على خط المقاومة ويرتدي عباءتها كما يفعل الكثير لا لشيء إلا لاستثمار تلك المقاومة والاتجار بها وتحويلها إلى ترس وحصانة اجتماعية لتبرير الكثير من الأفعال والممارسات الطائشة.
أنْ يختلفَ الفلسطينونَ وتتسع رقعة الخلاف بينهم فهذا شيء يقبله العقل ولا يثير الهلع بقدر خطورة تسلل حركات التطرف والإرهاب وركوبها قطار المقاومة الفلسطينية, التي كسبت احترام الكثير من دوائر القرار الدولي لنزاهة سلاحها وبراءته من دمويات الإرهاب والوحشية المرتبطة بتصرفات التنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة وما ينطوي تحته من فصائل وتنظيمات تؤمن بقطع الرؤوس وتمزيق البشر جماعياً في تصرفات هي بعيدة عن قناعات ومُسلَّمات المقاومة النظيفة والشريفة.
إن أكثر ما يحتاج إليه الفلسطينيونَ وهم يمرون في أزمتهم الحالية يتمثل في الحفاظ على مفاهيم ثورتهم ومسيرة نضالهم الناصعة والبريئة التي احتوت أدبياتها وسيرتها الذاتية على أروع الأمثلة في النضال الوطني الصرف، البعيد كل البعد عن مزايدات الآخرين وتدخلاتهم الرخيصة, وكنا قد حذَّرنا الإخوةَ الفلسطينيينَ فيما سبق ومن خلال هذه الافتتاحية من أنَّ أخطرَ ما يتهدد مشروعهم النضالي هو الانسياق إلى سياسة المحالفات الإقليمية البغيضة، ودعوناهم إلى الابتعاد عن محترفي (الجنبزة السياسية) الذين يُخشى أنْ تقودَهم فرقتُهم السياسيةُ إلى الارتماء بأحضان سياستهم اللامسئولة, التي أثبتت تجارب التاريخ أنها كانت من أشدِّ الوبال على حركات النضال الوطني, أما الآن فإنَّ التحذيرَ يتعدى ذلك إلى مطالبة الإخوة في غزة وفي الأراضي المحتلة عامة إلى الحرص على نظافة السلاح الفلسطيني من دنس الإرهاب ومن عشعشته بين ظهرانيهم مستغلاً عدالة القضية وكارزمية مبدأ المقاومة وحالة الانفلات الأمني, وهو الأمر الذي إنْ حدث ولم يمنعه عقلاء الفلسطينيين، فسيكون بمثابة خنق للمقاومة الفلسطينية وتسطيح لأدبيات نضالها العادل في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244