ونحن نشارف على نهاية أيام موسم الحج المبارك بكل معانيه ومفاهيمه الإسلامية السمحة التي ترجمتها وجسدتها قوافل ضيوف الرحمن القاصدة الأراضي المقدسة حاملة مئات الآلاف من أبناء العالم الإسلامي من شتى بقاع الأرض ملبين مكبرين تحدوهم في مسيرتهم وقصدهم انتماءات الدين وقناعات الفهم بوحدانية الله عز وجل، في ظل ذلك كله حفلت أيام وجود الحجاج على الأراضي المقدسة بلمحات روحانية وإضاءات تجلت في كثير من المواقف التي مرت في شاشة الأيام والمناسك السابقة، ولعل من أهمها ما جاء على لسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- من كلمات براقة ومضيئة خلال استقباله السنوي للشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثة الحج الذين يؤدون الحج هذا العام, حيث أكد خادم الحرمين في كلمته على رزمة من المفاهيم والأساسيات الإنسانية التي يجسدها الدين الإسلامي الحنيف كتأكيده -حفظه الله- أن الأديان السماوية الكبرى وما أنزل على النبي إبراهيم -عليه السلام- من حنيفية سمحة تجتمع على مبادئ كبرى وتشترك في قيم عظيمة تشكل في مجموعها مفهوم الإنسانية، وتميز الإنسان عن غيره من المخلوقات. هذه الكلمات وما تبعها من إرشادات أخوية من المليك في كلمته ليست بغريبة على رجل بقامة خادم الحرمين الشريفين، اتخذ من الانفتاح والتسامح مع الآخر وبذل الحسنى مع جميع الأطراف من غير مزايدات أو متاجرة بالقناعات والمبادئ، وتمسك بأهداف الدين الإسلامي دون إفراط أو تفريط مجسداً حقيقة الإسلام الذي أنزل هدى للبشرية ولإصلاح الإنسان وتهذيبه ورفع مستواه المعيشي والروحي وليس للإيذاء وقتل النفس البشرية. فالدين الإسلامي هو دين الرحمة والتسامح وحشد الهمم وصهر الإنسان ضمن بوتقة واحدة لتكون البشرية وحدة واحدة من خلال الانتماء لإنسانية واحدة، وهو ما يحققه الحج في الإسلام, فلا اختلاف الدين ولا تباين اللون ولا بعد المسافات ولا اللغة تقف حائلاً حول شعور الجميع لانتمائهم لإنسانية واحدة ويعبدون إلهاً واحداً.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244