صدر قبل أيام تقرير شباب العالم لعام 2007م والصادر من الأمم المتحدة، وهو تقرير يهتم بقضايا الشباب وتحديداً تلك المتعلقة بقضايا العمل والصحة والفقر والعنف وغيرها من القضايا المتعلقة بالشباب بين سن 15 و24 عاماً. ولم يكن الشباب السعودي والعربي إجمالاً بمنأى عن إشكاليات الشباب كما شخصها التقرير. حيث يظهر التقرير أن معدل البطالة بين الشباب السعودي بين سن 15 و24 عاماً بلغت نحو 38% وهذا يضع المملكة -وفقاً للتقرير- ضمن الأسوأ بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد فلسطين المحتلة والجزائر! مع العلم أن التقرير اعتمد على بيانات مصلحة الإحصاءات العامة المنشورة عام 2002م، فبيانات عام 2006م أسوء بكثير!
وفقاً لبيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات لعام 2006م، فإن هذا الرقم زاد بنسبة 20% ليصبح معدل البطالة بين الشباب في هذه الفئة العمرية نحو 45% ولتكون الصورة أكثر وضوحاً للقارئ الكريم، فإن في المملكة 587 ألف شاب بين سن 15 و24 عاماً يبحثون عن فرص العمل، بينما لم يتمكن سوى 320 ألفاً منهم من الحصول على فرص العمل!
عزيزي القارئ، عندما يدخل الاقتصاد مرحلة من الازدهار والنمو الاقتصادي فمن المتوقع غالباً أن ينعكس هذا الازدهار إيجاباً على معدلات البطالة من خلال قدرة الاقتصاد على الاستفادة من هذا النمو وتوجيهه نحو (توليد) المزيد من الوظائف بما يكفي لتخفيض معدل البطالة. غير أن هذا الأمر لم يتحقق حتى الآن في اقتصادنا الوطني، بل إن الواقع عكس ذلك! فمنذ ظهرت بوادر دورة الازدهار الاقتصادي في عام 2002م وحتى اليوم زاد النشاط الاقتصادي نحو 102% بينما -للأسف- زاد معدل البطالة بين السعوديين إجمالاً نحو 25%!
هل أتى هذا الأمر نتيجة (فشل) في التخطيط والتنفيذ من طرف القطاع العام متمثلاً بمؤسسات التعليم والتدريب من جهة والإدارة الاقتصادية ومنظومة التخطيط من جهة أخرى، والتي تتحرك (بتثاقل) بيروقراطي فريد للتعامل مع هذه الإشكالية بعد أكثر من عقد من الزمن على تفاقمها؟! أم أن السبب يعود لتنكر جزء من القطاع الخاص الوطني لأبناء جلدته، حيث لم يهبهم سوى 13% من وظائفه بينما قدم 87% من وظائفه للأجانب بعدما استفاد من (دعم) الدولة ردحاً من الزمن، مع العلم أن أكثر من نصف هذه الوظائف (الموهوبة) للأجانب قابل للتوطين في حال تجرد القطاع الخاص من عقدة (المقارنة المطلقة) بين السعودي والأجنبي؟!
لا شك أن هناك جهوداً من جميع الأطراف بغية الوصول إلى حل لإشكاليات سوق العمل السعودية، والحل في هذا الصدد واضح وضوح الشمس، ولكنه يتطلب الكثير من (التضحية المادية) والكثير الكثير من (الجدية الصادقة) من جميع الأطراف بلا استثناء! وإذا لم يتمكن الاقتصاد السعودي من الوصول إلى الحل خلال هذه الفترة المزدهرة، فإن الحل سيكون أكثر تعقيداً مستقبلاً، أما التكلفة فستكون مزيجاً من التعقيدات السياسية والاجتماعية سيدفع ثمنها الجميع!
استشاري اقتصادي
algudhea@yahoo.com