لا يختلف اثنان أن موسم أداء فريضة الحج في الديار المقدسة يعد من أهم وأثقل المسؤوليات الملقاة على عاتق الحكومة السعودية، ولا يختلف اثنان أيضاً أن الجهود المبذولة من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين في خدمة ضيوف بيت الرحمن قد حازت على احترام وتقدير القاصي والداني لما يبذل من جهود جبارة ومضنية في كل عام من أجل إتمام فريضة الحج ومرور أيامها من غير ما ينغص على الحجاج أداء فريضتهم أو يهدد مسيراتهم المرورية.
ومع ذلك وبالرغم مما يرسم وينفذ من سياسات عامة سنوية لإنجاح موسم الحج تبقى المسؤولية -وان ظهرت في تمامها سعودية- مشتركة أيضا بين الحاج والمسؤول عن تنظيم الحج، فالتوسعات التي أجريت والتعديلات والخطط المرورية الناجحة والبذل العالي في الجهد والمال والتي كان أول ثمارها ما شاهدناه أمس من أداء أكثر من مليوني مصل من الحجاج والمقيمين والمواطنين لصلاة الجمعة في الحرم المكي بكل يسر وسهولة وانسياب مروري سلس تم بحمد الله بنجاح, مع هذا يرجى أيضا من الحاج المساهمة في إنجاح هذا الموسم الديني الكبير من خلال الالتزام بتعليمات الأمن والسلامة التي تؤكد عليها الجهات المسؤولة عن الحج وتحذر من مخالفتها أو الاستهتار بها، لما لها من آثار خطيرة على سلامة الحجاج وأمنهم الشخصي والمروري، ولعل من نافلة القول التحذير من ظاهرة الافتراش، ونعني بها ما يقوم به بعض الحجاج غير المنطوين تحت رعاية حملات الحج التنظيمية من الإقامة في الطرق وافتراش الأماكن العامة والتي كان لها أثر سلبي في السنين السابقة على الأمن المروري، كما أن السير في الطريق المعاكس لمواكب الحجيج من اجل اختصار الطرق أو الالتفاف عليها يعد من التصرفات التي تهدد سلامة المواكب والمسيرات المنظمة للحجاج، أضف إلى ذلك ما يقوم به بعض الحجاج من تصرفات بعيدة عن المسؤولية وطرق الأمن والسلامة خصوصاً في محيط الخيام وأماكن السكن للحجيج من إشعال النار لاستخدامها لأغراض يمكن الاستغناء عنها من أجل الغرض الأسمى والاهم وهو الحفاظ على الأمن الجماعي من أخطار الحرائق وانتشارها في الخيم لا قدر الله.
كل ذلك وغيره من الالتزامات التي لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال تطرح قضية المسؤولية الجماعية, ونعني بها أن موسم الحج وأداء ضيوف الرحمن لفريضتهم وان كان في المقام الأول مسؤولية سعودية صرفة -ضربت بها الجهات المنظمة أروع الأمثلة في العطاء والبذل في التنظيم والإعداد- تظل أيضاً مسؤولية التزام وقناعة يجب أن تنبثق من تصرفات الحاج نفسه والتي إن توفرت مع الجهود الرسمية المبذولة فإن سلامة أداء هذه الفريضة وامن ضيوف الرحمن في مأمن بإذن الله.
