(المؤشر يخترق الحاجز)، و(المؤشر يختبر الحاجز)، و(المؤشر في طريقه إلى الحاجز)... عبارات دارجة بين كُتّاب وعشاق سوق الأسهم السعودية. هذا المؤشر (وحواجزه) أصبح جزءاً مهماً من قرارات المتداولين في سوق الأسهم؛ فقرارات البيع والشراء تقريباً تعتمد بدرجة كبيرة على موقع المؤشر من تلك الحواجز حتى أصبح محدِّداً لسلوك المتعاملين في سوق الأسهم.
فعندما يصطدم المؤشر (بقاع) ينتاب المتعامل حالة من الاكتئاب تجعله يتخبط في قراراته، وعندما يلامس (القمم) تصعد معه العقول لدرجة أن المتعامل يعتقد أنه أضحى أذكى المتعاملين؛ ما يجعله يتخبط في قراراته مرة أخرى.
مغزى القول هنا أن مؤشر سوق الأسهم السعودية محدِّد مهم لقرارات البيع والشراء وبالتالي لسلوك السوق إجمالاً. فالمتداول عندما يتخذ قرارات الشراء والبيع فإن عينه على أسهم الشركات التي يستهدفها، وعينه الأخرى على حركة مؤشر السوق.
فحتى لو كان أداء سهم الشركة التي يستهدفها (جيداً)، بينما يتجه مؤشر السوق إلى الانحدار، فإنه في أغلب الاحتمالات سيتخذ قراراً بالبيع. بطبيعة الحال، إذا كان هذا الأمر يختص بفرد بعينه فإن الأمر غير ذي تأثير على طبيعة التعاملات في سوق الأسهم؛ بل تبقى عاقبة الأمر على الفرد نفسه. ولكن تخيل عزيزي القارئ أن هناك مئات الآلاف تصرفوا بنفس الطريقة!
لا شك أن نتيجة هذا السلوك الجماعي ستأتي على أداء السوق بالكامل لتزيد من احتمالات مروره (بموجة بيع) تؤدي في أغلب الأحوال إلى انخفاض أكثر حدة في المؤشر، وهذا بدوره له تبعات نفسية على التداولات المستقبلية.
لاحظ هنا أن السبب في هذا الأمر أتى أساساً بسبب اعتقادات المتعاملين حول المستوى الذي وصل إليه المؤشر فقط.
ولمن يعرف المؤشر جيداً يدرك أنه (مؤشر متحيز) للشركات الكبيرة؛ حيث يتأثر بشدة بحركة تلك الشركات (كشركة سابك، وشركة الاتصالات السعودية، ومجموعة سامبا، ومصرف الراجحي، وعدد آخر من الشركات)، فشركة سابك وحدها تتحكم بحوالي 25% من حركة المؤشر حتى الآن. هذا التحيز في المؤشر قد يؤدي إلى سلوكيات (متطرفة) داخل السوق؛ نتيجة رسوخ (هذا الرقم) - أي المؤشر - في ذهنية المتعاملين.
ربما لا يكون هذا الأمر غائباً عن متخذي القرار والمتابعين لسوق الأسهم، غير أن الأمر الآن قد يُشكِّل عقدة جديدة لسوق الأسهم؛ نتيجة الصعود الجديد (لمؤشر السوق).
فها هو أحدهم يدلي (بتصريح منمق) بأن مؤشر سوق الأسهم السعودية سيصل إلى 36000. لست هنا بصدد نفي أو إثبات هذا الأمر، بقدر تشاؤمي من انعكاسات التصريح بهذا (الرقم) على سلوك المتعاملين داخل السوق وأولئك العازمين خوض غمار السوق مرة أخرى.
لا شك أن الحاجة الآن أصبحت ماسة أكثر مما سبق لانتزاع المؤشر الحالي لسوق الأسهم السعودية من (دالة) اتخاذ قرارات البيع والشراء، وذلك بإصدار مؤشرين، أحدهما للشركات الكبيرة، وآخر للشركات الصغيرة، وليس فقط الاكتفاء بمؤشر حر؛ فهذا المؤشر الحر هو أيضاً مؤشر متحيز.
والأمر في نهاية المطاف لا يتجاوز (ضغطة زر) من إدارة (السوق المالية)، ولاسيما أنه لا يخرج عن أعراف الأسواق الأكثر تقدماً، كما أنه سيقلل من التأثيرات العكسية للمؤشر على أداء السوق وسلوكيات المتعاملين من أفراد ومؤسسات.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9703 ثم أرسلها إلى الكود 82244
استشاري اقتصادي
algudhea@yahoo.com