ميزانية الخير التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم أمس هي الأعلى في تاريخ المملكة 450 مليار ريال هي مجموع الإيرادات المتوقعة، تقابلها مصروفات متوقعة حددت بـ410 مليار ريال وهو مجموع ما سيضخ في العام 2008م لمواجهة متطلبات التنمية ومصروفات القطاعات الحكومية.
نحن نتحدث عن مبالغ مالية ضخمة يمكن لها أن تساعد في تحسين أداء الاقتصاد، وتنمية قطاعات الإنتاج، وضمان استمرار الانتعاش.
هذه الوفرة المالية التي أنعم الله بها على هذه البلاد ستقود إلى معالجة الكثير من مشاكل البنية التحتية التي مازالت تحتاج إلى الجهد البشري والإنجاز أكثر من حاجتها إلى الأموال.
كما أنها ستقود بإذن الله إلى تنفيذ الخطط المالية الملحة، والمشروعات التنموية، وستدعم دون أدنى شك إحتياطات الدولة واستثماراتها التي يُعول عليها كثيراً في تنمية الموارد المالية المستقبلية.
توجيه الموارد المالية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة هي أهم ما يميز ميزانية الخير للعام 2008م.
سنوات متتالية من النمو المالي الذي قابله نمو مماثل في جميع قطاعات الدولة، وعمل دؤوب لإرساء إستراتيجية التنمية الحديثة التي كان من أهم ملامحها (تنمية المناطق) وإشراك المواطنين جميعهم في الخيرات الوفيرة التي أنعم الله بها على هذه البلاد وشعبها.
مازالت السياسية التنموية هي الغالبة على أبواب الميزانية على أساس أن قطاعات التعليم، الصحة، المياه، الطرق قد استأثرت بأبواب الصرف الحكومي للعام القادم، إضافة إلى حصول بعض منها على جزء من فوائض ميزانية العام 2007م.
الاستثمار في إنشاء الجامعات العلمية، المعاهد والكليات التقنية، يعني تأهيل أمثل لمخرجات التعليم الذي سيقود بإذن الله إلى رفع الكفاءة وبالتالي زيادة في معدلات الإنتاج المحلي.
السياسة المحافظة التي بدأت في التركيز على سداد الدين العام، وتحويل جزء من فوائض ميزانية العام الحالي إلى الاحتياطات العامة، والجزء الآخر نحو دعم صناديق التنمية يمكن أن تبني قاعدة مالية صلبة تساعد مستقبلاً في مواجهة أية أزمات طارئة لا قدر الله.
الاستثمار الأمثل لاحتياطات الدولة التي خصص لها مبلغ 100 مليار ريال من فوائض ميزانية العام 2007م يمكن أن تحقق عوائد مالية مجزية يمكن أن تضاف إلى رصيد الاحتياطات العامة.
الاستمرار في دعم برامج معالجة الفقر في ميزانية العام 2008م تؤكد حرص الملك عبدالله - حفظه الله - على المضي في معالجة هذه المشكلة الاجتماعية الملحة.
كل ما أتمناه أن يتم التعامل مع مخصصات برامج معالجة الفقر وفق الحلول العالمية الحديثة، وأن تكون هناك قياسات دورية لأداء القائمين على هذه البرامج فالنتيجة النهائية مرتبطة بالقضاء على المشكلة لا في تخصيص الأموال الطائلة لها.
إنشاء صندوق لدعم المشروعات الصغيرة ربما كان أحد الخيارات الممكن تنفيذها لمعالجة مشكلة الفقر.
الميزانية الأضخم في تاريخ المملكة التي أنعم الله بها على هذه البلاد وأهلها، تؤكد على القوة الاقتصادية المحورية للدولة، كما أنها في الوقت نفسه، تعكس ملاءتها المالية ومقدرتها على التطور والنمو بما يتوافق مع تطلعات القيادة وطموح المواطنين.
الملاءة المالية ربما لا تعني شيئاً إذا لم يقابلها العمل البشري المنظم الذي يستثمر هذه الأموال بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن.
على وزراء الدولة يقع العبء الأكبر في إدارة هذه المخصصات المالية، وإنجاز المشروعات الملحة التي يمكن أن تساعد كثيراً في استكمال البنية التحتية في مدة زمنية قصيرة.
نحن نعلم أن هناك الكثير من الأموال المرصودة لمشروعات العام 2007م وهي لم يتم البدء بها حتى الآن، وإذا ما أضيف لها مشروعات 2008م فالوضع سيصبح أكثر تأزيماً.
نحن لا نشتكي نقصاً في الأموال بقدر ما نشتكي من بطء التنفيذ وهو أمر يجب تداركه في هذا العام بالذات.
استكمال مشروعات التنمية في مدة زمنية قصيرة سيساعد كثيراً في تلمس المواطن لنتائج هذه الميزانية الضخمة، وسيساعد في اختصار أمد التضخم الذي سيبقى ما بقيت المشروعات الضخمة قيد التنفيذ.
كل ما نتمناه أن يقابل أصحاب المعالي الوزراء هذه الميزانية التاريخية، بأداء تاريخي يمكن أن يحقق أمنيات المواطنين وتطلعات ولي الأمر الذي وضع ثقته فيهم وهم أهل لذلك بإذن الله.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com