أسقطت إسرائيل ورقة التوت عن جميع المراهنين على جديتها في السعي للسلام ومدى ارتباطها بقناعاته كخيار استراتيجي ينهي حقب الصراع مع جيرانها العرب, من خلال إعلانها بعيد مؤتمر أنابوليس عن بناء 300 وحدة استيطانية في جبل أبوغنيم, مما وضع الحليف الأمريكي التقليدي في مأزق أمام العالم كراعي السلام الأول والدينمو الأكبر في إطلاق جهود البحث عنه، ولعل في الانتقاد الحاد والامتعاض الذي وجهته وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لإسرائيل خلال اجتماعها مع نظيرتها الإسرائيلية في بروكسل والذي قالت فيه إن خطوة بناء المستوطنات لا تسهم بشيء ولا يستخلص منها إلا تدمير جهود بناء الثقة المرجوة بين الأطراف خير دليل على مروق إسرائيل من بوتقة السيطرة الدولية وقبل ذلك مروقها ونفوذها من السيطرة الأمريكية التي باتت في وضع حرج من تصرفات سلطات الاحتلال التي أصبحت عبئاً مضافاً على كاهل السياسية الخارجية الأمريكية وهو الأمر الذي لفت النظر إليه الكثير من مفكري أمريكا ورجال إعلامها المستقلين الذين باتوا يطرحون السؤال تلو الآخر عن الفائدة المرجوة من تحمل تصرفات تل أبيب غير المسئولة التي تضرب بعرض الحائط كل جهد وعمل يهدف إلى إرساء السلام حتى ولو كان أمريكياً.
ما يلاحظ في تصرف إسرائيل العنجهي أنه غازل بشكل صارخ ومفضوح التطرف الإسرائيلي الداخلي فبعيد أنابوليس تعالت أصوات المتطرفين داخل إسرائيل لتؤكد رفضها أي تقسيم للقدس أو أية مبادرة سلمية قد تتناول وضع المدينة المقدسة واتبع الأمر بتصريح متطرف آخر لوزير الشؤون الاستراتيجية افيغدور ليبرمان الذي قال فيه: إن بناء المستوطنة في القدس الشرقية سوف يتواصل بسرعة قصوى ويجب إبلاغ ذلك لأصدقائنا والقصود بهم طبعاً الأمريكيون وهم الصديق الصدوق لإسرائيل بلا شك.
لقد أضحى مصير عملية السلام برمتها تحت تصرف ومزاجية التطرف الإسرائيلي الأعمى, وبات مستقبل التسوية في الشرق الأوسط بحاجة ماسة إلى ما هو أكثر من الانتقاد والامتعاض من الجانب الأمريكي الذ أسقط في يده كثيراً من جراء تصرفات إسرائيل الأحادية التي لم يعد هناك ما يواجهها سوى الانتقادات والتصريحات الخجولة التي لا تجدي نفعاً مع قناعات الاستيطان والتهام أراضي الغير والبلطجة الدولية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS - تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244