( الجزيرة ) فيصل الجميد
أعاد وزير خارجية البحرين الجدل حول السياسات النقدية في الخليج إلى الصفر عندما
صرح أمس بان دول مجلس التعاون الخليجي تدرس سويا رفع قيمة عملاتها.
وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن الدول الست تعمل معا لتعديل أسعار الصرف مع
احتفاظها بالربط بالدولار، مشيرا إلى أن وزراء المال ومحافظي البنوك المركزية
سيجتمعون لمناقشة السياسة الجديدة بقولة (هذا محل نقاش بين البنوك المركزية وسيعقد
اجتماع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في الأيام القليلة القادمة).
وتصريح الوزير يحتمل تغيير السياسات النقدية ويحتمل أيضا الإبقاء عليها دون تغيير.
وكانت توجهات دول الخليج في سياسة سعر الصرف لعملاتها قد تباينت بين الثبات
والتغيير، فبعد الكويت التي اتخذت قرارا منفردا بالتخلي عن ربط عملاتها بالدولار
منتصف العام الجاري أكدت السعودية والبحرين ثباتهما على السياسة النقدية دون تغيير,
والتزمت كل من عمان وقطر الصمت عن الخوض بسياستها النقدية بما يوحي أنهما لن تجريا
أي تعديل على السياسة النقدية.
من جهته نفى نائب محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر لـ(الجزيرة) أن يكون هناك
أي تعديل على سعر صرف الريال, وقال: (ليس هناك أي تغيير في نظام سعر الصرف أو معدل
سعر الصرف).
مشيرا إلى تصريح وزير المال الدكتور إبراهيم العساف أثناء التحضير لجدول أعمال قمة
الدوحة الأحد الماضي من أن المملكة لن تتخلى عن سياستها النقدية.
وكانت تكهنات نقلتها أحد وكالات الأنباء في وقت سابق من مصدر قالت انه من داخل
مؤسسة النقد أن السعودية ستعيد تقييم الريال دون إلغاء الارتباط بالدولار.
وبين الجاسر بان الخبر نقل من مصدر غير مسئول وقال (يجب ألا تتحدثوا مع احد غير
مسئول و أن الواجب تحري الدقة وألا تبنى المعلومات على الإشاعات المغرضة). لافتا
إلى أن الغالب من هذه الإشاعات مصدره مضاربون هدفهم التأثير على حركة العملة في
الأسواق.
وردا على أن المؤسسة لم تبادر بنفي الخبر الذي بثته الوكالة قال الجاسر: (لو قمنا بنفي كل ما يصدر فإننا لن نطور ربع مشروع سداد) ويقصد مشروع السداد الالكتروني الذي دشنته المؤسسة مؤخرا .
وسلكت البحرين مسلك السعودية في الإبقاء على السياسة النقدية عندما أكد وزير المال البحريني الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة في قمة الدوحة من أن بلاده تعتزم الإبقاء على ربط عملتها بالدولار وأن البحرين لن تغيير في سياستها النقدية.
أما الإمارات فيبدو الجدل طاغيا هناك، ويلاحظ ذلك من تعارض تصريحات مسئولية، فوزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة صرح على هامش القمة الخليجية التي اختتمت في الدوحة بان بلاده ستبحث رفع سعر الدرهم المرتبط بالدولار، وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: (الإمارات ستفعل ذلك بعد التشاور مع نظرائها في مجلس التعاون).
لكن المسئول الأول في السياسة النقدية سلطان السويدي محافظ البنك المركزي قال أن بلاده لن تغير سياستها النقدية، وقال: (لن نتحرك إلا بالتنسيق مع الأعضاء الآخرين بمجلس التعاون).
وكان السويدي قال الشهر الماضي انه يواجه ضغوطا اجتماعية واقتصادية مكثفة لإلغاء ربط الدرهم بالدولار المتراجع واعتماد عملات لاحتواء التضخم وقال: (سنبحث ذلك مع السعودية).
وبسؤال عن طبيعة تلك المباحثات قال نائب محافظ النقد الدكتور الجاسر: (نعم هناك تنسيق بين الدول الخليجية و أن المصارف المركزية في اتصال دائم وتنسيق مستمر)، لكنه لم يفصح عن تفاصيل ما تم بين المملكة والإمارات بشان تغيير سعر الصرف وقال: (ليس كل ما يناقش يقال للصحافة).
واختتم زعماء مجلس التعاون الخليجي الأسبوع الماضي قمتهم دون التطرق لسياسة أسعار الصرف لعملات الخليج أو فك ارتباطها بالدولار، لكنها شددت على التزامها بالموعد المستهدف للوحدة النقدية في العام 2010م.
لكن انسحاب عمان من الانضمام للوحدة في 2010 نتيجة عدم تمكن مسقط من الالتزام بالمعايير التي يشترطها الاتحاد النقدي، وعجزها عن تحقيق معايير التضخم والعجز والدين العام، وتخلي الكويت عن ربط عملتها بالعملة الخضراء خلاف الدول الخمس الأخرى، تدفع توقعات المحللين إلى أن إصدار العملة في 2010 أمرا مستحيلا.
ويدعم توقعاتهم ما قاله حمد السياري محافظ النقد على هامش اجتماعات الدورة الـ 44 للجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس والمنعقد في الرياض من إن تطورات اقتصادية استثنائية تشهدها الدول الخليجية في الوقت الراهن تجعل الوفاء بالجدول الزمني السابق لإصدار العملة الموحدة صعبا.
وقال: (هناك عقبات تحول دون الوفاء بالجدول الزمني السابق لإصدار العملة الخليجية الموحدة في موعدها المتفق عليه سابقا).
ويبقى الوجه الآخر من تفسير بيان قمة الدوحة وجود تباين بين الدول الأعضاء بشأن السياسات النقدية خاصة بين السعودية والإمارات، فالأخيرة تحدثت في أكثر من مناسبة عن توجهها إلى تغيير سعر الصرف وأنها كانت بصدد حمل أجندته إلى الدوحة لمناقشته مع نظرائها قبل أن تتراجع عن فكرتها وتعلن التزامها بالإبقاء على السياسة دون تغيير ويدعم هذا الرأي إشارة رئيس الوزراء القطري عقب القمة من أن أي محادثات بهذا الشأن ستجرى بشكل سري، وقال: (لو أن الزعماء ناقشوا شيئا ما فلن يتم إبلاغ الصحفيين به).
وتصريح الوزير البحريني أمس يوحي بان عدم الإعلان في القمة عن السياسات النقدية لوجود خلافات لم تحسم بعد بين الدول.