«الجزيرة» - بندر العنزي
اشتكى عدد من المقاولين من عدم إمكانهم معرفة معايير وشروط إعطاء التصنيف المناسب، الأمر الذي يحجب معرفتهم بما هو مطلوب للحصول على تصنيف عالٍ أو رفع التصنيف الحالي للمقاول. وأعربوا عبر (الجزيرة) عن قلقهم وتشاؤمهم حيال مستقبل قطاعهم الذي يعاني من كثير من المعوقات والعراقيل التي تعترض مسيرته والتي باتت تتزايد بشكل كبير.
وأكدوا أن القطاع يواجه زخماً كبيراً من المشاريع الحكومية وغير الحكومية الملزمة للقطاع بتنفيذها في وقت محدد بحسب شروط ومواصفات وضعت لها وشددوا على أن شح المواد الأساسية وارتفاع أسعارها مع عدم وجود المصادر التمويلية الداعمة للقطاع علاوة على قلة العمالة ومحدودية منح التأشيرات التي زادت أسعارها من فتح الباب للمتاجرة بها أحد العوامل الأساسية في تثبيط تقدم القطاع وتقليص دوره التنموي في الاقتصاد الوطني.
وحول الآثار التي منّي بها القطاع جراء ارتفاع أسعار مواد البناء والمواد الأساسية أوضح مقاولون التقتهم (الجزيرة) أن ارتفاع بعض السلع إلى مستويات غير متوقعة كان له الأثر المباشر على معدلات الربحية في العقود وأصبحوا يتوجسون خيفة تجاه مستقبل التعاقدات التي ارتفعت نسبة المخاطرة فيها إلى مستويات عالية, وطالبوا بتفعيل العقود العالمية للمقاولات والتي أقرتها منظمة (فيديك) لما تحتويه من بنود تتعامل مع مثل هذه الأزمات التي تطرأ على الاقتصاديات المحلية إضافة لما فيها من وضوح أكثر من العقد (الموحد) المعمول به حالياً وتتضمن بنوداً تحفظ حق الأطراف المشتركة في العقد.
وطالبوا بوجود هيئة خاصة للمقاولين تعنى بالنظر لمشاكل القطاع ومعوقاته وتسهم في تنظيم القطاع وتحسين صورته.
وفي هذا الجانب أوضح رئيس لجنة المباني بغرفة الرياض المهندس أحمد الفالح في لقاء ل(الجزيرة) أن القطاع يواجه المزيد من الصعوبات والعراقيل قد تحد من قدرته في مواجهة وتلبية متطلبات التنمية الوطنية وتبعاتها وقد يكون أكثر القطاعات تضرراً في الطفرة الحالية التي تعيشها البلاد إذا لم ينتشل في الوقت القريب.
وأضاف أن الصرف الحكومي المباغت على إنشاء المشاريع بدون تقنين دقيق وغياب الجدول الزمني لإستراتيجية منظورة على المدى البعيد والمتوسط وضع القطاع في تحدٍ كبير حيث إن عدم وجود الرؤية الواضحة لحجم الطلب على القطاع في السنوات المقبلة لا يمنح الفرصة للمقاولين بوضع خططهم الإستراتيجية المستقبلية والاستعداد الكامل للقيام بالدور المناط إليه.
واستطرد الفالح بقوله: (طرح المشاريع الحكومية في وقت قصير وبحجم هائل أحد المسببات لنفاد المواد الأساسية في اتمام تلك المشاريع وغلاء أسعارها الأمر الذي يثقل كاهل المقاولين ويحد من قدرتهم على الالتزام بعقودهم المبرمة على الشكل المطلوب وفي الوقت المحدد)، وأضاف لم يؤخذ حجم المعروض المتوفر من المواد الأساسية في الأسواق بعين الاعتبار عند طرح المشاريع وعلى سبيل المثال لا الحصر لوحظ أن كمية الاسمنت التي توفرها المصانع في السعودية في الطفرة الحالية للمشاريع لا تلبي إلا حوالي 50% من المطلوب لإتمام تلك المشاريع.
وزاد: (يعاني المقاولون من عدم حصولهم على حاجتهم من القوى العاملة بسبب قلة تأشيرات العمالة الممنوحة لهم وصعوبات إجراءاتها).. لافتاً إلى السعودة في القطاع تواجه الكثير من الصعوبات حيث إن التنقل وعدم الثبات في مكان معين واعتماد المقاول على العامل الحرفي قللت من جاذبيته والإقبال عليه من قبل الشباب السعودي.
وأوضح الفالح أن القطاع يعاني من العقبات التعاقدية وقال: (العقد الموحد المعمول به لا يحظى بالمستوى الكافي من الوضوح والشفافية ولا يساهم في وضعه المقاول إنما يضعه الطرف الحكومي في العقد).
وتابع: (لا نحظى بالدور الكافي في شراكتنا إدارياً في وضع القوانين المناسبة للطرفين كما أن معظمها لا يوجد للقطاع الحق في معرفة تفاصيله).. مشيرا إلى أن المقاول لا يمكنه معرفة معايير وشروط إعطاء التصنيف المناسب للمقاولين الأمر الذي يحجب معرفتنا عما هو مطلوب للحصول على تصنيف عالٍ أو رفع التصنيف الحالي للمقاول، كما أن التصنيف الذي يبنى عليه قدرة المقاولين وحجم المشاريع المناسبة لهم قد يتعرض للسحب نتيجة عدم استلام المقاول مشاريع لفترة محددة حتى لو لم تتخلل تلك الفترة مشاريع مطروحة للمنافسة.
من جهته أوضح رئيس لجنة التشغيل والصيانة بغرفة الرياض المهندس فهد النصبان أن معظم القرارات الهادفة للنهوض بالقطاع ومعالجة مشاكله لاسيما تلك التي صدرت مؤخراً من مجلس الوزراء تواجه صعوبات وبطء في آلية تنفيذها ولا تحظى بالتفاعل المطلوب من بعض الجهات الحكومية وقال: (ذلك يتسبب في زيادة أعباء القطاع وهمومه).
وتابع أن عقود التشغيل والصيانة لا تتضمن بنوداً تتعامل مع المتغيرات الاقتصادية التي قد تطرأ على البلاد حيث تخللت أزمة ارتفاع أسعار المواد الأساسية الكثير من العقود القائمة ولم تحتو نصوص العقود على فقرات تتعاطى مع مثل تلك الأزمات وتحفظ حق الطرفين وقال: (اللجوء للقضاء الحل الوحيد للتعويض رغم طول إجراءاته).
ولفت النصبان إلى أن ارتفاع أسعار المواد الأساسية تسبب في إحجام الكثير من المقاولين عن الدخول في منافسات لمشاريع حكومية نتيجة ارتفاع نسبة المخاطرة معتبراً ذلك مؤشراً خطيراً لا يعكس المستقبل المرجو من القطاع.
وزاد: (ارتفاع نسبة المخاطرة في قطاع المقاولات تسبب بشكل مباشر في إعراض البنوك المحلية عن تقديم التمويل المادي للقطاع).
وأضاف: (إيجاد المصدر التمويلي الذي يمكن القطاع من الوفاء بواجباته والتزاماته من الصعوبات التي تواجه المقاولين في الوقت الراهن).
وأشار النصبان في حديثه ل(الجزيرة) إلى أن قطاع المقاولات في حاجة ماسة لوجود ضمان حكومي ولو اقتصر على تصنيف معين من المقاولين المحترفين ذوي الخبرة والكفاءة بشروط محددة وذلك لإتاحة الفرصة أمام البنوك للانفتاح على القطاع وبالتالي دعم المسيرة الاقتصادية من خلال تبادل ادوار الدعم والمساندة مشيراً في الوقت نفسه إلى أن التمويل الذاتي لم يعد مجدياً وخصوصاً في ظل تأخر صرف المستخلصات المالية والزيادة المطردة في حجم وعدد المشاريع المطروحة.
كما تحدث ل(الجزيرة) عضو لجنة المباني بغرفة الرياض المهندس عبدالحكيم السحلي عن أهمية وجود مرجعية ذات نفوذ تنظيمية للقطاع مبيناً أن وجود هيئة للمقاولين بات ضرورة ملحة لمواجهة العقبات والمعوقات والتحديات التي تواجه القطاع حيث إن معظم القرارات الأخيرة نبعت بالأساس من مبادرات تطوعية من قبل القائمين على القطاع.
وأشار إلى اقتراح بإنشاء هيئة للمقاولين من شأنه تسليط الضوء بشكل أكبر على هموم وتطلعات المقاولين وتقريب وجهات النظر وقال: (ستكون قناة وصل ومباشرة مع الجهات المسئولة حيث يواجه المقاولون صعوبة كبيرة وفجوة واسعة في تواصلهم مع أصحاب القرار).
وأضاف يجب أن تحمل الهيئة المقترجة بيدها صلاحيات تضمن أو تساهم بالخروج بقرارات ذات مردود مادي ومعنوي على القطاع مما ينعكس بإيجابية على الاقتصاد الوطني مشيراً إلى أن الهيئة سيكون لها أثر بارز في حال أنشئت في إعادة هيكلة القطاع والعمل على استمرارية تطوره للخروج بقطاع متخصص ومؤهل قادر على المنافسة المحلية والعالمية بالإضافة إلى العمل على إقامة كيانات عملاقة متخصصة من خلال إحداث اندماجات كبرى بين مكوناته وتطوير أداء المقاولين.
واعتبر السحلي تطبيق وزارة المالية لقرارات منظمة فيديك العالمية في عقودها مع المقاولين حلاً جذرياً لكثير من المشاكل والعقبات التعاقدية في القطاع حيث يتضمن عقد فيديك بنوداً منصفة لجميع أطراف العقد وحافظة لحقوقهما، وقال: (إحلال عقد فيديك العالمي سيسهم بسد ثغرات التعاقد الحالي ويقضي على خلط المفاهيم والصدامات بين الطرفين كونه يقوم على معايير وقياسات عالمية واضحة المعالم).
كما هاتفت (الجزيرة) عضو لجنة المقاولين بمنطقة المدينة المنورة الأستاذ ياسر الحربي الذي تطرق إلى معاناة القطاع جراء تأخير وبطء الإجراءات في الجهات الحكومية في تعاملاتها مع المقاولين.
وذكر أن قلة عدد الموظفين الحكوميين الذين يتعاملون مباشرة مع المقاولين سبب رئيسي في زيادة مدة الإجراءات لأي معاملة متعلقة بالقطاع.
ومن جهته أشار عضو لجنة المباني بغرفة الرياض المهندس محمد النجيدي إلى أن المملكة تشهد طفرة تنموية وخدمية غير مسبوقة تتطلب التفاعل مع متطلبات القطاع وتطلعاته.
وتابع: إن قطاع المقاولات قطاع ذو فعالية كبيرة في الاقتصاد المحلي، كما أن مليارات الريالات تم استثمارها في هذا القطاع منذ الطفرة الأولى وقال: (للأسف مازالت النظرة السوداوية والصورة السلبية موجودة لدى الكثير من المتعاملين مع القطاع). مشيرا إلى أن الجهات الحكومية تزيد من أعباء المقاول من خلال تأخير إعداد المخططات أو عدم اعتماد المواد التي يوفرها المقاول في الوقت الذي لا يحظى فيه المقاول بالتسهيلات والمرونة أو التعويضات المالية جراء تلك الممارسات.