ربما يكون الموسمان الماضي والحالي هما الأسوأ لميلان في الدوري الإيطالي لكرة القدم منذ سنوات طويلة لكن الشيء المؤكد أن الفريق يمر بفترة ذهبية جديدة له على المستوى الدولي وليس أدل على ذلك من فوزه في الموسم الماضي بلقب دوري أبطال أوروبا. ورغم احتلال الفريق المركز الثامن في مسابقة الدوري الإيطالي حالياً بعد مرور أكثر من ثلث مراحل المسابقة يخوض ميلان بطولة العالم للأندية التي تنطلق غداً في اليابان وهو مرشح بقوة للفوز باللقب بل إنه يقتسم مع بوكا جونيورز الأرجنتيني الكم الأكبر من الترشيحات في بطولة العالم للأندية. وإذا كان المنتخب الإيطالي قد فاجأ الجميع العام الماضي بفوزه بلقب كأس العالم 2006 بألمانيا فإن ميلان قادر هو الآخر على الدفاع جيداً عن سمعة كرة القدم الإيطالية رغم المشكلات التي لاحقتها في العامين الماضي والحالي بسبب فضيحة التلاعب في نتائج مباريات الدوري المحلي ثم أحداث الشغب المتكررة داخل وخارج الملاعب. تأسس نادي ميلان عام 1899 وبالتحديد في 16 كانون أولديسمبر من ذلك العام وهو التاريخ الذي يتزامن مع نهائي بطولة العالم للأندية باليابان هذا العام. وقد يرغب ميلان الاحتفال بمرور 108 أعوام على تأسيسه بين مشجعيه في اليابان والعودة لأنصاره في ميلانو بكأس البطولة الغالية. وبدأ ميلان تاريخه كناد للطبقة العاملة الكادحة وانتظر النادي نحو 50 عاماً حتى عرف طريقه إلى البطولات الأوروبية لكنه على مدار نحو ستة عقود نجح في ترك بصمة واضحة وفعالة على الساحة الأوروبية ويكفي أنه ثاني أكثر الأندية فوزاً بلقب دوري أبطال أوروبا. فقد فاز ميلان بلقب دوري الأبطال سبع مرات مقابل تسع مرات لريال مدريد صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب. ولعب النجوم الاجانب دوراً كبيراً وبارزاً في نجاح ميلان على مدار التاريخ ولكن أبرزهم على الإطلاق كان الثلاثي السويدي جرين ونوردال وليدهولم الذين ساهموا بقدر كبير في نجاح الفريق خلال الخمسينيات من القرن الماضي.
ولم يكن النجاح الذي حققه ميلان عبر سنوات طويلة وليد الصدفة ولكن لنجاح هذا النادي العريق في جذب العديد من الأسماء سواء من اللاعبين أو المدربين المتميزين خططياً مثال نيريو روكو وأريجو ساكي وسيزاري مالديني وألبرتو زاكيروني وجيوفاني تراباتوني وفابيو كابيلو وكارلو أنشيلوتي المدير الفني الحالي للفريق حيث كانوا جميعاً مثالاً يحتذى في التألق والاخلاص للنادي. وليس غريباً أن يرتبط اسم النادي بثلاثة من أبرز النجوم في تاريخ كرة القدم الإيطالية وفي مقدمتهم جياني ريفيرا الذي امتدت مسيرته في الملاعب على مدار 19 عاماً خاض خلالها 501 مباراة رسمية وسجل خلالها 128 هدفاً. أما النجم الثاني فهو فرانكو باريزي الذي اعتبرته جماهير ميلان أفضل نجوم ميلان على مدار التاريخ بل أن القميص رقم 6 الذي ارتداه في مسيرته الكروية لم يمنح إلى أي لاعب في ميلان منذ اعتزاله في عام 1997 بعد أن خاض 713 مباراة رسمية مع الفريق. أما اللاعب الثالث فهو قائد الفريق الحالي باولو مالديني معشوق الجماهير الإيطالية وهو نجل الاسطور سيزاري مالديني والذي أصبح العامل المشترك في معظم انتصارات الفريق وألقابه على مدار أكثر من 20 عاماً حيث رفض مالديني جميع الاغراءات التي عرضت عليه من أندية أوروبية أخرى وفضل البقاء ضمن صفوف (روسينيري(وهو لقب ميلان. ونجح مالديني 38 عاماً في رفع كأس دوري الأبطال مع الفريق في العاصمة اليونانية أثينا مع نهاية الموسم الماضي بالفوز في النهائي على ليفربول الانجليزي 2 1 لتكون الخطوة الأخيرة نحو المشاركة في بطولة العالم باليابان التي يريد الفوز بلقبها مع الفريق لتكون مسك الختام في مسيرته الناجحة التي تقترب من خط النهائية. وإذاكان ميلان قد ثأر من ليفربول في أثينا وانتزع اللقب الأوروبي الذي فاز به ليفبرول عام 2005 بالتغلب في المباراة النهائية على ميلان بعد مباراة تاريخية فإن الفريق الإيطالي لن يرضى إلا بالعودة من اليابان بكأس بطولة العالم لانهاء احتكار قارة أمريكا اللاتينية للقب في أعوام 2000 و2005 و2006. وما يضاعف من طموحات ميلان في بطولة العالم باليابان أنها تأتي في وقت ترتفع فيه معنويات الفريق بشكل لم يتحقق منذ فترة طويلة. ويكفي أن البطولة تأتي بعد أيام من فوز البرازيلي كاكا نجم خط وسط ميلان بجائزة الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة (فرانس فوتبول) الفرنسية المتخصصة لأفضل لاعب في العالم حيث تفوق كاكا في استفتاء المجلة بفارق كبير على كل من البرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم مانشستر يونايتد والاسطورة الأرجنتيني الشاب ليونيل ميسي نجم هجوم برشلونة الإسباني. وسبق أن فاز كاكا في نهاية الموسم الماضي بلقب أفضل لاعب في دووري أبطال أوروبا لموسم 2006 2007 بعدما سجل عشرة أهداف لفريقه ساهمت بقدر كبير في الفوز بلقب البطولة. وسافر الفريق إلى اليابان مساء أمس الأربعاء بعد 24 ساعة فقط من تحطيم نجم هجومه المخضرم فيليبو إنزاجي 34 عاما الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف يسجلها أي لاعب في تاريخ مشاركاته بالبطولات الأوروبية للاندية. وسجل إنزاجي الهدف الثالث والستين له في البطولات الأوروبية للأندية في شباك سلتيك الأسكتلندي متفوقا بذلك على الأسطورة الألماني المعتزل جيرد مولر الذي سجل 62 هدفا. ولكن تفوق ميلان لا يتوقف على المهارات التي يمتلكها داخل المستطيل الأخضر ومنها مالديني وكاكا وإنزاجي وألبرتو جيلاردينو والمهاجم البرازيلي المخضرم رونالدو وإنما يمتد إلى مقاعد الجهاز الفني حيث يقود الفريق المدرب الشهير كارلو أنشيلوتي. ويملك أنشيلوتي سجلا حافلا بالانجازات سواء كان على مستوى مسيرته كلاعب أو كمدرب فقد فاز بلقب دوري أبطال أوروبا كلاعب مرتين كما فاز بها كمدرب مع فريق ميلان عامي 2003 و2007 ويتميز أنشيلوتي بقدراته الهائلة في توظيف إمكانيات اللاعبين بالشكل الأمثل وستكون بطولة العالم باليابان التحدي الجديد له.