بعد أيام قليلة سيتم أول اجتماع لوفدي التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي بعد مؤتمر أنابوليس للسلام الذي عقد نهاية الشهر الفائت في الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من أن الاجتماع يتطلب بناء شيء من الثقة بين الطرفين، إلا أن إسرائيل تصر على الدخول في هذا الاجتماع وفي جعبتها -كعادتها- عدد من الاختراقات لما التزمت به في المؤتمر، وأهمها الوقف الفوري للاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
فإسرائيل طرحت مناقصة لبناء أكثر من 300 وحدة سكنية استيطانية جديدة في القدس
الشرقية. كما هددت بتنفيذ عملية عسكرية برية في قطاع غزة.
هذا عدا الغارات التي راح ضحيتها أكثر من عشرين شهيداً وعشرات الجرحى خلال أسبوع واحد، وغيرها من الممارسات التي تؤكد أن إسرائيل تضمر سوء النية، كوضعها لمزيد من العراقيل أمام حركة التجارة الفلسطينية بعد مؤتمر أنابوليس، ومن الواضح أن إسرائيل تستخف بالمجتمع الدولي الذي دعم المؤتمر الدولي للسلام ووضع عليه آمالاً عريضة لإنهاء الصراع على جميع المسارات، كما أنه من الثابت أن إسرائيل لا تأبه بكون ممارساتها العدوانية قد تدمر عملية السلام، وتفرغ نتائج المؤتمر من مضمونه، بل وتحدد نتائج مسبقة للاجتماع التفاوضي القادم.
وهنا يأتي دور الولايات المتحدة راعية مؤتمر أنابوليس كي تتدخل وتوقف هذه الاعتداءات وتثبت أنها فعلاً وسيط محايد ونزيه، وأنها جادة في أن يستكمل الإسرائيليون والفلسطينيون مفاوضات السلام بنهاية العام القادم.
وسكوتها سيسيء مجدداً إلى سمعتها كدولة عظمى راغبة في أن تنهي الصراع بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة.
إن زيارة بوش إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المزمعة في الأيام القادمة والتي تعتبر الأولى التي يقوم بها بوش منذ توليه الرئاسة في 2001م يجب أن تكون مشفوعة بإصرار على إزالة كل العقبات التي يمكن أن تقف في وجه عملية السلام، وخاصة الاعتداءات الإسرائيلية، أما إذا كانت الزيارة لا تتعدى كونها حدثاً إعلامياً ومصافحات دبلوماسية وجاهية، فقد يفهم منها على أنها تعبير عن الرضا الأمريكي بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وأن إسرائيل لم ترتكب ما يثير قلقاً أمريكياً حول عملية السلام.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244