استقطبت القمة الخليجية باستمرار اهتماماً دولياً، بسبب الثقل الذي تتوفر عليه دولها دينياً وسياسياً واقتصادياً، فهذه الدول الست التي تلتقي في الدوحة، تمر بتجربة العمل المشترك وهي تجهد من أجل تعزيز هذا العمل وصولاً إلى غاياته العظمى، وفي هذا الإطار تبرز بصفة خاصة المسائل الاقتصادية وهي قطب الرحى في القمة الحالية والمسألة التي تتصدر هذا اللقاء من جهة القرارات المتوقعة خصوصاً فيما يتصل بالوحدة الجمركية والسوق المشتركة..

القمة استقطبت الاهتمام أيضاً بإيلائها وقتاً أكثر للمسألة الإيرانية مع حضور الرئيس الإيراني أحمد نجاد، وهو حضور أكد الاهتمام الكبير لدول المنطقة فيما يجري مع إيران وداخلها، فهناك أولاً مسألة الجزر الإماراتية التي تسيطر عليها إيران، وهناك ثانياً البرنامج النووي الإيراني بكل ما يثيره من هواجس ومخاوف قد تضع المنطقة على شفير حرب أخرى هي في غنى عنها، وفي الجانب النووي أيضاً تتأكد أهمية الاقتراح بالاستثمار المشترك لمشروع اليورانيوم في الأغراض السلمية الذي يؤمل أن يكون الصيغة المثلى لاستيعاب الطموحات النووية لجميع الدول باعتبار هذه الصناعة مصدراً للطاقة..

كما أن هذا الجوار العربي الإيراني ينبغي أن يكون محفزاً لتعاون خلاق يفيد الجانبين، وقد كانت هناك إشارات مشجعة في هذا المجال من قبل الرئيس نجاد وهو يخاطب القمة عن (فصل جديد) من العلاقات بين بلاده ودول مجلس التعاون..

والمهم في تجربة مجلس التعاون هذه الاستمرارية التي تتوفر عليها، ففي محيطنا العربي عجزت مختلف الكيانات التي تضم دولاً متشابهة في تحقيق مثل هذا الاختراق نحو تنظيم العمل المشترك بصيغة تستهدف تضافر القدرات من أجل الصالح المشترك، ولذلك فإن هذه التجربة تقدم إلى جانب المزايا الجماعية، فوائد أخرى للمحيط العربي، كونها الأكثر قدرة من خلال مجلسها في تنسيق التحركات العربية والتصدي لمختلف القضايا ككتلة واحدة تعوض كثيراً عن التشتت الحادث في أنحاء العالم العربي الأخرى..

إن الكثير من الآمال ترتبط بهذا اللقاء باعتبار أنه يعبر عن التوق العربي للتوحد والتواصل الوثيق، وقد توالت منذ 27 عاماً من عمر مجلس التعاون الإنجازات لكن الطموحات هي أكثر مما تحقق حتى الآن، ويؤمل أن تتسارع وتيرة العمل بالقدر الذي يمكِّن هذه الدول من التناغم مع التطورات الدولية بالدرجة التي تمكن دول المجلس من العمل بندية مع الآخرين، وبالقدر الذي يمكِّنها من القيام بدورها العربي والإسلامي بالإفادة من عناصر هذا التقارب.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244