«الجزيرة» - حازم الشرقاوي
قال فهد السلطان الأمين العام لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية: إننا في حاجة إلى تطبيق مفهوم تنمية الموارد البشرية بشكل أعمق وعدم قصرها في مفهوم واحد وهو التوظيف، وأضاف: يجب أن نُمَهِنَ قبل أن نُسَعودَ. وتساءل السلطان في مداخلة بالجلسة الثانية لمنتدى الرياض الاقتصادي بعنوان (رؤية لتنمية الموارد البشرية) صباح أمس حول عدم توظيف المليون السعودي في الخطط التنموية الثمانية داعياً إلى أهمية تنمية الإنسان السعودي ليصبح مطلوباً في كل أسواق العمل.
خلل في الهيكلة
وأكد الدكتور عبد الواحد الحميد نائب وزير العمل على أن ورقة العمل لم تتطرق إلى اختلال السوق نتيجة الإسراف في عملية الاستقدام منذ منتصف السبعينات. وقال: كل ذلك أحدث خللاً في هيكلة سوق العمل في بلادنا. مشيراً إلى أن سوق العمل في بلادنا بدأ يقيم من الخارج بناء على الرواتب المنخفضة التي تحصل عليها بعض الجنسيات. مضيفاً أن أسواق العمل غير متروكة للعرض والطلب فقط بل هناك آليات تحكمها.
وقال الحميد إن الدراسة الخاصة بالرؤية الإستراتيجية لإحداث نقلة نوعية في تطوير الموارد البشرية السعودية تتفق مع وجود إستراتيجية لتوظيف السعوديين وتأهيلهم، إلا أنها أغفلت دور القطاع الخاص في المشاركة الفعالة لتنفيذ هذه الرؤية مؤكداً على ضرورة تعظيم القيمة المضافة لعمل السعوديين ليصبح لدينا قيمة سعودية منتجة وعاملة. وتحفظ معالي نائب وزير العمل على الدراسة من منطلق أنها تكاملت في جميع منهجها البحثي والاستنتاجي للهدف الذي أعدت من أجله ولكنها لم تتطرق إلى القطاع الخاص بشكل متكامل خصوصاً أنه يلعب دوراً محورياً في تنمية الموارد البشرية في الدول الأخرى.
وانتقد عدم تعرض الدراسة لما يعانيه سوق العمل السعودي من اختلال واضح بسبب الإسراف في استقدام العمالة الوافدة، إضافة إلى تدني المستوى التعليمي للعمالة الوافدة الذي يؤثر بالسلب على العمالة السعودية.
تضارب الإحصاءات
وتناول صالح التركي رئيس مجلس إدارة غرفة جدة خمس نقاط تبين الخلل في سوق العمل بالمملكة وهي: وجود تضارب في الإحصاءات مما يؤدي إلى عدم وجود تخطيط لحجم العرض والطلب من العمالة، كما أن هناك خللاً في التنمية الإقليمية، فهناك مناطق طاردة وأخرى جاذبة للسكان، فهناك 71% من العمالة تتمركز في الرياض وجدة والدمام. خطط التنمية الثمانية ركزت على أهمية التنمية البشرية لتوظيف مليون سعودي ولم يتم توظيف سوى 100 ألف سعودي فقط، كما أن التعليم والتدريب هما أهم المعوقات، والعمالة الأجنبية المستقدمة بعضها جاهلة وتتعلم هنا، كما أن هناك ظلماً كبيراً يقع على المرأة فهناك 42% من النساء في سن العمل غير عاملات، رغم أن الدولة تنفق 42 مليار ريال على تعليمها سنوياً.
ووصف الدراسة بأنها لم تكن خطة عمل وإنما خريطة طريق نستطيع من خلالها أن نتلمس رؤية إستراتيجية واضحة لتطوير الموارد البشرية السعودية وفق معايير عالمية استناداً إلى تجارب الدول الناجحة في الشأن ذاته.
وعزا التركي في كلمته التي ألقاها في الجلسة عدم التخطيط السليم لتنمية الموارد البشرية إلى تضارب الإحصاءات والبيانات في سوق العمل السعودي، لذا أصبح التخطيط المركزي فاشلاً في جميع مراحله، وأكبر دليل على ذلك تمركز المواطنين في ثلاث مناطق رئيسة في المملكة وإهمال المناطق العشر الأخرى.
وأوضح أنه لا يزال 42% فقط من سوق العمل في المملكة من السعوديين، كما أن 64% من العاطلات السعوديات جامعيات، في ظل جهل وأمية مستشرية في معظم العمالة الأجنبية المستوردة، وهنا تكمن الخطورة على سوق العمل السعودي.
وتابع التركي قائلاً: (أنا لا ألوم المواطن السعودي على عدم كفاءته لأن هناك عوامل أخرى خارجة عن إرادته تعوق تطوير التعليم، إضافة إلى أن كل الأنظمة التي تساعد المواطن السعودي لتأهيله وتطويره معطلة).
وطالب القطاع الخاص بتحمل مسؤولياته اتجاه المشاركة الفعالة في محاربة البطالة وتنمية الموارد البشرية السعودية.
حراك القوى البشرية
فيما رأت الدكتورة حصة بنت عبدالعزيز المبارك عميدة مركز الدراسات الجامعية بجامعة الملك سعود أن هناك حراكاً قوياً للسعي قدماً نحو تطوير القوى البشرية في سوق العمل السعودي بقيمة مضافة عالية.
وطالبت الجامعات السعودية بضرورة التحرك الجاد نحو تنمية الموارد البشرية بشكل أفضل وضمن رؤية إستراتيجية واضحة المعالم.وتساءل الحضور حول وجود آليات واضحة من جانب وزارة العمل تضمن تأهيل وتدريب العاملين السعوديين. ورد معالي نائب وزير العمل قائلاً: إن الوزارة تركز بالفعل على تطوير الموارد البشرية ونتعامل مع ملف استقدام العمالة الأجنبية وفق المهن التي لا يوجد لها بديل في المملكة.
التدريب على رأس العمل
فيما طرح أحد الحضور تساؤلاً يتعلق بتفضيل الدراسة للتدريب على رأس العمل أكثر من توفير الوظائف. وأجاب الدكتور العبدالقادر بأنه ينبغي أن يعاد تأهيل الشباب الخريجين لرأب الفجوة الواضحة بين التعليم ومخرجاته من الخريجين السعوديين والرؤية المطروحة تهدف إلى تغيير وتصحيح المسار التعليمي بحيث يكون لدينا كوادر بشرية لديها ميزة تنافسية محلياً وعالمياً.
كما طالب أسامة الكردي عضو مجلس الشورى بضرورة التعاون الوثيق بين القطاع الخاص والحكومي في تطوير الموارد البشرية منوهاً إلى أن صندوق التنمية البشرية يمكن الاستفادة منه بأقصى درجة خصوصاً أنه يؤدي دوره بدرجة عالية من الجودة.
التوصيات
هذا وقد أوصت الدراسة التي ناقشتها الجلسة الثانية لمنتدى الرياض الاقتصادي بضرورة إحداث نقلة نوعية في الموارد البشرية السعودية الحالية والمستقبلية لزيادة قدراتها التنافسية محلياً وعالمياً من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد البشرية المعطلة (المرأة وفائض خريجي الثانوية)، كما أوصت الدراسة بتحسين النوعية والكفاءة والتنافسية للموارد البشرية الوطنية من خلال التعليم والتدريب وبالتركيز على النوعية بدلاً من الكمية، والتركيز على التنويع المهني للموارد البشرية، إضافة إلى زيادة كفاءة الإنفاق الحكومي على قطاعي التعليم والتدريب والتركيز على (المخرجات وليس المدخلات فقط).وقد شهدت جلسة رؤية تنمية الموارد البشرية التي رأسها معالي الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان مدير جامعة الملك سعود، وعرض الدراسة فيها الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز العبد القادر عضو الفرق المشرفة على الدراسات المنتدى، وشارك في إدارة الحوار معالي الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد نائب وزير العمل والدكتورة حصة بنت عبدالعزيز المبارك عميدة مركز الدراسات الجامعية بجامعة الملك سعود، والأستاذ صالح بن علي التركي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية، شهدت نقاشاً حيوياً حول تحديد رؤية إستراتيجية لتنمية الموارد البشرية السعودية.
ودعت الدراسة إلى أن تتبنى القيادة السياسية لرؤية جديدة وموحدة تلتزم بتنفيذها كافة الجهات ذات العلاقة من أجل إحداث النقلة النوعية المستهدفة وصولاً للتنافسية العالمية مشيرة إلى أن تحقيق أهداف الرؤية المقترحة مسؤولية مجتمعية وتضامنية مشتركة.
وأوصت الدراسة أيضاً بتوسيع مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار (بالكليات الجامعية العلمية، والتعليم الفني) حيث إنه لا يمكن تحقيق تنمية الموارد البشرية في الدولة بمعزل عن مشاركة فعالية من قطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني، وتحديث وتطوير وربط البرامج والوسائل التعليمية والتدريبية وفق احتياجات السوق واقتصاد المعرفة، كذلك تبني سياسة إعلامية لتغيير ثقافة وسلوك أفراد المجتمع تجاه العمل اليدوي وعمل المرأة، وتحديث وإصدار عدد من التشريعات الجديدة اللازمة لدعم تنفيذ السياسات الاقتصادية المقترحة لتحقيق الرؤية، وإعادة توجيه الحوافز الطلابية لتعديل التركيب النوعي لخريجي الجامعات، وزيادة تحفيز مشاركة القطاع الخاص الوطني والأجنبي في قرارات التخطيط والاستثمار بقطاعي التعليم والتدريب مع التركيز على التعليم المهني والمناطق الأقل نمواً، تطوير قاعدة بيانات حديثة ومتكاملة عن الموارد البشرية بالمملكة.
وطالبت الدراسة بضرورة إعداد خطة وطنية طويلة المدى وفق الرؤية المقترحة من خلال التأهيل السريع على رأس العمل للموارد البشرية المعطلة، وإدخال مقررات اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي بالمرحلة الابتدائية، ومقررات التدريب المهني والتربية السلوكية بالمرحلة المتوسطة وما بعدها ومقرر للتدريب العملي الإجباري لطلاب السنوات النهائية بالكليات العملية للتدريب بالمؤسسات والشركات المحلية والأجنبية، كما أوصت الدراسة بتحديد احتياجات القطاع الخاص من الوظائف والمهن اللازمة له حالياً ومستقبلاً وربط البرامج التعليمية والتدريبية بتلك الاحتياجات.
وأوصت بجذب الشركات والجامعات والمعاهد العالمية المتخصصة لفتح فروع لها بالمملكة، وإنشاء المدارس الذكية النموذجية الجديدة لتعليم التقنية للموهوبين، إضافة إلى تشغيل الجامعات والمعاهد الفنية الحالية في التخصصات العلمية والمهنية بنظام (صباحي ومسائي) لحين إنشاء مرافق جديدة، وإصدار التشريعات اللازمة لتطوير قطاعي التعليم والتدريب وتغليب اعتبارات الكفاءة والخبرة والنوعية في لوائح التوظيف والترقي وتولي المناصب القيادية، ومشاركة القطاع الخاص بنسبة محددة في قرارات وتشريعات تنمية الموارد البشرية.
واقترحت الدراسة إصدار أمر سامٍ لأمراء المناطق لمراقبة تنفيذ القرار (120) الخاص بالمرأة والرفع للمقام السامي عما يتم بهذا الشأن بالأجهزة الحكومية وأي عراقيل تعيق تنفيذه جزئياً أو كلياً، وإسناد مهمتي الإشراف ومتابعة الرؤية الإستراتيجية المقترحة لتطوير الموارد البشرية للمجلس الاقتصادي الأعلى.
المشكلات
وألقى الدراسة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز العبد القادر عضو الفرق المشرفة على الدراسات المنتدى منوهاً إلى أن معظم المشكلات الاقتصادية والسلوكية الحادثة في بيئة الأعمال الآن تعزى بصفة أساسية إلى سلبيات تخطيطية متراكمة من الماضي، فضلاً عن عدم ملائمة بعض التشريعات التنظيمية القديمة وغير المتسقة مع الظروف والمستجدات الحالية والمستقبلية في بيئة الأعمال، وهو الأمر الذي يؤكد التداخل القوي والترابط الشديد بين الأبعاد الأربعة لتنمية الموارد البشرية، وبالتالي فإن العلاج لأحد الأبعاد منفرداً لا يعطي أية نتيجة، وهو ما يتطلب معالجة للأبعاد الأربعة مجتمعة في آن واحد.
وأضاف العبد القادر أن الدراسة استفادت من تجارب بعض الدول الناجحة في تنمية مواردها البشرية والتي طرحت مجموعة من الحلول المختلفة ولكنها ذات رؤى متشابهة حيث إنها جميعاً تركز على بناء رأس المال البشري اللازم للتنمية، وإن كان لكل دولة سياساتها الخاصة بها والمميزة لها, فعلى سبيل المثال لا الحصر تميزت التجربة الماليزية بإنشاء المدارس الذكية لتعليم الطلبة التقنية الحديثة، مع غرس قيم العمل المنتج في النشء، وكذلك بربط برامج التعليم والتدريب باحتياجات التنمية المحلية وبمواكبة عصر العولمة في آن واحد، وإشراك القطاع الخاص المحلي والأجنبي في وضع سياسات التعليم والتدريب مع الجهات الحكومية, وتحفيز القطاع الخاص المحلي والأجنبي في الاستثمار بقطاعي التعليم والتدريب، فيما تميزت التجربة الكورية بدعم الحكومة للجامعات ومراكز الأبحاث لإجراء الدراسات التطويرية للتعليم والتدريب في مجالات محددة، وتنفيذ برامج تدريب مهني تغطي كافة المهن والأعمار والمناطق، وفتح الباب دون قيود للقطاع الخاص للاستثمار في قطاعي التعليم والتدريب، وركزت التجربة الهندية على قطاع تقنية المعلومات، وتكوين مجلس قومي لتحسين نوعية التعليم والتدريب، وإلزامية التعليم المجاني حتى نهاية المرحلة الثانوية فقط، وزيادة المخصصات المالية للجامعات واستقلاليتها، والتركيز على النوعية وتوجيه فائض طلاب الثانوي للتعليم الفني، وكذلك في التجربة الفلبينية تميزت بتأهيل القوى العاملة للتعامل مع التقنية، وتطوير مؤسسات التعليم والتدريب وتحويل أساليب التعليم من التلقين إلى الابتكار، وتصدير فائض العمالة الفنية للخارج، وأن يكون التعليم باللغة الفلبينية والإنجليزية معاً، والتعاون مع اليابان في مجال التدريب، والاستفادة من برامج التعاون الدولي في مجالي التعليم والتدريب, كما أنها سعت لاستخدام المنظمات الأهلية غير الحكومية في إعادة تأهيل الذين لم يجدوا وظائف في سوق العمل لوظائف أخرى، وهناك تجارب مجموعة من الدول والشركات في نقل التقنية عبر الشركات المتعددة الجنسية وعابرة القارات، حيث فتحت الصين أبوابها للاستثمار الأجنبي المباشر لبناء رأس المال البشري، وتولت سنغافورة نقل التقنية عبر جذب الاستثمارات الأجنبية، والربط الخلفي والأمامي للشركات الأجنبية التي تتعامل في منتجاتها (كمدخلات)، والاستفادة من المتدربين بالشركات الأجنبية في بناء شركات محلية، وقدمت شركة إنتل منح للطلاب المتميزين في الجامعات والمعاهد العالمية الشهيرة، وتبنت مشروعات مشتركة مع العلماء الصينيين، وقدمت شركة تويوتا منحاً دراسية بمختلف مراحل التعليم، وتقديم إعانات عينية تتمثل في آلات ووسائل التدريب.وانتقدت الدراسة وجود العديد من المعوقات ذات البعد الاقتصادي تمثلت في استمرار وجود الفجوة التنموية بين المناطق بالخطة الثامنة على ما هي عليه بالخطة الأولى حيث تمثل كل من (منطقة الرياض ومكة المكرمة والشرقية) مجتمعة من 65 - 75% من جملة السكان والمشروعات والعمالة والمرافق التعليمية بالمملكة، وارتفاع معدلات البطالة في المملكة خلال الفترة (1420 - 1427هـ) من 8.1% إلى 12% مع وجود فجوة في معدلات البطالة للإناث (26.3%) وللذكور (9.1%) وتدني نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة (6.6%)، إضافة إلى وجود فجوة في الإنتاجية بين العمالة الوطنية والوافدة في معظم الشركات وبنسبة 0.5 إلى 1 على الترتيب، ووجود فجوة في الأجور بين العمالة الوطنية والوافدة للوظيفة المماثلة وبنسبة 3 إلى 1 على الترتيب، وتركز للعمالة الوطنية بالقطاع الحكومي ورغبة كبيرة من العمالة السعودية للعمل بالقطاع الحكومي فيما تركز للعمالة الوافدة وتمثل (84%) من العاملين بالقطاع الخاص مع ارتفاع معدل نموها بنسبة 5.1% سنوياً خلال الفترة الأخيرة 1416 - 1426هـ، تدني المستوى التعليمي للعمالة الوافدة حيث إن (83%) منهم يحملون ثانوية عامة فأقل بينما تبلغ تلك النسبة في العمالة السعودية 64%، بجانب تدني المؤهلات التعليمية للعاملين السعوديين بقطاع الخدمات والزراعة والصناعة حيث إن (95 - 99%) منهم يحملون ثانوية عامة أو دبلوم متوسط، وتدني المستوى التعليمي للعاطلين حيث إن 55% منهم يحملون ثانوية عامة وأقل.
وحدد الدكتور العبدالقادر المشكلات التي تواجه تنمية الموارد البشرية على نطاق البعد التخطيطي في وجود فجوة في الطاقة الاستيعابية للجامعات السعودية حيث استوعبت في المتوسط (24%) فقط من خريجي الثانوية العامة خلال الفترة من 1416 - 1426هـ، إضافة إلى تعميق الفجوة في الإنفاق الحكومي على التعليم الفني الذي يمثل 5% فقط من الإنفاق على التعليم العام، و(3%) من إجمالي الإنفاق على مختلف أنواع التعليم.
وسجلت الدراسة معدل نمو خريجي الثانوية العامة 9% سنوياً مما أدى إلى ضعف معدل نمو المقبولين بالجامعة 4.6% سنوياً، ونتج عنه وجود فجوة في نوعية التخصصات لخريجي الجامعات (76% نظرية، 24%عملية)، بجانب ضعف في مساهمة القطاع الخاص في التعليم الجامعي 1%، وفي التعليم العام 8%، ووجود فجوة في البحوث والمعلومات في مجال تنمية الموارد البشرية من حيث تضارب البيانات بين الجهات وندرة الدراسات والبحوث في هذا المجال.
وأوضحت الدراسة أن وجود ازدواجية في لوائح التعيين والعقود والتوظيف والأجور ومزايا نظامي التأمينات الاجتماعية والتقاعد بين القطاعين العام والخاص سواء أثناء الخدمة أو بعدها، تعد من أبرز المعوقات التشريعية التي تواجه وضع رؤية واضحة لتنمية الموارد البشرية، إضافة إلى ضعف تشريعات تحفيز القطاع الخاص للمشاركة في الاستثمار بقطاع التعليم مع وجود قيود على نشاطه وتشريعات تفرض رسوماً على التدريب الأهلي، وضعف آليات متابعة تنفيذ القرارات الصادرة بشأن السعودة أو تشغيل الإناث، بجانب ندرة التشريعات اللازمة لتوجيه الدعم للمستحقين فقط وفق ضوابط محددة، وجود تعارض في أهداف خطة التنمية الثامنة من حيث التوسع الحكومي اللامحدود في مجال التعليم والصحة وبين توسيع فرص الاستثمار أمام القطاع الخاص، مع وجود اختلاف في رؤى الجهات ذات العلاقة بتنمية الموارد البشرية.
وأكدت الدراسة أن التحدي الأكبر الذي يواجه المملكة في المرحلة المقبلة يتمثل في سرعة انتهاج عدد من السياسات والتشريعات الجديدة واللازمة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والسلوكية لتنمية الموارد البشرية، حيث إن انتهاج نفس الأساليب المستخدمة لمعالجة المشكلة بالخطط السابقة سيؤدي إلى إحداث آثار سلبية على التنمية والتقدم واللحاق بقاطرة العولمة.