عندما أعلن طرح شركة قوقل للاكتتاب بسعر سبعين دولارا في منتصف 2004، أحجم البعض عنها ليس بسبب ارتفاع سعرها ولكن بسبب فقاعة أسهم الانترنت التي لم يزل يتذكرها الكثيرون
وقت اكتتابها، ولكن بسبب أن قوقل إلا أنها ومع ذلك خالفت التوقعات وهي اليوم يقترب سعر سهمها من700 دولار وقيمة سوقية تجاوزت 200 مليار دولار أمريكي.
وكأي شركة طموحة تريد استغلال الوقت، قامت قوقل بعمليات الاستحواذ للتقنيات التي تحتاجها بدلا من تطويرها من البداية، فكانت البدايات بالاستحواذ على شركات تقنية التدوين والمدونات، إذ وقع اختيارها على شركتي Pyra Labs وGenius Labs عام 2003، وحيث إن المدونات تحتاج إلى تصاميم وألوان جذابة لتحسينها استحوذت قوقل على شركة Ignite Logic والمختصة بإنشاء المواقع على الانترنت عام 2004، كما أن حاجة المتصفحين لوضع صورهم الخاصة في مواقعهم وترتيبها في أجهزتهم استحوذت قوقل على Picasa، وفي هذا العام كذلك توجهت قوقل إلى عالم الخرائط فقامت بشراء شركتين وهما Keyhole، Inc للاستفادة منها في تطوير قوقل إيرث، وشركة Where2 للاستفادة في تطوير خرائط قوقل.
وقبيل نهاية 2004 كانت تراود قوقل فكرة الدخول إلى السوق الصيني الكبير مما دعاها إلى شراء حصة قليلة من شركة Baidu المتخصصة في برامج البحث باللغة الصينية، ثم قامت قوقل بشراء الشركة بالكامل فيما بعد.
وبعد أن طرحت قوقل في السوق، أصبحت قضية التوسع محلولة ماليا، ويبقي السؤال:
إلى أي اتجاه تخطو قوقل في خدماتها من خلال الاستحواذ، ففي عام 2005 كانت النظرة الإستراتيجية لقوقل نحو خدمة الاتصالات والدخول في عالم الانترنت عموما والمحمول خصوصا، فاشترت شركة Reqwireless والمختصة بتصفح الانترنت والبريد الإلكتروني عبر الهاتف المحمول، بالإضافة إلى شرائها لشركة Android ذات البرامج الخاصة كذلك بالهاتف المحمول، كما أنها بدأت بالاستثمار في شركات تقديم الاتصالات مثل Current Communications Group وAkwan Information Technologies وخمسة بالمائة من AOL.
في هذه السنة ظهر توجه آخر لقوقل وهو محاول كسر احتكار برامج مايكروسوفت ولكن عبر الانترنت، دون الحاجة لتحميل البرنامج في جهازك، فإنه بمجرد دخول على صفحة الإنترنت في قوقل والخاصة بعمل الجداول، فإنك ستشعر وكأنك قد فتحت برنامج الجداول الخاص بمايكروسوفت (اكسل) ولهذا الغرض اشترت قوقل شركة 2Web Technologies التي تملك برنامجا لعمل الجداول، وبعدها بسنة اشترت قوقل شركة أخرى مختصة ببرنامج معالجة النصوص على الانترنت وهي Upstartle لغرض منافسة برنامج الوورد التابع لمايكروسوفت وشركة ثالثة وهي Tonic Systems لعمل العروض على غرار بور بوينت.
في عام 2006 كانت هناك ما يقارب من عشرة استحواذات تطويرية، ولعل أبرزها هو شراء YouTube، وهو امتداد طبيعي للمدونات ولكنه بالصوت والصورة، فمدونات الفيديو فيه بالآلاف، ناهيك عن إقبال الناس عليه لأنه يخولهم بمشاهدة ما يريدون وقت ما يريدون، الذي يعني لقوقل أهمية توظيف ذلك في الدعايات عبر الانترنت، التي هي جوهر عمل الشركة.
أما عام 2007 فلا يزال يشهد حتى هذه اللحظة الاستحواذ تلو الآخر، ونظرا لتوجه عدد من الشركات المنافسة مثل ياهو لتقديم خدمات الاتصالات عبر الانترنت، بادرت قوقل بشراء شركة GrandCentral وبدأت بتقديم الخدمة، من زاوية أخرى لعل معظمكم بدأ يلحظ خدمة التغذية الذاتية التي تعرف ب(RSS)، ونظرا لهذا التوجه العالمي، اختصرت قوقل الوقت للدخول في هذا المجال من خلال شرائها لشركة FeedBurner، والبقية تأتي.
بقي القول إن هذه الاستحواذات لا تعني أن الشركة ليس لديها التطوير الداخلي، فقد كانت الشركة تستقطب الكوادر وخاصة الهندية إلى أمريكا للبحث والتطوير، ونظرا للتوسع الكبير فقد أعلنت الشركة عن افتتاح فرع لها في الهند، مختص في تطوير خدمات الشركة.
وفي هذا الزمن الذي اشتهرت فيه دولة فنلندا من خلال عملاق صناعة الهواتف المحمولة نوكيا، فهل تصدقون أن قوقل كان بإمكانها أن تكون شركة عربية، فالموضوع لا يتعدى كونه برنامجا ناجحا في أرض الإنترنت الخصبة التي لا تعترف بأي حدود جغرافية، على كل، تظل الاستحواذات لشركات عالمية تقنية بديلا أمثل للنمو في مجال التقنية.
yhodaif@hotmail.com