على الدوام ظل الهاجس الأمني ضمن اهتمامات المنطقة، وهذا الأمر تأكد خصوصاً في ظل العقدين الماضيين اللذين شهدا ثلاث حروب كبرى، ومن الطبيعي والحال كذلك أن يكون الأمن على رأس الأجندة الرئيسة التي يبحثها اليوم قادة مجلس التعاون في الدورة 28 للمجلس، كما تبقى ملفات أخرى مثل الملف الاقتصادي مركزاً للاهتمام أيضا؛ باعتبار أنه يشكل جانباً كبيراً من عمل المجلس، مثلما هو انعكاس للدور الاقتصادي الحيوي لمجمل دول المنطقة في حركة التجارة الدولية..
وبصفة عامة فإن الحاجة تتزايد لروابط اقتصادية أقوى وأوثق، ومثلما أن ذلك رغبة شعبية واسعة فهو أيضا ضمن طموحات القادة الذين يرون فيه تواصلاً مهماً لهذه المسيرة التي تقترب من إكمال عقدها الثالث، فالجميع يتطلعون إلى السوق المشتركة والعُملة الموحدة وكل الخطوات التي من شأنها تعزيز التقارب بين دول وحكومات المنطقة، وفي الذهن دائماً نتائج مبشرة لكيانات كبرى تثبت يوماً بعد الآخر أهمية العمل الجماعي المشترك.
تهيئة الساحة الخليجية لانطلاقة أوسع في إطار مجلس التعاون يستلزم بالضرورة إيلاء الاهتمام أكثر للمهددات، فالحروب التي شهدتها المنطقة هددت بالفعل الميزات التي تنفرد بها كصاحبة أكبر احتياطي نفطي يتجاوز ربع ما لدى العالم، ومن ثم فإن الضرورات تحتم في كل الأحوال متابعة مسألة الأمن، وبالطريقة التي تبعد عن المنطقة شرور الصراعات أو نشوب حرب أخرى..
هذه الأهمية القصوى التي تتخذها مسألة الأمن تستوجب أن يكون الجوار متفهماً للمخاوف الخليجية، وأن تكون دولة مثل إيران على قدر كبير من الاهتمام بالهواجس وما يعتمل في صدور جيرانها، وعلى سبيل المثال فالمطلوب تعاون من طهران يُظهر أنها فعلاً راغبة في تسوية مسألة الجزر الإماراتية الثلاث بالطريقة التي تبعد شبح الصراعات المسلحة..
وبشأن إيران أيضا، وهي التي ستحضر لأول مرة قمة خليجية، فإنها محور لصراع بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، ومع السعي الخليجي لإبعاد كل مظاهر التوتر فإن الدول الست تتطلع إلى تسوية بين إيران ودول الغرب حول الملف النووي، حتى لا يترسخ كنقطة توتر دائمة قد تتطور إلى حرب أخرى..
كما أن الدول الست الأعضاء في المجلس تتطلع إلى إزالة كل مظاهر السباق النووي في المنطقة، وهي تنظر بالكثير من القلق إلى البناء النووي لإسرائيل وقنابلها المائتين الجاهزة للاستخدام، وخصوصا أن إسرائيل تشكل تحدياً للجميع بسبب رفضها المتواصل لأسس التسوية الشاملة والعادلة لصراعها مع الأمة العربية.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244