«الجزيرة» عبدالعزيز السحيمي- فيصل الحميد
شهدت الجلسة الافتتاحية لمنتدى الرياض جدلاً واسعاً حول تطوير إدارة الفوائض المالية وأساليب توظيفها في المملكة، وقد بدأت بوادرها عندما انتقد وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف في كلمته الصحافة وتطرقها لموضوع استثمار الفوائض بقوله: (الاستثمارات تسير بشكل مرض بعيدا عن العناوين الفضفاضة).
لكن عضو مجلس الشورى الدكتور عبد الله دحلان الذي كان معنيا بانتقاد الوزير استغرب من توجيه الانتقاد كونه استند إلى دراسة قام بها فريق متخصص من الاقتصاديين تحمل في طياتها مؤشرات غير مرضية، وقال إننا لا نشكك في قدرة القائمين على إدارة الفوائض ولكن وبالنظر إلى الظرف الحالي وحجم الفوائض يتوجب إعادة هيكلة التوظيف بعيدا عن الاجتهاد المبني على الرأي الواحد.
وطالب دحلان المحاور الوحيد في الجلسة أن تتفرغ مؤسسة النقد لمهامها الرئيسة (كبنك مركزي) وان تتولى إدارة الفوائض المالية جهات أخرى تكون مؤسسات تملكها الدولة تطرح للاكتتاب في وقت لاحق.
مشيرا إلى أن الشركة التي أعلن عنها الوزير جيدة من حيث المبدأ ولكن نحتاج إلى اكثر من شركة. وتسأل عن حجم المبالغ المستثمرة في الخارج وكم نسبة عوائدها وخسارتها مبينا أن المعلومة غائبة. وكان دحلان قدا بدأ مداخلته بقوله أنا (صومالي هذه الجلسة) في إشارة إلى المثل الدارج عند أهل مكة عندما تكون هناك حملة حج صعبة لا يتحملها إلا صومالي، وقال لم يجد المنتدى أحدا غيري يكون محاور في هذه الجلسة الحساسة.
وكانت الجلسة التي رأسها الأستاذ عبد العزيز بن راشد مدير مكتب الراشد مستشارون ومحاسبون وقانونيون، قد بدأت بعرض من أحمد الراجحي عضو الفرق المشرفة على دراسات المنتدى أوضح فيها سلبيات إدارة الفوائض المالية في المملكة من خلال دراسة متكاملة أعدتها الأمانة العامة للمنتدى في غياب المفهوم المحدد للفوائض المالية, وعدم وجود طريقة محددة لاحتساب أو تقدير الفائض كما لا تتوافر قواعد تلزم مثلاً أن لا يتجاوز الإنفاق الجاري ضعف أو ضعفي الإيراد غير النفطي أو لا يتجاوز الإنفاق الجاري نسبة محددة من الإيرادات النفطية أو أن تكون هناك قاعدة تحول نسبة محددة من الإيرادات النفطية للإنفاق الرأسمالي لتمويل المشروعات أو أن تعامل كفوائض مالية.
وعابت الدراسة على أسلوب وزارة المالية بقيامها توظيف الجانب الأعظم من هذه الفوائض عن طريق مؤسسة النقد وصندوق الاستثمارات العامة ليقوما باستثمار معظم الفوائض المالية المتاحة في ودائع بنوك خارجية أو شراء أوراق مالية خارجية.
واستنتجت الدراسة من تجارب عدد من الدول شملت سنغافورة والنرويج وماليزيا والكويت وابوظبي والصين الشعبية التي تتوافر فيها فوائض مالية ولديها استراتيجيات واضحة في إدارتها، ان المصرف المركزي لا يقوم عادة بالعمل كذراع استثماري للدولة، ولا تقوم الإدارات أو المنظمات التي تدار بالأسلوب الحكومي بإدارة هذه الاستثمارات, والنموذج الأكثر تطبيقا هو تأسيس شركات وفق النظام السائد في البلد على أن تعمل مثل باقي الشركات الأخرى باستثناء تملك الدولة لكامل الأسهم ، لتقوم بدور الجهاز الاستثماري للدولة والقوة الموجهة للاستثمار، على أن تخضع للعلنية والشفافية وحوكمة الشركات وتدقيق الحسابات الخارجية وإدارة الاستثمار وفق قواعد الاستثمار التجاري البحت.
إضافة إلى أن تشكل هذه الشركات من خلال عوائد الاستثمار الذكي مصدر دائم وقوي لتغذية الميزانية العامة، لتكون هذه الشركات أداة قادرة على إنشاء شراكات اقتصادية مع شركات اقتصادية عملاقة ورائدة في مجالها على المستوى العالمي.
والجلسة لم تثر حفيظة وزير المالية فقد دافع أمين عام صندوق الاستثمارات العامة عن استثمارات الصندوق، مشيرا إلى أن الدراسة لم تشر إلى استثمارات الدول التي جاءت في الدراسة كتجارب هل استثمرت داخل دولها أم خارجها! مشيرا إلى أن المطالبة بتحويل الصندوق إلى شركة لن يكون الخيار الأمثل كونه سيركز على الاستثمار ويغفل التنمية!.