«الجزيرة» - حازم الشرقاوي - زهير الغزال
بينما الساعة تقترب من الرابعة من مساء أول أمس الثلاثاء امتطى الدكتور محمد الحربي طبيب سعودي (راتبه 10 آلاف ريال) سيارته الخاصة متجولاً على مكاتب شركات الحج في جنوب وشمال الرياض فرأى تفاوتاً وارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الحملات في موسم هذا العام، حيث تراوحت الزيادة هذا العام ما بين 30% - 50%، فرصد بعض الأسعار فتراوحت أسعار حملات الفئة (أ) بالطائرة ما بين 6800 - 9000 ريال والاتوبيسات ما بين 5800 - 8000 ريال والفئة (ج) ما بين 4300 - 6000 ريال. فوقف الطبيب الحربي الذي يرغب في تأدية مناسك الحج مع زوجته مندهشاً أمام هذه الأسعار وتفاوتها ما بين حملة وأخرى والتي وصفها بأنها أصبحت شبيهة بالموضة فقال: كل شركة أصبحت تقلّد الأخرى وترفع أسعارها، فأعمال شركات الحج كلّها داخلية ليس فيها أشياء مستوردة حتى يؤثر فيها سعر الصرف، فالخيام تشرف عليها وزارة الحج ولم ترفع إيجارها والناقل (جوي وبري) لا يواجه مشاكل في أسعار الوقود بعد أن تم تخفيضها بنسبة كبيرة عن العام السابق، رواتب العمالة كما هي لم تزد، فلماذا هذه الزيادات؟
(الجزيرة) حرصاً منها على متابعة الأحداث أرادت أن تلقي الضوء على هذا الجانب خصوصاً أن الجميع أصبح متابعاً لأحداث موسم الحج وأسعار الحملات فتوجهت إلى مقار بعض الشركات التي أكد بعض العاملين فيها أن هناك زيادات تمت في أسعار حملات هذا العام، فيما أشار البعض إلى أن هناك زيادات إضافية تمت هذا الأسبوع حيث زادت بعض الحملات أسعارها بنسبة تتراوح ما بين 10-15% خلاف الارتفاعات السابقة.
الغلاء مقابل الجودة
برر عدد من ملاك شركات حجاج الداخل أن ارتفاع التكلفة يعود إلى تنامي أجور الخدمات من نقل وإعاشة وسكن في المشاعر المقدسة وأشاروا إلى أن شركاتهم تقدم خدمات جيدة مقابل المبالغ المحصلة من الحجاج. وبيّنوا أن مؤسسات حجاج الداخل تواجه ارتفاعاً في تكلفة النقل والسكن الأمر الذي انعكس على الأسعار.
وأكد العاملون بشركات الحج على أن ارتفاع الأسعار يرجع إلى الحرص على تقديم خدمة ذات جودة عالية ترضي الحجاج بالإضافة إلى ارتفاع الأجور وأسعار المستلزمات في المشاعر المقدسة وارتفاع تكلفة النقل الجوي والبري. وطالبوا بضرورة قيام الجهات المختصة بوضع معايير وضوابط عامة لمستوى جودة الخدمات ومراقبة الجهات المختصة للمؤسسات الداخلية في تحديد المبالغ المطلوبة من الحجاج مقابل الخدمات المقدمة لهم وتفعيل دور المنافسة بين تلك المؤسسات لتقديم خدماتها بجودة أعلى وتكلفة أقل وتشكيل لجنة لمراقبة ومتابعة تقيد المؤسسات الداخلية والتزامها ببنود العقد المبرم بينها وبين الحجاج وفرض العقوبات الرادعة على المؤسسات التي تخل ببنود العقد وما أعلنت عنه من خدمات.
وأشاروا إلى أن سبب تفاوت الأسعار يرجع لتباين مستوى الخدمات وقرب المخيم أو بعده عن جسر الجمرات كما تتنافس المخيمات في تقديم مزاياها من حيث الاتوبيسات المكيفة والمخيمات الواسعة المكيفة وتوفير بوفيه مفتوح على مدار الساعة للمشروبات الساخنة والباردة، كما توفر المخيمات طبيباً وطبيبة للحالات المرضية الطارئة وأيضاً حراسات أمنية للمخيمات، كما تستضيف أحد العلماء للإجابة عن استفسارات الحاج.
عملية تجارية:
وخلال جولة (الجزيرة) بالأحساء تبين أن الوضع لا يختلف كثيراً عن الرياض فالمواطن خالد الحواج يرى أن تحديد المبلغ من حملات للحج غير مقنع لنا فهناك أشخاص يريدون الحج عبر الدرجة الممتازة ويبحثون عن الأنسب لهم مهما كانت الأسعار، وهناك أيضاً أسعار محدودة لراغبي الحج دون رفاهية زائدة وفي كل الأحوال نرى بأن الأسعار كبيرة إذا قارناها بالعام الماضي، فيما فيقول محمد بن عبد الله أن الحج لا بد أن تكون فيه مشقة لأنها فريضة يؤديها المسلم مرة واحدة في العمر كله، فأنا أبحث عن تقديم خدمات إرشادية ولا تهمني إغراءات الراحة والرفاهية.
أما علي بن عبد الله فيرى أن أسعار الحملات قد يكون مناسباً لشخص وغير مناسبة للآخر، فالتفاوت في الأسعار طبيعي حسب الخدمات وإمكانات الراحة... لكن من الضروري أن تكون هناك أسعار في متناول الجميع لأنها فريضة ويجب على كل مسلم القيام بها ولا يجب أن يستغل البعض هذه الشعيرة الإسلامية للمرابحة على حساب الآخرين، ويجب على المسلم أن يتعامل مع هذه المناسبة بشكل يرضي الله عزّ وجلّ.. أما المواطن حسين بن رضا الطرفي فيقول: إن أسعار حملات الحج تكون معقولة ومناسبة عند البعض... فبعض الحجاج يحرص على توفر الشروط المحددة للسكن وهناك من يقبل بالسكن العادي والبسيط كما أن هناك من يشترط فندق خمس نجوم وهذا يعود للحالة المادية ما بين فرد وآخر.. وبالتالي يأتي السعر حسب الشروط التي يتطلبها الحاج من مكتب حملة الحج...
المواطن زكي الرصاصي يرى أن أسعار حملات الحج إذا ما تجاوزت الخمسة آلاف ريال تعد مرتفعة للغاية وتصبح بذلك عملية تجارية لأصحاب المكاتب، فلا يجوز المغالاة في الحج لأنه في الأساس فريضة دينية ولا يجب أن يقتصر التفكير فيه على الربح دون غيره...
وأضاف أتمنى أن تقل الأسعار حتى تشجع المسلمين جميعهم على أداء الفريضة حتى لا يبررون عدم أدائها بارتفاع الأسعار التي قد تعوق بالفعل البعض عن أداء الفريضة...
الالتزام بالخدمات
المواطن لؤي بن صالح العلي يؤكد أن أسعار الحملات تعد نسبة وتناسباً، فقد يفاضل البعض مميزات معينة كالطيران والسكن المريح والانتقالات بباصات بخصائص معينة ووجبات خاصة، فهذه الشروط متوافرة وكذلك هناك شروط أخرى أقل رفاهية بتكلفة مادية أقل... لكن المشكلة هي أن أصحاب مكاتب الحملات قد يضعون وعوداً بتوافر خدمات معينة ولكن عند الذهاب والوصول إلى الأراضي المقدسة لا تجد هذه الوعود محلاً للتطبيق في الواقع كما كان الوعد.. ولذلك فأنا أرى أن أصحاب الحملات يجب عليهم أن يحذروا من خداع الحاج وأن يلتزموا بوعودهم التي قطعوها على أنفسهم قبل أداء الفريضة.. ويشاركه بالرأي المواطن أحمد بن علي البقشي حيث يقول: التوافق والتطابق بين الدعاية التي تقدمها الحملة يجب أن تكون متطابقة مع ما تقدمه على أرض الواقع ويضيف: بعض الحملات تستعرض دعائياً بشعارات فقط الخدمات المميزة والوجبات والسكن والانتقالات وعندما يصل الحاج لا يتفاجأ بعكس ذلك، وهنا ندعو أصحاب الحملات إلى اتقاء الله سبحانه وتعالى وتوخي الصدق والأمانة حتى لا يخسروا سمعتهم.
حسين الفهيد مسؤول مكتب حملة بالاحساء يقول: إن نسبة التفاوت في أسعار حملات الحج بمحافظة الأحساء ترجع إلى مدى ما توفره تلك الحملات من خدمات ومن بينها الحصول على تذاكر الطيران التي تكلف التذكرة الواحدة منها 1150 ريالاً للشخص الواحد، لأننا نحصل عليها عن طريق حجز طائرة خاصة للحملة يتم تجهيزها للحجاج.. فهذه في البداية نقطة مفاضلة من حملة إلى أخرى قد لا توفر طيراناً على هذا المستوى... أما بقية الخدمات فهي تختلف أيضا خاصة توفير السكن المناسب من مخيمات ومدى قربها أو بعدها من (منى)، فهناك خيام يزيد سعر الواحدة على 7500 ريال، وكذلك في الجمرات حيث يتم تقسيم الخيام إلى فئات تبدأ من 1500 ريال حتى 7500 ريال فهذه تعد مفارقات في الأسعار لحملات الحج إضافة إلى ما تقدمه الحملة من بوفيه مفتوح يوجد به عدة أصناف في الوجبات الثلاث ... وكذلك توفير باصات حديثة مجهزة للتنقل داخل مكة. ويقول علي الأحمد مسئول بمكتب حملة أخرى: إن نسبة التفاوت في أسعار حملات الحج يرجع إلى ما توفره من إمكانات وبرامج فعالة وسكن مميز.