Al Jazirah NewsPaper Saturday  01/12/2007 G Issue 12847
الاقتصادية
السبت 21 ذو القعدة 1428   العدد  12847
مع اقتراب نهاية العام وبدء العد التنازلي لإعلان الأرباح النهائية
ما هو الأفضل لمستقبل السوق والشركات.. المنح أم التوزيعات النقدية؟

الجزيرة - عبدالله البديوي

يدخل سوق الأسهم السعودية هذا الأسبوع الشهر الأخير من هذا العام الحالي 2007م، وهو ما يعني أنه لم يتبق سوى أسابيع قلائل على إفصاح الشركات عن نتائجها المالية وأرباحها السنوية، وسيكون للشركات الرابحة ثلاث خيارات في طريقة التعامل مع أرباحها، إما بتوزيع الأرباح نقدياً على مساهمي الشركة، أو زيادة رؤوس أموالها وتحويل الأرباح إلى رأس المال عن طريق المنح، والخيار الثالث سيكون بتحويل الأرباح إلى الاحتياطيات، وربما تقوم بعض الشركات بتنويع التعامل مع الأرباح بين التوزيع النقدي والمنح والتحويل للاحتياطيات.

وبالنظر إلى ماضي الشركات المدرجة في السوق في التصرف بالأرباح نجد أن الشركات حققت في العام الماضي 2006م أرباحاً بلغت 77.1 مليار ريال وقامت تلك الشركات بتوزيع أكثر من 23 مليار من تلك الأرباح وزادت عدد من الشركات رؤوس أموالها مستخدمة 19 ملياراً من الأرباح المحققة، وفضلت الاحتفاظ بالباقي وتحويلها للأرباح المبقاة واحتياطياتها.

في هذا العام يتوقع أن تتجاوز أرباح شركات السوق 84 مليار ريال ولكن طريقة التوزيعات لا تزال أمراً مجهولاً لحين انتهاء الشهر الأول من العام القادم .

هناك اختلاف كبير في وجهات نظر المحللين والمتداولين بين أفضلية الابقاء على الأرباح والمنح أو التوزيع النقدي، فالطرف الأول يرى إيجابية في الإبقاء على الأرباح وزيادة رؤوس الأموال معللين ذلك بأنه أمر إيجابي لمستقبل الشركات وتوسعها وزيادة إنتاجها، وكذلك يرون في زيادة حقوق المساهمين تقوية لمركز الشركات مما يزيد من فرصها في الحصول على القروض متى ما أرادت ذلك وكذلك استغلال الفرص المستقبلية خصوصاً أن السوق المحلي يمر بطفرة قوية في معظم القطاعات الاقتصادية يجب استغلالها أحسن استغلال.

بينما يرى الطرف الآخر أن شركات السوق قد وصلت لمرحلة التشبع من ناحية زيادة رؤوس أموالها، نظراً لأنها انتهجت هذا الأمر بشكل واضح في السنوات الخمس الأخيرة مما صعب عليها تحقيق الأرباح مجزية مقارنة برأس المال أو حقوق المساهمين مستدلين بشركات لم تحقق نمواً في الأرباح رغم الزيادات المتتالية لرأس مالها مما قلل نسبة الأرباح لرأس المال، ويرون أيضاً أن السوق بحاجة للسيولة، والتوزيع النقدي للأرباح يزيد من السيولة التي تدخل السوق نظراً لأن معظم الأموال المصروفة للمساهمين تعود تلقائياً للسوق عن طريق شراء المستثمرين للأسهم من جديد بقصد الاستثمار، وكذلك يؤكد أصحاب هذا الرأي بأن عدم التوزيع النقدي للأرباح والأبقاء عليها بشكل متواصل سبب رئيسي في عدم جاذبية عدد كبير من الأسهم المحلية في نظر المستثمرين الذين يبحثون عن العوائد المالية الحقيقية.

وتتباين آراء المراقبين والمحللين الماليين حول الأسباب الداعية الى قيام شركة ما بتوزيع أسهم منحة على المساهمين إلا أنهم يتفقون على أن الممارسات في الشركات ليست في مجملها سليمة في هذا الخصوص بل إن عدداً من قرارات توزيع أسهم المنحة لم تكن على أساس فني أو على أساس رغبات بتوسيع الأنشطة أو الدخول في مشاريع جديدة.

من المعلوم أن أحد أهم الدواعي لتوزيع أسهم المنحة في أسواق المال العالمية هو أن يكون لدى الشركة توسعات إستراتيجية تستدعي زيادة رأس المال، وبالتالي تقوم الشركة بزيادة رأس مالها عن طريق توزيع أسهم منحة مجانية كاستعاضة عن التوزيعات النقدية وذلك من أجل زيادة رأس المال والتوسع في مشاريع إستراتيجية بتكلفة تقل كثيراً عن الاقتراض سواء المباشر من البنوك أو غير المباشر عن طريق السندات وهو أمر ممتاز وإيجابي لمستقبل الشركة المانحة خصوصاً إذا ما تم ذلك وفق منهجية واضحة وخطط مستقبلية ممتازة، ولكن الواقع يؤكد على أن قيام بعض الشركات بالمنح وزيادة رؤوس الأموال في السنوات الأخيرة مجرد خطوة لإرضاء المساهمين بالدرجة الأولى وذلك بسبب عدم قدرة بعض الشركات على الإيفاء بتوزيعات نقدية مجزية مقارنة بالسعر السوقي للسهم، إما بسبب أرباح غير تشغيلية أو أرباح غير محققة أو نقص في (الكاش) الموجود في شركة ما.

إن عدم الاستفادة من أموال زيادات رؤوس الأموال في بعض الشركات التي اتخذت قرارات بالمنح في السنوات الأخيرة دليل واضح على أن العملية كانت بالفعل لإرضاء المساهمين أكثر من حاجتها لزيادة رأس المال أو التوجه لتوسعات إستراتيجية محملة نفسها عبء زيادة رأس المال بدرجة قد لا تخدمها في المستقبل لعدم قدرتها على الاستمرار في تحقيق نسب النمو المعتادة سنويا في معدلات الأرباح التي تحققها هذه الشركة، والحقيقة أن قرارات مثل هذه ما هي إلا علاجات مؤقتة قد يكون لها انعكاسات سلبية مستقبلاً. فالشركة التي يبلغ رأس مالها 100 مليون ريال وقامت بمضاعفة رأس مالها إلى 200 مليون ريال سينخفض العائد على سهمها للنصف إذا استمرت أرباحها بنفس الوتيرة وخلت من النمو.

هذا الكلام لا يعني عدم جدوى المنح، ولكن المقصود به المنح بهدف المنح فقط مما يثقل كاهل الشركات مستقبلاً، وإلا فإن المنح كان له مفعول قوي في نمو أرباح العديد من الشركات وزاد من توسعاتها ولم يقلل من العائد على السهم بل ربما زاد منه، وخير مثال على ذلك شركات القطاع البنكي التي نمت أرباحها أكثر من 270% خلال 6 سنوات بفضل التوسعات الكبيرة المدعومة من زيادات رؤوس الأموال المتكررة، وعندما نرى تاريخ شركة (سابك) التي انتهجت سياسة المنح أكثر من مرة نرى أن العائد على السهم في عام 2003م لا يتجاوز ال4 ريالات رغم أن رأس المال كان وقتها يبلغ 15 مليار ريال، بينما يتوقع أن يبلغ عائد السهم هذا العام حوالي ال11 ريالاً على الرغم من أن رأس المال الحالي يبلغ 25 مليار ريال، وما نجاح هذه الشركات وغيرها إلا دليل قاطع على أن زيادة رأس المال ربما تكون محفزاً رائعاً لنمو أرباح الشركات متى ما استغل بشكل صحيح وسبق بتخطيط مدروس وتوفرت الظروف الاقتصادية المناسبة.

وبالنظر إلى تاريخ الشركات في التعامل مع أرباحها خلال السنوات الثلاث الأخيرة نجد أن قطاعي التأمين والأسمنت كانا في صدارة القطاعات من ناحية التوزيعات النقدية للأرباح، إذ فضلت شركات قطاع الأسمنت توزيع أكثر من 67% من أرباحها بشكل نقدي، واستخدمت 21% من تلك الأرباح للمنح، بينما جاءت الشركة التعاونية للتأمين في صدارة الشركات في هذا الجانب إذ وزعت نقدياً أكثر من 92% من أرباحها منذ إدراجها في السوق.

أما أكثر القطاعات اصداراً للمنح فكان القطاع البنكي بلا منازع، إذ حولت شركات القطاع 61% من أرباحها في السنوات الأخيرة لرؤوس أموالها مصدرة أسهما جديدة لمساهميها، ولم يكن للتوزيعات النقدية سوى 28% فقط من تلك الأرباح، ويبدو أن شركات القطاع كانت سباقة هذا العام أيضاً في المنح بعد إعلان بنك (ساب) عن نيته تحويل أرباحه لرأس المال في جمعيته غير العادية القادمة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد