Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/11/2007 G Issue 12844
الاقتصادية
الاربعاء 18 ذو القعدة 1428   العدد  12844
رفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية
الإجماع على ضرورة التحفيز على التجديد والتطوير للخدمات والإدارة بالمشاركة
مقدم الدراسة/ أحمد صالح الحميدان

بينت نتائج دراسة (رفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية - مطلب أساس للتنمية) التي أنجزها منتدى الرياض الاقتصادي الثالث الى رفع الخصخصة لأداء قطاع الهاتف والكهرباء وحصولهما على تقدير جيد جداً، بينما الخدمات الحكومية الحاصلة على نفس التقدير ضئيلة نسبياً وتمثل فقط 5.26% من جملة عينة الدراسة، وكانت الجوازات وكتابة العدل الوحيدتين اللتين حصلتا على هذا التقدير.

وتهدف الدراسة إلى تشخيص مشاكل الوضع الراهن لمستوى أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية المختلفة وتقييمها بغية اقتراح عدد من التوصيات لزيادة الكفاءة والفاعلية وجودة مستويات الأداء بما يحقق رضا المستفيدين المتعاملين مع تلك الأجهزة ويوفر البيئة الاستثمارية الملائمة للقطاع الخاص.

نتائج الدراسة المكتبية

1- تناولت الدراسة المكتبية بعض أدبيات الدراسة المتعلقة بمفهوم القطاع الحكومي ودوره، وبعض معوقات أداء الأجهزة الحكومية بوجه عام، وبعض أساليب رفع كفاءة الأداء بالأجهزة الحكومية، فضلا عن نبذة سريعة عن تطور برامج الإصلاح الإداري بالمملكة وإنجازاتها، وبعض آراء علماء علم الإدارة، وبعض الدراسات ذات العلاقة بموضوع الدراسة.

2- التجارب الدولية الناجحة في مجال تطوير أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية: تناولت الدراسة تحليلا لكل من التجربة الكندية والنيوزيلندية والسنغافورية والماليزية بالإضافة إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفيما يلي عرض موجز لأهم الدروس المستفادة من تجارب تلك الدول وإمكانات الاستفادة منها وتطويعها بما يلائم البيئة المحلية، وذلك كما يلي:

* تبسيط الإجراءات وتفويض الصلاحيات للموظفين، التركيز على المخرجات للخدمة بدلا من المدخلات وعلى النوعية وليس الكمية، تطبيق أنظمة موضوعية ومعايير كمية للحكم على مستوى أداء الخدمات، حتى يمكن تحديد المسئوليات والمساءلة والمحاسبة، تطبيق أساليب الثواب والعقاب على الموظفين، استخدام التقنية في تقديم الخدمات، إسناد بعض الخدمات لجهات غير حكومية، تدريب الموظفين الإداريين والتنفيذيين المتعاملين مع الجمهورن تبني ثقافة عامة للمجتمع تستهدف تنمية ثقافة النقد البناء والتطوير والتقييم المستمر لأداء تلك الخدمات، وإنشاء هيئة متخصصة لتطوير أداء الخدمات الحكومية، وأجهزة رقابة خارجية على الجهات الحكومية، وتدعيم البحث العلمي في مجال تطوير وهندسة إجراءات تقديم الخدمات.

نتائج الدراسة الميدانية

وقد أسفرت عن النتائج التالية:

1- وجود تعارض في آراء فئات مجتمع الدراسة فيما يتلعق بدرجة الرضا العام عن أداء الخدمات بالأجهزة الحكومية، حيث أشار معظم رجال الأعمال لعدم رضاهم عنها، في حين أشار معظم المسئولين الحكوميين إلى رضاهم عنها، وهي نتيجة قد تبدو منطقية وتعكس حالة من التحيز لكل فئة تجاه مصلحتها، إلا أنها في الوقت نفسه تشير إلى وجود فجوة بين مقدمي الخدمة ومتلقي الخدمة وإلى وجود مشكلة تحتاج للعلاج، وإن رضا غالبية المسئولين والتنفيذيين الحكوميين عن أداء أجهزتهم الخدمية يمثل عائقا كبيراً أمام تحسين الأداء.

2- أما فيما يتعلق بتقييم مجتمع الدراسة لمستوى جودة الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية فقد أجمع كل من رجال الأعمال والمسئولون الحكوميون والمراجعون معا على وجود تحسن نسبي في عناصر الجودة المادية للخدمة ويقصد بها (مكان الخدمة وتجهيزاته من حيث سعته لاستقبال المراجعين وتوافر مقاعد لهم فضلا عن تكييف المكان ووجود مواقف كافية للسيارات وغيرها).

إلا أن رجال الأعمال يرون في الوقت نفسه وجود ظواهر سلبية مثل الواسطة وطول زمن إجراءات الخدمة وتعددها بدون داع، وعدم توافر كتيبات إرشادية لإجراءات الخدمات المختلفة وأنواعها، بالإضافة إلى عدم استقصاء الجهات الحكومية لآراء المستفيدين من الخدمة أو بحث شكواهم، وصعوبة الحصول على المعلومات اللازمة لهم من الأجهزة الحكومية.

ومن زاوية أخرى يقر غالبية المسئولين الحكوميين بغياب استخدام معايير لقياس كفاءة أداء الخدمة، وعدم استقصاء آراء المستفيدين من الخدمة، وتشير تلك النتيجة إلى غياب عنصرين من أهم العناصر اللازمة لتحسين كفاءة أداء الخدمات بالأجهزة الحكومية وتطويرها وبالتالي غياب أساليب الرقابة والمتابعة للأداء وصعوبة التمييز بين الموظف المتميز والموظف المقصر وانعدام إمكانية المساءلة ومحاسبة المقصرين في أداء الخدمة.

3- وفيما يتعلق بتقييم مجتمع الأعمال والمراجعين (المستفيدين) لمستويات أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية المختلفة، فقد تم استخدام مقاس ليكرت المعروف على صورته الخماسية لأغراض ترتيب مستويات الأداء، كما استخدم الرقم القياسي لرضا المستفيدين عن الخدمات وذلك لأغراض توحيد أساس المقارنة وتحديد النسب الواجب على كل جهة أو إدارة حكومية مقدمة للخدمات أن تحسن من مستواها في أداء الخدمات، وقد أسفرت نتائج تقييم وتصنيف مستويات الأداء للخدمات الحكومية المختلفة والبالغ عددها (38) خدمة عن النتائج التالية:

المجموعة الأولى

وتشمل مجموعة الخدمات التي حصلت على مستوى أداء ممتاز ويقع رقمها القياسي (90% فأكثر) وذلك طبقاً لمرئيات المستفيدين، هذا ولم تقع أية خدمة من الخدمات الحكومية المذكورة بعينة الدراسة تحت هذه المجموعة.

المجموعة الثانية

تشمل الخدمات الحكومية الحاصلة على مستوى أداء جيد جداً (من80% - أقل من90%) وضمت هذه المجموعة عدد (2) خدمة حكومية وهي خدمة الجوازات وكتابة العدل على التوالي، وتمثلان معا نسبة 5.26% من جملة عينة الدراسة، كما شملت عدد (2) خدمة من الخدمات التي تم تخصيصها وهي كل من خدمة الهاتف والكهرباء على التوالي وتمثلان معا نسبة 5.26% من جملة عينة الدراسة، أي أن جملة عدد الخدمات الحاصلة على تقدير جيد جدا بلغ أربع خدمات وتمثل 10.52% من جملة عينة الدراسة.

المجموعة الثالثة

وتشمل الخدمات الحكومية الحاصلة على مستوى أداء جيد ويقع رقمها القياسي (من70% لأقل من 80%) وضمت هذه المجموعة عدد (17) خدمة حكومية وتمثل حوالي 44.73% من عينة الدراسة، وهي مرتبة تنازليا على النحو التالي: إدارة التأمينات (بوزارة العمل)، الأحوال المدنية، ديوان المظالم، إدارة التصاديق (بوزارة الخارجية)، إدارة الدراسات (الهيئة العامة للاستثمار)، الزكاة والدخل، تأشيرات الزيارة (وزارة الخارجية)، المرور، خدمة التراخيص (المؤسسة العامة للتعليم الفني)، إدارة التسهيلات (الهيئة العامة للاستثمار)، إدارة التراخيص (الهيئة العامة للاستثمار)، الجمارك، إدارة التدريب (المؤسسة العامة للتعليم الفني)، المشتريات الحكومية، إدارة التراخيص الصحية، المناقصات الحكومية، المديريات الصحية.

المجموعة الرابعة

وتشمل الخدمات الحاصلة على مستوى أداء مقبول ويقع رقمها القياسي بين (60% لأقل من70%) وضمت هذه المجموعة عدد (9) خدمات حكومية وتمثل حوالي 23.68% من عينة الدراسة. وهي مرتبة تنازلياً على النحو التالي: خدمات النظافة (وزارة الشؤون البلدية)، خدمات المرافق (وزارة الشؤون البلدية)، خدمات المياه، إدارة التراخيص الصناعية والتجارية، خدمات الصيانة (وزارة الشؤون البلدية)، إدارة القضايا العمالية (وزارة العمل)، إدراة التراخيص (وزارة الشؤون البلدية)، إدارة السجل التجاري، خدمة البيانات والمعلومات (مصلحة الاحصاءات العامة).

المجموعة الخامسة

وتشمل الخدمات الحاصلة على تقدير ضعيف ويقع رقمها القياسي بين (50% لأقل من 60%) وضمت هذه المجموعة عدد (7) خدمات حكومية وتمثل حوالي 18.42% من عينة الدراسة، وهي مرتبة تنازلياً على النحو التالي: إدارة المحاكم، إدارة الدفاع المدني، إدارة المراقبة (وزارة الشؤون البلدية والقروية)، إدارة القضايا العمالية (وزارة العمل)، إدارة التراخيص (وزارة الشؤون البلدية والقروية)، الحقوق المدنية، المستشفيات (وزارة الصحة)، الصرف الصحي، الاستقدام.

المجموعة السادسة

وتشمل الخدمات الحاصلة على تقدير ضعيف جداً ويقع رقمها القياسي (50% فأقل) وشملت خدمة واحدة فقط وهي خدمة المستهلك وتمثل حوالي 2.63% من عينة الدراسة.

ومن النتائج السابقة تبين ما يلي:

أ- أن نسبة الخدمات الحكومية الحاصلة على تقدير جيد جداً (الجوازات، كتابة العدل) تعتبر ضئيلة نسبياً وتمثل فقط 5.26% من جملة عينة الدراسة.

ب- إن حصول خدمتي الهاتف والكهرباء على تقدير جيد جداً، ووقوعها بالمجموعة الأولى، إنما يشير إلى الأثر الواضح لعملية خصخصة الخدمات التي تمت على أرض الواقع، ودورها في التحسين والارتقاء بمستويات كفاءة أداء الخدمات من ناحية، فضلا عن دورها في زيادة مستويات رضا المستفيدين عن أداء الخدمتين.

ج- على الرغم من كون خدمتي الجوازات وكتابة العدل تمثلان المستوى القياسي الراهن وبمستوى رضا للمستفيدين قدره 80% بمعنى وجود فئة قدرها 20% غير راضية عن مستويات الأداء، وأن هذا المستوى يمثل المستوى المستهدف لكافة الإدارات المقدمة للخدمات في الأجهزة الحكومية الأخرى لكي تسعى للوصول إليه، إلا أنه يمكن القول بأن المملكة بوضعها الراهن وفي ظل توافر الإمكانات المالية اللازمة لتطوير أداء الخدمات، يفترض ألا تقبل مستوى رضا للمستفيدين أقل من90%، بمعنى الاكتفاء بوجود نسبة قدرها10% فقط أو أقل من غير الراضيين عن مستوى أداء الخدمات، وهي تعد نسبة مقبولة بالمعدلات الدولية المتعارف عليها.

د- وفي ضوء اعتماد الفرضية السابقة فإنه يمكن تحديد الأهداف المستهدفة لتطوير مستويات أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية المختلفة، وفي ظل غياب التقدير ممتاز كمستوى نسعى إليه يمكن المقارنة مع المجموعات المختلفة كما يلي:

ففي المجموعة الثانية يجب أن تستهدف خططها التنفيذية لتحسين مستوى الأداء رفعه بمقدار10% عن المستوى الراهن، أما في المجموعة الثالثة فيجب الارتقاء بمستويات أدائها بمقدار 20% وهكذا للمجموعة الرابعة، والخامسة والسادسة تحتاج للارتقاء بمستويات أدائها بمقدار 30%، 40%، 50% على التوالي.

هـ- واستناداً لما سبق يمكن القول إن هناك حاجة ماسة لتحسين كفاءة الأداء لجميع الخدمات بالأجهزة الحكومية المختلفة، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة حسب ترتيب كل خدمة في المجموعات السابقة، وأن أولويات التطوير يجب أن تستهدف الارتقاء بمستوى أداء المجموعة السادسة أولاً ثم الخامسة ثم الرابعة ثم الثالثة ثم الثانية على التوالي للوصول إلى درجة التميز التي تلبي طموحات المستفيدين.

4- أما بالنسبة للمعوقات التي تحد من تحسين كفاءة الأداء للخدمات في الأجهزة الحكومية فقد حددها المسئولون الحكوميون في مجموعة من العوامل والتي من أهمها: عدم التزام بعض المراجعين بالتعليمات والإجراءات، عدم الربط بين الثواب والعقاب ومستويات الأداء، تعدد إجراءات الخدمة الواحدة بين أكثر من جهاز (مع إقرارهم بأن هناك إمكانية لتقليل عدد الإجراءات وزمن أداء الخدمة)، تقادم لوائح نظام الخدمة المدنية، عدم منح الأجهزة الحكومية المرونة الكافية للتصرف فيما توفره من ميزانياتها وأموالها لتحديث خدماتها وتطويرها، التركيز في الإنفاق على المدخلات فقط وغياب التركيز على المخرجات، وعدم وجود أهداف محددة للجهاز الإداري أو مستويات قياسية لمقارنة الأداء على أساسها، طول فترة بقاء القيادات الإدارية في مناصبها ووجود المركزية الشديدة، وزيادة أعداد الموظفين دون الحاجة إليهم، غياب استخدام معايير ومؤشرات كمية وموضوعية لقياس كفاءة أداء الخدمة، وحاجة كل إدارة إلى استخدام معايير ومؤشرات مناسبة لها حسب طبيعة ونوعية الخدمة المقدمة.

5- وفيما يتعلق بأساليب رفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية، أجمع كل من المسئولين الحكوميين ورجال الأعمال والمراجعين على ضرورة الأخذ بمجموعة من الأساليب التي من أهمها تبني ترسيخ ثقافة عامة بالأجهزة الحكومية تركز على احتياجات المستفيدين من الخدمة وتحفيز الجميع على التجديد والتطوير المستمر للخدمات والعمل الجماعي والإدارة بالمشاركة، وتطبيق أساليب الثواب والعقاب على الموظفين الحكوميين، وأهمية التدريب في رفع كفاءة الموظفين التنفيذيين والمتعاملين مباشرة مع الجمهور وأهمية عملية تدوير القيادات على المواقع الإدارية المختلفة لفترات محددة في تحسين كفاءة أداء الخدمات، والإسراع بإدخال تقنية المعلومات وتوفير المعلومات اللازمة لرجال الأعمال على موقع الوزارة أو الإدارة المختصة، وكذلك الإسراع بإدخال أساليب الإدارة الإلكترونية في تقديم الخدمات للجمهور للتيسير عليهم من ناحية وأيضا لتفعيل أساليب الرقابة والمتابعة والمساءلة من ناحية أخرى.

هذا وقد اقترحت الدراسة عددا من التوصيات مصحوبة بالآليات التنفيذية وجهات التنفيذ ذات العلاقة، وتجدر الإشارة إلى أنه سوف يتم بمشيئة الله نشر التوصيات لجميع دراسات المنتدى في كتيب مستقل وذلك بعد مناقشتها في الجلسات المخصصة للدراسات ضمن فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد