«الجزيرة» - فيصل الحميد
حذّر اقتصادي وخبير قانوني من وجود مخاطر فعلية تهدد استمرارية الشركات العائلية في الخليج، وعلل الأمريكي جوزيف فيلد، الشريك في مكاتب (ويزرز) الأمريكية القانونية مخاوفه بفعل الصراعات الطبيعية بين الأجيال.
وقال: إن التجربة العالمية أظهرت أن 95 في المائة من هذه الشركات والتي تشكل أكثر من 85 في المائة من إجمالي مؤسسات المنطقة تتقوض بعد الجيل الثالث.
وبتصوره يتفق جوزيف فيلد مع مسح أجراه معهد حوكمة الشركات (حوكمة) التابع لمركز دبي المالي العالمي ومعهد التمويل الدولي، من أن عمر الشركات العائلية في منطقة الخليج لا يتجاوز 23 عاماً, إذ لا تكتب لها الحياة بعد الجيل الثاني وهو الذي يخلف الجيل المؤسس للشركة.
ويضيف فيلد أن 95 في المائة من الشركات العائلية تتفكك وتباع بعد الجيل الثالث، وهذه ظاهرة عالمية وموجودة في الولايات المتحدة أيضاً. والشركات التي تملكها وتديرها عائلة ليست مقتصرة على دول الخليج التي ترجح التقديرات وجود أكثر من 30 ألف شركة عائلية فيها، بحجم استثمارات قرابة 500 مليار دولار.
ففي الولايات المتحدة يبلغ عدد الشركات العائلية المسجلة في أمريكا حوالي 20 مليون منشأة وتمثل 49 بالمائة من الناتج القومي وتوظف 59 بالمائة من العمالة وتستحدث حوالي 78 بالمائة من فرص العمل الجديدة.
وفي ايطاليا تستحوذ الشركات العائلية على 95 بالمائة من مجموع الشركات المسجلة، و85 بالمائة في سويسرا، و90 بالمائة في السويد.
وفي المملكة تشكل الشركات العائلية قيمة اجتماعية واقتصادية، إذ تقدر حجم استثمارات الشركات العائلية داخل المملكة بأكثر من 300 مليار ريال.. منها 45 شركة عائلية ضمن أكبر 100 شركة في المملكة، تجاوزت عائداتها 120 مليار ريال في عام 2003م وتوظف أكثر من 200 ألف شخص.
تحديات منتظرة
مع دخول المملكة منظمة التجارة العالمية أصبحت الشركات العائلية تواجه تحدياً من نوع آخر فإضافة إلى التحدي التقليدي المتمثل بتعاقب الأجيال، يبرز النظام الاقتصاد العالمي الجديد الذي أزال كافة صور الحماية والدعم والاحتكار، واعتماده على أسواق مفتوحة تنبئ بمنافسة شرسة وبيئة غير تلك التي اعتادها الاقتصاد المبني على الاحتكار، وستواجه الشركات أيضاً تكتلات اقتصادية دولية وسطوة لشركات العالمية المتعددة الجنسية.
وهذا ما يضع الشركات العائلية أمام خيارات طرحها الكثير من أساتذة الاقتصاد منها إعادة هيكلة الشركة أو الاندماج والتحالفات الإستراتيجية أو التحول إلى شركات مساهمة عامة وهو الأمر الذي بات واضحاً عندما تحول عدد من الشركات إلى مساهمة عامة بعضها قد تم طرح أسهمها وإدراجها ضمن سوق الأسهم كشركة الدريس أو فتيحي وجرير وغيرها.
التحول إلى شركات مساهمة
بات تحول الشركات العائلة إلى شركات مساهمة أحد الخيارات المطروحة لضمان استمرارها وتوسعها، وكشفت دراسة أن زيادة عدد الشركات المساهمة له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد بشكل عام، فالشركات المساهمة تؤسس غالباً عن طريق مجموعة كبيرة من المؤسسين برأسمال كبير وتعمل في مشاريع عملاقة يصعب على الأفراد القيام بها منفردين.. لذلك فإن كل دولة تحتاج هذا النوع من الشركات لمساعدة الحكومات لتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين.
وإضافة إلى الدراسة التي أعدها الدكتور عبدالرحمن البراك أستاذ العلوم المالية المساعد بجامعة الملك فيصل أن السوق المالية للدولة أحد أهم المقاييس المستخدمة من قبل المستثمرين الأجانب لمعرفة مدى قوة الاقتصاد. لذلك فإن وجود سوق قوي يحتوي على المئات من الشركات العملاقة ذات الأداء المالي الجيد سيساعد الدولة كثيراً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية بكل سهولة ويسر.
وأشار الباحث في دراسته إلى أنه تم التوصل وبشكل علمي إلى أن زيادة عدد الشركات المساهمة ستساعد على خفض نسبة البطالة في المملكة وبشكل ملحوظ وذلك لعدة أسباب من أهمها التوسع والانتشار المتوقع لهذه الشركات وأن زيادة عدد الشركات المساهمة ستزيد ثقة المستثمرين الأجانب في البلاد وبالتالي ستزيد حجم الأموال الواردة، والزيادة في الشركات ستساهم أيضاً في ارتفاع إقبال الكفاءات السعودية على العمل مع الشركات المساهمة.
واختتم البراك دراسته بمقترحات تساعد في تشجيع الشركات خاصة العائلية إلى التحول إلى شركات مساهمة من خلال الإسراع في إنشاء سوق مالية متكاملة مقروناً بإعداد دليل واضح يشرح الإجراءات المتعلقة بتحوّل المنشآت إلى مساهمة، وتسهيل الإجراءات المطلوبة من المنشآت الراغبة في التحوّل إلى مساهمة.