«الجزيرة» عبدالله الرفيدي -خالد المجحدي
توصلت دراسة (البيئة العدلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية) التي أعدها منتدى الرياض الاقتصادي الثالث إلى وجود عوائق تواجد التدرج التشريعي في المملكة وصياغة الأنظمة واللوائح. ومنها عدم تدوين بعض أحكام الشريعة الإسلامية وتفادي القاضي تطبيق بعض أحكام الأنظمة وعدم توفير أنظمة تحكم ممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية.
وجاء في الدراسة وجود عوائق تتصل بإجراءات صدور الأنظمة واللوائح ومن أهمها عدم توفر الإجراء الواضح والمحدد لإجراءات صدور الأنظمة واللوائح.
وعدم إعطاء الجهات التنفيذية مشاريع الأنظمة واللوائح وحقها الكافي من الدراسة والتدقيق قبل الإصدار.
وعدم توفر الأعداد الكافية من الكفاءات في الإدارة القانونية في الجهات الحكومية. وفيما يلي ملخص الدراسة:
تشخيص الوضع الراهن:
تطوير البيئة التشريعية
ترتكز البيئة التشريعية السليمة على عدد من العناصر، أهمها: الالتزام بالتدرج التشريعي وحسن صياغة التشريعات، ووضع إجراءات دقيقة لصدور التشريعات، ووجود ضمانات لحسن تطبيقها، والعمل على تقويمها وتطويرها باستمرار، ونشرها لضمان وصولها للجميع، إضافة إلى إتاحة الفرصة لمؤسسات المجتمع المدني والأفراد لإبداء مرئياتهم في شأن مشاريع التشريعات. وقد ركز هذا الفصل على هذه العناصر من خلال استعراض الوضع القائم في المملكة وتقييمه، ومقارنة ذلك بالتجارب الدولية، وفيما يلي استعراض لأهم النتائج التي تم التوصل إليها:
أولاً: التدرج التشريعي
وحسن صياغة الأنظمة واللوائح:
تتدرج التشريعات من حيث قوتها الملزمة من الدستور إلى التشريعات العادية أو الرئيسة (القوانين أو الأنظمة) ثم التشريعات الثانوية أو الفرعية (اللوائح)، ويهدف التدرج إلى تقييد التشريع الأدنى بالتشريع الأعلى، وتعد المملكة الشريعة الإسلامية هي المصدر الأصلي للتشريع، ولتنظيم مختلف النشاطات ومسايرة التطورات أصدرت المملكة عدداً من الأنظمة واللوائح التي تحكم مختلف المجالات بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية. وقد اتضح من خلال الدراسة وجود عوائق تواجه التدرج التشريعي في المملكة وصياغة الأنظمة واللوائح، أهمها ما يلي:
1- عدم تدوين بعض أحكام الشريعة الإسلامية، وقد رأى (96%) من عينة الدراسة أن إحدى الآليات الهامة لرفع كفاءة البيئة التشريعية تدوين أحكام الشريعة الإسلامية.
2- تفادي القاضي تطبيق بعض أحكام الأنظمة إذا رأى أنها لا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
3- عدم توفير أنظمة تحكم ممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية.
4- عدم وجود دليل أو نموذج أو معايير موحدة لإعداد الأنظمة.
5- تشتت بعض القواعد التنظيمية خارج الأنظمة واللوائح لصدورها بأشكال مختلفة، مثل: قواعد، وتعاميم، وضوابط، وأوامر، وغيرها.
6- عدم توافق واتساق بعض أحكام الأنظمة مع أحكام الأنظمة التي تعلوها أو الأنظمة الأخرى التي في نفس درجتها.
7- عدم تعديل بعض الأنظمة بما يتفق مع الاتفاقيات الدولية التي تصادق عليها المملكة أو تنظم لها.
8- عدم توضيح الأنظمة أو الأحكام الملغية بموجب الأنظمة التي تصدر.
9- عدم الوضوح والدقة في بعض الأحكام الواردة في بعض الأنظمة.
10- صدور بعض اللوائح التنفيذية دون دراسة كافية، وعدم التنسيق بشأنها مع الجهات المعنية.
11- تعديل الأنظمة دون استمزاج رأي المعنيين بها مما يؤثر سلباً على استقرار المعاملات، ونشاط المنشآت الاقتصادية التي أسست وفقا للأنظمة السارية.
12- اختلاف الإجراءات التي تتخذها الجهات الحكومية حسب المناطق.
ثانياً: إجراءات صدور التشريعات:
تختلف إجراءات صدور الأنظمة عن إجراءات صدور اللوائح، وتمر إجراءات صدور الأنظمة في المملكة بعدة مراحل تبدأ من مرحلة الاقتراح الذي قد يكون من الملك، أو مجلس الشورى، أو المجلس الاقتصادي الأعلى، أو هيئة الخبراء، أو الهيئة العامة للاستثمار، أو الوزير المعني ثم مرحلة الدراسة التي يشترك فيها مجلس الوزراء ومجلس الشورى، ثم تليها مرحلة الإصدار والنشر والنفاذ.
أما إجراءات صدور اللوائح فإنها تتسم بالمرونة، وتختلف من جهة حكومية إلى أخرى. وقد اتضح من خلال الدراسة وجود عوائق تتصل بإجراءات صدور الأنظمة واللوائح هي:
1- عدم توفر إجراءات واضحة ومحددة لإجراءات صدور الأنظمة واللوائح.
2- عدم إعطاء الجهات التنفيذية مشاريع الأنظمة، واللوائح، حقها الكافي من الدراسة والتدقيق قبل إصدارها أو رفعها.
3- عدم وجود مراكز معلومات تقوم بتوفير المعلومات والبيانات التي تساعد الجهات المعنية لإعداد الأنظمة واللوائح بشكل سليم.
4- عدم توفر الأعداد الكافية من الكفاءات في الإدارات القانونية في الجهات الحكومية للمساهمة في إعداد مشاريع الأنظمة واللوائح بالشكل المناسب.
5- عدم وجود نصوص تلزم الجهات الحكومية بإعداد السياسة التشريعية قبل صياغة مشروع أي نظام.
6- عدم وجود نصوص تلزم الجهات الحكومية بإعداد مذكرة إيضاحية ترفق مع مشروع النظام توضح وتشرح أحكامه.
7- عدم توفر الوقت والإمكانات الكافية لمجلس الشورى وهيئة الخبراء للمبادرة بمقترحات بشأن الأنظمة.
8- عدم وجود خطة تشريعية سنوية تتناسب مع قدرات الجهات المعنية بما فيها السلطة التنظيمية.
9- التأخر في إصدار اللوائح التنفيذية.
10- ضعف إشراك ذوي الشأن من القطاع الخاص في إعداد الأنظمة التي تؤثر على منشآتهم الاقتصادية.
ثالثاً: ضمان تطبيق التشريعات:
رغم أهمية توفير تشريعات تحكم الأنشطة كافة إلا أن أهم توفير ضمانات تضمن تطبيق هذه التشريعات والالتزام بها، وقد ظهر أن (97%) من عينة الدراسة يرون أن توافر ضمانات كافية لتطبيق الأنظمة تعد إحدى الآليات المهمة لرفع كفاءة البيئة التشريعية، ويعتمد حسن تطبيق التشريعات على عدد من العوامل، منها: التزام القضاة والسلطة التنفيذية والمخاطبين بأحكامها. وتتعدد أنواع الرقابة التي تفرض لضمان تطبيق الأنظمة واللوائح فمنها: الرقابة الداخلية التي تسند إلى الجهات التنفيذية، ومنها الرقابة الخارجية التي تسند إلى بعض الجهات مثل: مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، وهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ومنها الرقابة القضائية التي تعد من أهم أنواع الرقابة حيث تتصف بالحياد والموضوعية، كما أن زيادة وعي المجتمع تساعد على ضمان تطبيق التشريعات. وقد اتضح من خلال الدراسة وجود عوائق تواجه ضمانات التطبيق هي:
1- عدم وجود جهاز مركزي مستقل يقوم بمراقبة تطبيق الأنظمة واللوائح.
2- عدم وجود محكمة دستورية للرقابة القضائية على الأنظمة.
3- عدم تفعيل دور الرقابة الداخلية بالشكل الكافي.
4- التهاون في محاسبة المقصرين والمهملين في أداء المهام المطلوبة منهم.
5- قصور الإمكانات البشرية والمادية للإدارات المسند لها المهام الرقابية في الجهات الحكومية.
6- عدم توفر الوعي الكافي لدى أفراد المجتمع حول أهمية احترام تطبيق الأنظمة الحكومية.
7- عدم توفر الآليات الواضحة للدور الرقابي لهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة، في مجال تطبيق الأنظمة.
8- التهاون في تطبيق العقوبات والجزاءات على المخالفين للأنظمة.
رابعاً: تقييم التشريعات:
إن مراجعة التشريعات وتقييمها وتطويرها بشكل مستمر ودوري ووفق آليات فعالة، أمر ذو أهمية بالغة وذلك لكي تتوافق التشريعات مع ما قد يطرأ من تطورات وتغيرات محلية ودولية، إذ قد يكشف التقويم عن أحكام أو إجراءات تعيق التطور أو الإصلاح، كما قد يكشف عن نقص ما يحتاج إلى علاج لمواجهة التحديات والمستجدات. وقد اتضح من خلال الدراسة وجود عوائق تواجه تقييم التشريعات في المملكة هي:
1-عدم توفر خطة وإجراءات محددة وواضحة لتقويم الأنظمة واللوائح.
2- عدم قيام بعض الجهات التنفيذية بمراجعة الأنظمة واللوائح المتعلقة بها، لتقييمها بالشكل الكافي، وقد ظهر أن (69%) من عينة الدراسة ترى أن مراجعة الأنظمة في المملكة لا تتم بصفة دورية.
3- عدم التعامل مع ما يطرح من مقترحات بشأن مراجعة الأنظمة واللوائح وتقييمها وتطويرها بالشكل المناسب للاستفادة منها.
4- عدم قيام الجهات المعنية، مثل مجلس الشورى، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، والمجلس الاقتصادي الأعلى، والهيئة العامة للاستثمار، بتقويم الأنظمة بالشكل الكافي.
5- عدم توفر الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لدى الجهات المعنية للقيام بتقويم الأنظمة بالشكل المناسب.
خامساً: إشراك مؤسسات المجتمع المدني والأفراد لإبداء مرئياتهم في مشاريع الأنظمة واللوائح:
تلعب مؤسسات المجتمع المدني والأفراد في الدول دوراً مهماً في إعداد مشاريع القوانين واللوائح، وذلك بإبداء آرائهم فيها، ويكون ذلك من خلال عدة وسائل، منها: الوسائل الإعلامية، أو الإنترنت أو الاجتماعات، أو ورش العمل، أو المؤتمرات والندوات، ويحقق ذلك عدة مزايا أهمها: ترسيخ مبدأ الشفافية والاستفادة مما يطرح قبل صدور التشريع، والمساعدة في تقبل النظام من قبل المجتمع، وقد أكد (90%) من عينة الدراسة أن محدودية دور مؤسسات المجتمع المدني والأفراد في صياغة الأنظمة واللوائح، يعد أحد معوقات البيئة التشريعية، وقد اتضح من خلال الدراسة وجود عوائق تتصل بهذا الموضوع، هي:
1- عدم وجود تنظيم وإجراءات واضحة ومحددة لمشاركة مؤسسات المجتمع المدني والأفراد لإبداء مقترحاتهم بشأن مشاريع الأنظمة واللوائح.
2- محدودية عدد مؤسسات المجتمع المدني في المملكة.
3- عدم توفر رؤى واضحة للتعامل مع الآراء والمقترحات التي ترد بشأن الأنظمة واللوائح.
4- عدم توفر الإمكانات لدى الجهات المعنية التي تساعد على تحليل الآراء والمقترحات التي تقدم بشأن الأنظمة واللوائح.
5- عدم توفر وسائل نشر مناسبة للتواصل مع الجمهور فيما يمكن أن ينشر من مشاريع التشريعات.
6- عدم توفر الرغبة الكافية لدى الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني في الإسهام في إعداد مشاريع الأنظمة واللوائح، لشعورهم بأن ما يبدونه من آراء لا ينعكس في المنتج النهائي للأنظمة.
سادساً: نشر التشريعات:
إن الالتزام بالتشريعات وضمان تطبيقها وتفعيلها، يتطلب نشرها لضمان وصولها للجميع، وهناك وسائل متعددة للنشر منها المطبوعات والمواقع الإلكترونية والوسائل الإعلامية، ورغم الجهود المبذولة في المملكة في نشر التشريعات سواء في الجريدة الرسمية أو المطبوعات من قبل الجهات المعنية في القطاع الحكومية أو الخاص، وكذلك النشر عن طريق الوسائل الإعلامية، والمواقع الإلكترونية، فإنها غير كافية، ويرى (58%) من عينة الدراسة أن وسائل نشر الأنظمة غير كافية، وقد اتضح من خلال الدراسة وجود العديد من العوائق في هذا الجانب، أبرزها ما يلي:
1- عدم تطوير الجريدة الرسمية (جريدة أم القرى) بالشكل الذي يتناسب مع أهميتها.
2- عدم توفر المطبوعات الرسمية لبعض الأنظمة.
3- عدم نشر بعض الجهات التنفيذية للوائح في مطبوعات رسمية.
4- عدم توفر مواقع إلكترونية لبعض الجهات الحكومية، وعدم نشر الأنظمة واللوائح في بعض المواقع المتوفرة.
5- عدم توفير الإمكانات المناسبة ليقوم القطاع الخاص بدوره المطلوب في نشر الأنظمة واللوائح من خلال المطبوعات أو المواقع الإلكترونية.
تطوير البيئة القضائية
يأتي تطوير البيئة القضائية وإصلاحها في أولويات سياسات الدول، وخططها للتنمية، فضلاً عن أنه يلقى عناية خاصة في برامج الهيئات الدولية المعنية بالقضاء واستقلاله، وتبرز أهمية دراسة البيئة القضائية وضرورة تطويرها من خلال الارتباط الوثيق بينها وبين التنمية الاقتصادية، وتطرق هذا الفصل لبعض عناصر البيئة القضائية وسعى إلى التعرف على الوضع الراهن بخصوصها، وتقييمها ومقارنة ذلك ببعض التجارب الدولية، وشمل ذلك: الجهاز القضائي، والإجراءات القضائية، والتنفيذ، والتحكيم، وتقنية المعلومات، وفيما يلي استعراض لأهم النتائج التي تم التوصل إليها:
أولاً: الجهاز القضائي:
يأخذ القضاء السعودي بنظام القضاء المزدوج والمتمثل بالقضاء العام (المحاكم)، والقضاء الإداري (ديوان المظالم)، وقد لجأ المنظم لأسباب قد تكون مبررة في حينه إلى إحداث بعض اللجان ذات الاختصاص القضائي خارج إطار السلطة القضائية، وتم ضم بعضها إلى القضاء العام بصدور نظام القضاء الجديد بالمرسوم الملكي رقم 78/م وتاريخ 19-9-1428هـ، وقد اتضح من خلال الدراسة وجود بعض المعوقات في هذا الخصوص، ومنها:
1- تأخر الجهات المعنية في العمل على تعديل الأنظمة الإجرائية، ومنها أنظمة المرافعات والإجراءات الجزائية وغيرها.
2- استمرار العجز في أعداد القضاة، وبالذات مع التوجه الأخير المتعلق بضم بعض الدوائر واللجان ذات الاختصاص القضائي للسلطة القضائية، وإنشاء محكمة عليا ومحاكم للاستئناف، وربطها إدارياً بالمجلس الأعلى للقضاء ومجلس القضاء الإداري.
3- عدم تفعيل جهاز التفتيش القضائي في الجهات القضائية وانعدامه في اللجان ذات الاختصاص القضائي.
4- وجود هدر في وقت العملية القضائية أدى إلى نقص في الوقت المخصص للنظر القضائي بنسب ليست قليلة، وذلك بسبب تولي القضاة لأعمال توثيقية، أو أعمال إدارية يمكن أن يقوم بها غيرهم.
5- عدم كفاية القواعد المنظمة لأحكام الاختصاص القضائي.
6- القصور في الأخذ بالتخصص في النظر القضائي، فهناك من القضايا ما يلزم تخصيصه بدوائر معينة، كالقضايا العقارية.
7- عدم تفرغ أعضاء اللجان ذات الاختصاص القضائي - المرجأ ضمها - للعمل فيها.
8- لا توجد قوانين تحكم جميع الجوانب الموضوعية في الجهات واللجان ذات الاختصاص القضائي كافة، كما أن هناك قصوراً بيناً في عدم قيام أغلبها بنشر سوابقها ومبادئها القضائية.
9- لا يوجد هيئة للمحامين تعنى بشؤونهم وتقوم بتطوير المهنة والمحافظة عليها، والارتقاء بدورهم في البيئة العدلية.
10- التأخر في حفظ الثروة العقارية إلكترونياً مما منع استرجاع المعلومات بسهولة، وهو الأمر الذي أضعف توظيف هذه السجلات العقارية في السوق الاستثمارية، بطريقة تسمح ببيان عناصر الملاءة والائتمان للمتعاملين في السوق.
11- عدم تخصيص مكاتب لنظر القضايا تختلف عن المكاتب الخاصة بالقضاة.
ثانياً: إجراءات التقاضي:
تشكل الإجراءات عنصراً مهماً من عناصر العملية القضائية، من جهة كونها متطلباً للعملية أولاً، وللهامش المفترض في إمكانية تعقيدها أو تسهيلها للعملية من جهة أخرى، ومما يؤكد أهمية هذه الإجراءات وحضورها في العقلية الاستثمارية الدولية أنها كانت محوراً من محاور المفاوضات لتلبية شروط ومتطلبات عضوية المملكة لمنظمة التجارة العالمية. وفي استطلاع إحصائي لمنتدى الرياض الاقتصادي أفاد 85% من رجال الأعمال أن هناك صعوبة في تطبيق الإجراءات والأحكام القضائية، وقد خلصت الدراسة إلى رصد عدد من العوائق في هذا الجانب وكان أهمها:
1- قصور التنظيمات في الجهات القضائية المحكومة بأنظمة (وزارة العدل وديوان المظالم) عن تغطية كل أنواع القضايا، كالإجراءات المتعلقة بحجج الاستحكام، وبيع نصيب القصر، والوقف أو الشراء لهما، كما أن بعضها يحتاج إلى تحديث لأحكامه وآلياته مثل نظام المحكمة التجارية، وبعضها يحتاج للإلغاء كما في نظام تركيز مسؤوليات القضاء الشرعي.
2- عدم وجود أنظمة ولوائح تحكم الإجراءات في اللجان ذات الاختصاص القضائي المرجأ ضمها، وإن كان لبعضها إجراءات فهي صادرة بصيغة لا تكفي مما يعرضها للإبطال.
3- القصور الشديد في نشر الأنظمة واللوائح المتعلقة بالإجراءات.
ثالثاً: تنفيذ الأحكام القضائية:
تجمع الدراسات المتخصصة على أن هناك علاقة طردية بين كفاءة العملية القضائية بعامة والتنفيذ بصفة خاصة وبين الاستثمار، وقد اتضح من خلال دراسة الوضع الحالي في المملكة وتقويمه أن هناك عدداً من المعوقات التي تواجه تنفيذ الأحكام في المملكة، وهي كالتالي:
1- أن الجهات المعنية بالتشريع لم تبادر باقتراح نظام متكامل بالعناصر الأساسية للتنفيذ، ويلاحظ أنه مع ما تضمنه نظام القضاء الجديد من إنشاء دوائر للتنفيذ، وما تضمنه نظام المرافعات الشرعية من إصلاح في هذه البيئة، إلا أنه يقف عاجزاً عن تحقيق المراد ولا سيما مع عدم إحداث قاض لتنفيذ الأحكام وتحديد اختصاصاته.
ومن جانب آخر لم تبادر الجهة التشريعية أيضاً بتشريع صريح يجرم المماطلة في التنفيذ من قبل المدينين أو تعطيله وتأخيره من قبل الموظفين، كما لم تعمل على تشريع نظرية للتعويض توضح أركانها وأحكامها تستند على القواعد الشرعية.
2- أن ضعف اجتهادات القضاء أسهمت في عدم كفاءة بيئة التنفيذ، وتراجع القناعة بكفايته في تسليم الحقوق لأصحابها، وذلك بتأخره عن أعمال القواعد الكلية والمقاصد الشرعية في تحقيق العدالة في هذه الجزئية، من خلال تطوير نظرية التعويض في الإطار العام لأحكام الشرعية الإسلامية، والتي لا يمكن أن تكون عاجزة عن معالجة هذا الخلل.
3- تتحمل الجهات التنفيذية وهي هنا وزارة الداخلية ووزارة العدل في جانبها التنفيذي مسؤولية عدم وجود تنسيق كاف فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام، فنظام المرافعات الشرعية أسند بعض اختصاصات التنفيذ إلى وزارة الداخلية ممثلة بإمارات المناطق، والجزء الأكبر من التنفيذ على المحاكم، ومن المعلوم أن هناك تداخلا وتدافعا في الاختصاص وضعفا في التنسيق بين الجهتين، ومع أن وزارة العدل قررت إنشاء أقسام للتنفيذ في المحاكم العامة، إلا أنها لم تفعلها كثيرا ولم تعممها في كل المحاكم، وبالذات المحاكم ذات الكثافة العالية.
رابعاً: التحكيم وأثره في التنمية الاقتصادية:
يعد التحكيم من الطرق البديلة لفض المنازعات خصوصا التجارية منها. وتزداد أهميته في ظل تنوع النشاط التجاري وتعقده وتعدد الاتفاقيات الدولية، وفيما يتعلق بالمملكة فالاحتياج للتحكيم يزداد لكونه طريقا مفضلا لفض المنازعات لدى التجار بصفة عامة وللشركات الأجنبية بصفة خاصة، ولا سيما أن المملكة تشهد نموا اقتصاديا غير مسبوق في السنوات الأخيرة وفقا للمؤشرات الاقتصادية، وقد استعرضت الدراسة إجراءات التحكيم في نظام التحكيم السعودي وتطبيقات ذلك لدى المحكمين والجهات المعنية بعملية التحكيم، وسعت لتقييمها، وانتهت إلى رصد عدد من المعوقات، هي:
1- إخضاع قرارات التحكيم للطعم أمام الدوائر الابتدائية في الجهة القضائية المختصة أصلا بنظر النزاع، وإعطاء هذه الدوائر الابتدائية حق النظر في موضوع النزاع خلافا للمتعارف عليه دوليا من حصر دورها في النظر في الاعتراضات الشكلية.
2- ضعف الاشتراطات المطلوبة في المحكمين.
3- إغفال النظام لتنظيم الإشراف على التحكيم من الجهة الإدارية بالدرجة الكافية لقيام المحكمين بمسؤولياتهم على الوجه المطلوب بكفاءة وسرية عالية.
4- عدم وجود مراكز متخصصة للتحكيم، مما أدى إلى تشتت هيئات التحكيم في مكاتب خاصة أو مكاتب المحامين أو في الغرف التجارية.
5- إجازة كون المحكم من خارج المسجلين بقوائم التحكيم، وهو توجه ضعيف، حيث يسمح لمن لا يصلح بأن يتولى التحكيم.
6- التفاوت في تحديد بعض المفاهيم المؤثرة في صحة القرارات التحكيمية وحجيتها، مثل: النظام العام، وأحكام الشريعة الإسلامية التي لا يجوز مخالفتها.
7- ضعف الإلمام بفقه التحكيم من قبل المختصين من قضاة ومحامين ومحكمين.
البيئة التشريعية والقضائية المنظمة لعمل المرأة
تناول هذا الفصل عرضا وتقييما للأسس والركائز النظامية الأساسية للبيئة التشريعية والقضائية المتعلقة بشؤون المرأة ودورها في رسم السياسات المتعلقة بشؤونها، بالإضافة إلى الجوانب القانونية المنظمة لعمل المرأة مستثمرة كانت أم موظفة في القطاع العام أو الخاص، كما تطرق الفصل إلى أهم المشكلات والمعوقات التي تواجه المرأة. ومن خلال استعراض الأنظمة واللوائح ذات العلاقة، ونتائج الدراسة المسحية والمقابلات الشخصية اتضح ما يلي:
1- أن هناك توجها حقيقيا من أجهزة رسم السياسات لضمان زيادة مشاركة المرأة في رسم السياسات المتعلقة بها، فمجلس الوزراء في قراره رقم (63) وتاريخ 11-3-1424هـ نص في الفقرة (5) منه على (إنشاء لجنة وطنية عليا دائمة متخصصة في شؤون المرأة، تستند في آرائها إلى نساء مؤهلات في مختلف التخصصات، وتعمل على إعداد لائحة لعمل المرأة، تراعي خصوصية المجتمع، وتؤكد على حق المرأة في الوظيفة والعيش الكريم).. إلا أنه من خلال تقصي واقع مشاركة المرأة في رسم السياسات وإبداء الرأي في مشاريع الأنظمة المتعلقة بشؤونها يتضح أنها ضعيفة وعلى نطاق محدود جدا، ومن ذلك ما يلي: مشاركة عدد من النساء في لقاءات الحوار الوطني، وتعيين مستشارات غير متفرغات في مجلس الشورى، وتشكيل لجنة نسائية من قبل مجلس الغرف التجارية والصناعية.
2- أن الأنظمة الوظيفية المطبقة على العاملين في القطاع الخاص تطبق على الرجال والنساء على حد سواء، حيث إن النصوص نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م-51) وتاريخ 23-8- 1426هـ، وكذلك نصوص نظام التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م-23) وتاريخ 3-9-1421هـ يخاطبان الرجل والمرأة على حد سواء. إلا أن هذا الأصل والمبدأ العام لا يجري على إطلاقه، فمن ناحية وضع نظام العمل بعض الضوابط المتعلقة بعمل المرأة والتي مردها مراعاة بعض الاعتبارات الدينية والاجتماعية المتصلة بدورها الأساسي كأم وكزوجة، ومن هذا المنطلق تضمن نظام العمل في الباب التاسع منه أحكاما خاصة بتشغيل النساء، ومن ناحية أخرى فإنه على الرغم من هذه الأحكام التي تضمنها نظام العمل التي في مجملها تراعي طبيعة المرأة، فإنه تبين وجود بعض المسائل الجوهرية التي يختلف وضع المرأة العاملة فيها عن الرجل، ومن ذلك على سبيل المثال الأجر الذي يمنح للمرأة العاملة في القطاع الخاص، فهو في أغلب الأحيان يقل عن الأجر الذي يمنح للرجل. فعلى خلاف الوضع القائم في ظل نظام الخدمة المدنية من حيث وجود سلالم وظيفية تحدد أجور الموظفين وتنطبق في ذات الوقت على الموظفات دون تمييز، نجد أن نظام العمل لم يتضمن مثل هذه السلالم ولم يشترط أن يكون هناك تساوٍ في الأجور بين العاملات والعاملين في أي منشأة إذا كانت الوظيفة ومهامها متماثلة.
3- إن المرأة الموظفة في القطاع العام تخضع لأحكام نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م-49) وتاريخ 10-7-1397هـ ولوائحه التنفيذية، وغيرها من اللوائح الأخرى، وهي أحكام تخاطب الرجل والمرأة على حد سواء، ولا تميز بينهما فيما يتعلق بشروط التعيين والترقية والنقل ومتطلباتها، وكذلك في الحقوق والواجبات والأجور والمزايا المالية.
إلا أنه على الرغم من ذلك فإن التعيين قد لا يكون متوفرا للمرأة لعدم وجود وظائف كافية ومتاحة ومخصصة للمرأة، تتناسب مع متطلبات عملها من الناحية الشرعية والاجتماعية، وكذا بالنسبة لشروط الترقية، فهناك بعض المعوقات العملية التي قد تؤدي إلى عدم ترقية الموظفة أو تأخير ترقيتها، وفي مقدمة ذلك عدم وجود وظائف شاغرة كافية مخصصة للمرأة، وكذلك اشتراط المزاولة الفعلية والمستمرة لأعمال الوظيفة التي ترشح لها المرأة للترقية عليها، وقد يكون مقر هذه الوظيفة في غير المدينة التي تعيش فيها مع أسرتها، مما يكون له أثر سلبي مباشر على ترقية الموظفة، وقد يؤدي إلى بقائها سنوات عديدة دون ترقية، والحكم نفسه السابق الذي تم إيراده حول الترقية وشغل الوظائف ينطبق على شغل المرأة للوظائف العليا في الدولة، فلا يوجد في نظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية ما يمنع تعيين المرأة في مناصب قيادية - إلا أنه على الرغم من ذلك فإن التعيين في الوظائف القيادية قد لا يكون متوفرا للمرأة لعدم وجود وظائف كافية ومتاحة ومخصصة للمرأة.
وإذا كانت صيغة الخطاب المستخدمة في نظام الخدمة المدنية ولوائحه على وجه العموم تنطبق على الرجل والمرأة على حد سواء ودون تمييز، إلا أنه عندما توجد حاجة إلى أن تخص المرأة بأحكام معينة فإنه ينص على ذلك صراحة، ومن ذلك - على سبيل المثال - النص على إجازة الوضع وإجازة الأمومة.
4- فيما يتعلق بسلامة المرأة في بيئة العمل المختلطة فقد اتضح عدم وجود ضوابط سواء في أنظمة الخدمة المدنية ولوائحها أو في نظام العمل تتعامل مع الأوضاع والحالات التي تنظم العلاقة بين الجنسين في أماكن العمل التي تعمل فيها المرأة مع الرجل كما هو الحال في المستشفيات - عامة كانت أم خاصة - وفي الإدارات العامة لبعض البنوك، وذلك من حيث حدود تلك العلاقة وإجراءات معالجة ما قد ينشأ من خلالها من تصرفات قد لا تكون مرغوبة ومخالفة للآداب العامة وحسن التعامل، بما في ذلك ضوابط الإبلاغ عنها والتحقيق فيها وأسلوب معالجتها بطريقة تضمن سريتها، مع وضوح الجزاء الرادع لها، ما عدا الأمر السامي الكريم رقم 759-8 تاريخ 5-10-1421هـ، وقرار مجلس القوى العاملة رقم 1-م-19-1405 وتاريخ 1-4- 1408هـ. وقد أشارت نتائج الدراسة المسحية إلى أن غالبية المشاركين في الدراسة يوافقون على قلة الأنظمة التي تحمي المرأة في بيئة العمل المختلطة، حيث تشير النسب المئوية إلى أن حوالي (54.4%) منهم يوافقون على قلة الأنظمة التي تحمي المرأة في بيئة العمل المختلطة، بينما نجد أن هذه النسبة تتضاعف إذا نظرنا إلى رأي النساء المشاركات في الدراسة المسحية، حيث أشار (93.3%) من العينة إلى قلة الأنظمة التي تحمي المرأة في بيئة العمل المختلطة، وأنه للرفع من كفاءة البيئة العدلية الخاصة بالمرأة فقد أكد ما نسبته (96.6%) من سيدات الأعمال والموظفات على أهمية وضع عقوبات رادعة للمضايقات التي تتعرض لها النساء في بيئة العمل، ونتيجة لذلك فقد طالب عدد من النساء بأهمية إصدار نظام أو ضوابط للأماكن والأقسام النسائية في الجهات التي ترغب توظيف النساء تشرف عليه إحدى الجهات الحكومية ووضع غرامات وجزاءات للمخالفين.
5- اتضح وجود قيود موضوعية وإجرائية موضوعة على ممارسة المرأة لبعض الأنشطة التجارية والمهن، الأمر الذي قيد حريتها في التصرف الذي كفلته لها الشريعة الإسلامية، ومن الملاحظ أن هذه القيود الموضوعة تتعارض مع نصوص قانونية وردت في أنظمة، كما أنها في الغالب تورد في شكل تعاميم وليس في لوائح، وأنه مما يثير الاستغراب هو أنه بينما تسعى الهيئة العامة للاستثمار لتسهيل إجراءات المستثمرين الأجانب وذلك من خلال إزالة القيود التي تحد من تدفق استثماراته إلى المملكة، نجد أن ممارسة المرأة السعودية للنشاطات الاستثمارية محفوفة بقيود موضوعية وإجرائية موضوعة من قبل بعض الجهات منها وزارة التجارة والصناعة.
6- وجود بعض الجوانب السلبية المتعلقة ببعض جوانب البيئة القضائية ذات الصلة بالمرأة، ويمكن إيجاز ذلك بالنقاط التالية:
أ- أن طبيعة المرأة ونوعية القضايا والمعاملات التي تتعلق بها أمام المحاكم وكتابات العدل هي في أغلب الأحيان ذات صلة بجوانب أسرية، كإنهاء العلاقة الزوجية أو حضانة الأولاد أو النفقة، وتوجب أن يتم التعامل معها بنوع من السرية وسرعة الإنهاء، وعلى الرغم من أن وزارة العدل سبق وأن اعتمدت بعض الإجراءات المتعلقة بهذا الجانب ومنها إيجاد صالات خاصة بالنساء في المحاكم وكتابات العدل، ليتم استقبال طلبات النساء وتكون هذه الصالات مزودة بشبكة الحاسب الآلي والقوى العاملة، إلا أن هذا التوجه في حقيقة الأمر لم يطبق إلا في بعض المحاكم وكتابات العدل التي تعد على أصابع اليد.
ب- لقد أحسن نظام القضاء الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م-78) وتاريخ 19-9- 1428هـ بالنص صراحة على إنشاء محاكم متخصصة للفصل في مسائل الأحوال الشخصية، حيث إنه بهذا النص حسم مشكلة قائمة في ظل النظام القضائي الحالي والتي تمثل في أن المنازعات المتصلة بالأحوال الشخصية موزعة على جهات قضائية مختلفة، وهذا التشتت كان له سلبيات عدة من بينها تنازع الاختصاص، وصعوبة تسيير أمور المرأة في منازعاتها أمام القضاء، كما أنه لا يتوافق مع ما هو مطبق في كثير من الدول.
ج- بينت المقابلات الشخصية طول فترة التقاضي وعدم وضوح الإجراءات وتعقدها أمام المحاكم بالنسبة للقضايا الأسرية، إضافة إلى ضعف تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح المرأة.
د- على الرغم من أن نصوص نظام المحاماة لا تحظر الترخيص للمرأة بالعمل محامية متى ما توافرت فيها الشروط النظامية، إلا أنه لم يتم الترخيص لأي محامية، والذي يظهر أن عدم الترخيص لنساء للعمل كمحاميات هو عدم مطابقتها لطبيعة عمل المرأة عملا بالأمر السامي الكريم رقم 759-8 تاريخ 5-10-1421هـ، وقرار مجلس القوى العاملة رقم 1-2-19- 1405 وتاريخ 1-4-1408هـ.
هـ- أن النظام الأساسي ينص في المادة السابعة والأربعين منه على أن (حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة، ويبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك)، كما أن من بين المبادئ المستقرة في تسيير المرافق العامة بما فيها الأجهزة القضائية مبدأ المساواة أمام المرافق العامة، إلا أنه على الرغم من ذلك فواقع المرأة أمام بعض الجهات القضائية يظهر خلاف ذلك. فقد أوضح التقرير الأول عن أحوال حقوق الإنسان في المملكة الصادر عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في عام 1427هـ عدم المساواة بين الرجل والمرأة في بعض المسائل المتعلقة بضوابط المحاكمة العادلة، ومن ذلك عدم السماح للمرأة بالحضور إلا بولي أمرها أو محرم لها مما يعطل حقها في التقاضي، كما ينظر إليها بشك في القضايا المتعلقة بالدعاوى الزوجية، إضافة إلى حرمانها من حقها في استجواب خصمها في جلسة التقاضي.
7- ضعف وتأخر تفعيل القرارات التنظيمية التي تدعم عمل المرأة وزيادة مساهمتها الاقتصادية.
8- ضعف الوعي القانوني لدى المرأة بحقوقها التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية والأنظمة، وعدم قدرتها على التمييز بين ما هو من أحكام الشرعية وبين العادات والتقاليد، إضافة إلى جهلها بالآليات القانونية المتوفرة لحماية حقوقها والإجراءات الواجبة الاتباع لضمان الحصول عليها.
9- رغم أن المرأة السعودية المستثمرة تمتلك الاستقلالية واتخاذ القرار، إلا أنها غير قادرة على إنهاء الإجراءات الخاصة بها في الجهات الحكومية والأهلية، وذلك لعدم قيام هذه الجهات بتهيئة الوسائل وتسهيل الإجراءات أمامها، وقد ساعد على ذلك عدم توفر أقسام نسائية في الكثير من الجهات الحكومية لتسهيل معاملات المرأة، على الرغم من أن قرار مجلس الوزراء رقم (120) يوجب على الجهات الحكومية التي تصدر تراخيص لمزاولة الأنشطة الاقتصادية استقبال طلبات النساء لاستخراج التراخيص اللازمة لمزاولة تلك الأنشطة التي تمنحها هذا الجهات وإصدارها وفقا لأنظمة والضوابط الشرعية. كما أن بعض الأقسام النسائية في الجهات الحكومية لا تعدو أن تكون زيادة في خطوات الروتين والإجراءات المطولة، نظرا لأن هذه الأقسام ليس لديها صلاحيات، وإنما هي مجرد حلقة وصل بين المرأة وأقسام الرجال.
10- من المعوقات التي تحد من عمل المرأة عدم وجود أماكن وأقسام مستقلة تمارس من خلالها المرأة عملها في بعض جهات القطاع العام والخاص، حيث حصلت الاستبانة على نسبة 87% من المطالبات بأهمية وجود بيئة عمل آمنة للمرأة من خلال أقسام مستقلة تماما عن الرجال لما يترتب على بيئة العمل المختلطة من زيادة تعرضها للتحرش الجنسي والاستغلال المادي والمعنوي، مما ينعكس على معدلات العنوسة في المملكة العربية السعودية، وعلى عدم الاستمرار الأسري، وكذلك على ضعف إبداع المرأة ومساهمتها في الاقتصاد الوطني، حيث إن وجود ضوابط للأقسام النسائية معتمدة من الجهات المختصة كما هو حاصل في التعليم يشجع كثيراً من النساء للإقبال على العمل في القطاع الخاص مما يقلل معدل البطالة في صفوف النساء.
11- اختلاف أوضاع العمل بين القطاعين العام والخاص بصورة كبيرة، وذلك من حيث ساعات العمل والأجور في غير صالح القطاع الخاص، وهذا الاختلاف يعتبر سببا رئيسا وراء عزوف بعض السعوديات المؤهلات عن العمل في القطاع الخاص.