في الأحداث الدولية شديدة الحدة التي تقع في وقت واحد هناك دائما التفوق لإحداها على الأخريات، وغالبا ما يكون لهذا الحدث قوة طاغية بحيث تجعله في مقدمة الاهتمامات، وذلك على الرغم من أهمية الأحداث المتزامنة معه، وفي منطقتنا هناك التطورات المتسارعة في لبنان التي تركت البلد بلا رئيس وذلك فيما تحث أكثر من 40 دولة الخطى نحو أنابوليس..
وقد تزامنت الموافقة العربية على المشاركة في أنابوليس مع انقضاء فترة أميل لحود كرئيس للجمهورية في لبنان، ليصبح لبنان بدون رئيس مع بروز أزمة ربما أكثر حدة مما عرفه لبنان في الأيام السابقة..
بالعودة إلى ما ذهبنا إليه نشير أيضا إلى أن الأحداث الأكثر دموية هي غالبا ما تكون الأكثر جذبا للاهتمامات، وعند المقارنة بما بين أيدينا من وقائع فإننا نأمل ألا تؤدي التطورات اللبنانية إلى تلك المآلات، فلسنا في تنافس لاحتلال مرتبة الحدث الأول حتى وإن تطلب الأمر سفك الدماء رغم التوجسات هنا وهناك مما يخبئه المستقبل..
يبقى إذن ومع استتباب الوضع الأمني في لبنان، أن تكون الغلبة للحدث الأكثر إثارة سياسية، وربما بدا لبضع الوقت أن الأنظار ستنصرف عن لبنان خاصة ونحن على بعد يومين فقط من لقاء أنابوليس، وهذا اللقاء يهم لبنان أيضا، وهو من دول الخط الأول فيما يتصل بجهود التسوية، وعلى الرغم من أن التسريبات الإسرائيلية تقول بالاقتصار على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، فإن تأكيدات أمريكية وعربية تشير إلى إدراج الجولان ولبنان ضمن جدول الأعمال، وسيكون من المهم أن يحرص لبنان على الفرصة المتاحة، أيا كان الذي سيمثله، للدفع بمرئياته تجاه التسوية فيما يليه من المشكلة العامة، حيث هناك مشكلة مزارع شبعا وهناك بضع مصاعب حدودية للبنان مع إسرائيل..
يبقى إذن أن معظم الأطراف اللبنانية بحاجة إلى نوع من الراحة قد تتيحها فرصة انعقاد مؤتمر أنابوليس، وربما هي راحة إجبارية بسبب أن أسلوب العمل لحلحلة الأزمة اللبنانية تضمن دائما حضورا خارجيا، فقبل الخروج النهائي للرئيس للحود كان هناك حضور دولي مكثف مثله بوجه خاص وزراء خارجية فرنسا وإسبانيا وإيطاليا فضلا عن الأمين العام للأمم المتحدة إلى جانب وجود أمريكي حتى وان لم يكن بمستوى عال، وكل هذه الأطراف مشغولة الآن بأنابوليس، وتبعا لذلك فقد تدخل الأزمة اللبنانية في إجازة إجبارية إلا إذا رأى طرف لبناني أن هذه الظروف، وبهذه المعطيات، قد تمثل سانحة ينبغي اغتنامها.. وفي الذهن دائما البعد الخارجي للأزمة..
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244