روبين هوود هو أحد نبلاء المجتمع الإنجليزي. تجسده الأسطورة (أو الحقيقة... لا يهم!) بأنه شخص امتهن سلب أموال الأغنياء وإعادة توزيعها على الفقراء والمحتاجين. وتحكي الأسطورة أن ما دفعه لذلك كان الخلاف الدفين بينه وبين مجتمع النبلاء (أو الأغنياء). وفي هذا الصدد، نقل السيد موريس ويليامز في مقال نشرته مجلة Foreign Affairs في العام 1976م إشادة البعض ببرامج الدعم التنموية التي تقدمها الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ووصفهم للمنظمة بأنها تمارس دور (روبين هوود)! أتت تلك الإشادة بعدما أطلقت المنظمة برامج دعم تنموية للدول الفقيرة من خلال صناديق منظمة أوبك أو من خلال الدعم المباشر الذي تقدمه الدول الأعضاء.
فأوبك تجني أموالها من بيعها للنفط للدول الغنية، حيث تصدر حوالي 60% لدول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية واليابان.
وفي المقابل فلدى دول المنظمة معونات طموحة وجهود تنموية داخل بلدانها والبلدان الفقيرة الأخرى.
ومن هنا أتى وسم أوبك بروبين هوود.
على النقيض من ذلك، ينظر الاقتصاد والإعلام الغربي لأوبك على أنها منظمة (احتكارية جشعة) تساهم (بجهلها) في تدمير البيئة، كما تأتي ضمن قائمة المسببين للاحتباس الحراري.
وهذا الاتهام نتيجة طبيعية جداً! فإذا كان المستهلك الغربي يعتقد تماماً بأن سياسات أوبك الإنتاجية والتسعيرية تكلفه أكثر مما يجب، فمن الطبيعي جداً أن يمتعض من هذا الأمر. وكما نعلم، فإن الرأي العام في المجتمعات الغربية (بما فيه رأي المستهلك) يشكل عنصراً مؤثراً في آلية اتخاذ القرار الاقتصادي والسياسي.
ومن هذا المنطلق، فمن المهم التعامل مع عقلية المستهلك الغربي بقدر أهمية التعامل مع السياسيين الغربيين.
إن تحرك أوبك لعقد قمتها الثالثة في هذه الفترة كان تحركاً مناسباً، أما الأنسب فكان سعيها لأن يركز هذا اللقاء بين زعمائها على تقديم صورة لأوبك تعاكس الصورة النمطية الموجودة في ذهنية المستهلك ومتخذ القرار الغربي.
وفي هذا السياق، فليس من المناسب أن تكتفي أوبك بإعلان الرياض، بل إن الأمر يستدعي أن تسعى المنظمة (لخدمة إعلان الرياض).
ولخدمة إعلان الرياض، فإن أوبك في أمس الحاجة إلى خطة (تسويقية.. إن صح التعبير) مطبوخة بمهنية عالية، بما يسمح للمنظمة بالتواصل المكثف مع المجتمع الغربي وغير الغربي وتبيان نواياها الحقيقية. بحيث تشكل النقاط الأساسية لإعلان الرياض محوراً لهذه الخطة التسويقية (وهي استقرار سوق الطاقة العالمي، والطاقة من أجل التنمية المستدامة، والطاقة والبيئة) لا سيما وأن المستقبل القريب في أغلب الاحتمالات سيكشف عن حملة شرسة تستهدف أوبك على الأصعدة الإعلامية والسياسية والقانونية، مدفوعةً باجتماع المتضادين (ارتفاع الضغوط التضخمية العالمية من جهة وتزايد الحاجة للطاقة من جهة أخرى).
وبطبيعة الحال، فإن هذه الخطة التسويقية ليست كافية، حيث لا تغني عن تحركات أخرى على الصعيد السياسي والقانوني، فتعزيز أوبك بدول محورية أخرى ضمن أعضائها (على سبيل المثال) ربما يكون فيه تعزيز لمواقف أوبك، بشرط عدم الإفراط في عدد الأعضاء الجدد، فكلما كبر حجم المنظمة قلت فعاليتها في ظل احتمالات تدني مستوى التعاون بين الأعضاء واحتمالات اتساع هامش الاختلاف!.
ختاماً، لا أرى أن أوبك بحاجة لأن تقول للمجتمع الغربي بأنها تجسد (شبح روبين هوود)، فهذا الأمر بالنسبة للغرب لن يتعدى كونه (دعابة سخيفة)!.
استشاري اقتصادي
algudhea@yahoo.com