Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/11/2007 G Issue 12838
الاقتصادية
الخميس 12 ذو القعدة 1428   العدد  12838
يا بخت الرجال!
د. عبدالعزيز إسماعيل داغستاني

تشير الإحصاءات - والعهدة على الراوي - إلى أن ودائع السيدات السعوديات في الحسابات الجارية في البنوك التجارية السعودية تتجاوز 100 مليار ريال سعودي.

هذه الأرقام الفلكية من الريالات ، هي بالمفهوم الاقتصادي، أموال لم تتمكّن من خوض مضمار الإنتاج المباشر في العملية الإنتاجية داخل الاقتصاد الوطني.

وهنا يقفز سؤال كبير تتراقص في نهايته أكثر من علامة استفهام وتتزاحم خلفه علامات تعجب كثيرة! لماذا بقيت هذه الأموال في الحسابات الجارية ولم تستثمر في مشاريع إنتاجية؟ دعونا في البداية نتفق على أن فرص الاستثمار في الاقتصاد السعودي متاحة للعموم. وهناك مجالات كثيرة لاستثمارات مجدية اقتصاديا. فما بال هؤلاء النسوة ؟

قد تكون الإجابة على هذا التساؤل بدرجة السهولة نفسها التي يتكون فيها التساؤل. وإن كانت هناك مؤشرات عامة قد تفيد في أن تكون مدخلاً للوصول أي أجابه مقنعة، أو لمجرد توسيع دائرة التساؤل على طريقة التفكير بصوت مسموع لعلها تستطيع أن تعلّق الجرس وتترك رنينه يحفز الآخرين على تلمس أسباب المسألة. وتلك بداية تستحق الاهتمام أو هي المتاح عملياً على أقل تقدير.

عندما نتحدث عن امرأة فنحن نتحدث في الغالب عن نصف المجتمع السعودي ولا بد، وانطلاق من هذه الحقيقة.. أن نشخّص ونواجه الأسباب الموضوعية التي تؤدي إلى عزوف، أو بكلمه أدق تغييب المرأة عن مضمار الإنتاج المباشر. ولعلي في هذا السياق أشدد على موضوعيه الأسباب حتى لا نلقي بها كما تعوّد البعض منا على شماعة الدين أو التقاليد الاجتماعية، لأنه ليس فيهما ما يمنع المرأة من ذلك، وكفل لها الدين استقلاليتها المالية وشهد التاريخ الإسلامي نماذج تحتذى دون أن تمس مكانتها أو تمرغ سمعتها.

ولهذا فقد تكون الأسباب في أصلها واهية ولكنها تراكمت وتأصّلت عبر سنوات من الإهمال والإغفال فخلقت قناعات فكريه سلبية أخذنا نرددها بلا وعي أو بلا إدراك، بل ربما بلا وازع من ضمير.

وقد لا يكون من الصعب تجسيد هذه الأسباب الواهية التي أوصدت الأبواب أمام المرأة وحجبت عنها وسائل ممارسه حقها في استثمار أموالها وتوظيفها بشكل مباشر، وهو الحق الذي يجب ألا يقل عن ذلك الذي يعطي للرجل.

ومعظم هذه الأسباب الواهية تنشأ في ظل قصور آليات المجتمع المدني في تمكين المرأة من ممارسه حقها المشروع في استثمار أموالها بشكل مباشر وفي ظل المستوى ودرجه الشفافية نفسها التي توفرها للنصف الآخر من المجتمع.

هذه الأسباب الواهية هي التي جمدت هذه الأموال (الناعمة) في البنوك وحرمت بالتالي الاقتصاد الوطني من العائد الاستثماري لهذه الأموال وجهد مالكاتها.

وكلاهما عنصر من عناصر الإنتاج الأساسية يؤدي غيابهما أو عدم توظيفهما التوظيف الأمثل إلى سلبي على وتيرة التنمية ومعدل النمو الاقتصادي.

وبقدر ما ينحسر الاقتصاد بسبب هذا الخلل بقدر المكاسب لمعشر الرجال في المجتمع السعودي في وضع قل أن يتمتع به غيرهم من سكان الأرض حقاً يا بخت الرجال.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد