لا شك في أن زيارة سمو ولي العهد الأمير سلطان إلى روسيا هي امتداد للجولة الخارجية الناجحة التي قام بها مؤخرا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدلله إلى كل من بريطانيا وإيطاليا والفاتيكان وألمانيا وتركيا, والتي ختمها بزيارة أخوية إلى مصر الشقيقة. فالقيادة السعودية تتمتع بكلمة مسموعة واحترام كبير لدى قيادات الدول شرقها وغربها.
وهذه المكانة الرفيعة لم تأت من فراغ وإنما أتت من كون المملكة تؤمن بأن العلاقات الدولية يجب أن تبنى على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة التي تفضي إلى الاستقرار الدولي والسلام بين الشعوب.
ومن يتابع السياسة الخارجية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله تعالى- يجد أنها سياسة واضحة وتتبع الدبلوماسية الهادئة بعيدا عن الصخب وما يعكر صفو المجتمع الدولي من مهاترات وخطب غير محسوبة العواقب. كما إنها سياسة محنكة قادرة على احتواء الأزمات مهما كانت كبيرة.
ولقد مرت بالمنطقة العربية ومنطقة الخليج بالذات أزمات كبرى متتالية، ومع ذلك استطاعت المملكة بعلاقاتها الواسعة مع مختلف دول العالم وخاصة الدول الكبرى أن تتجنب الآثار السلبية لهذه الأزمات.
ومن هذه الدول العظمى روسيا التي تحظى والمملكة بعلاقات إستراتيجية أطرتها المصالح المشتركة وتقارب وجهات النظر حيال مختلف القضايا الدولية، وخاصة بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لروسيا عام 2004م عندما كان وليا للعهد، تلك الزيارة التي أحدثت نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، ثم جاءت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة لتعززها وتدفعها خطوات أخرى للأمام.
وها هو الأمير سلطان بن عبدالعزيز يقوم بزيارة هامة إلى روسيا تأكيدا لهذه العلاقات من خلال الاتفاقيات المزمع التوقيع عليها خلال الزيارة، ولاسيما الاتفاقيات الاقتصادية. إن روسيا تكن للمملكة تقديرا كبيرا، ولاسيما وأن المملكة كانت من الدول الإسلامية الأولى التي بادرت بقبول مبادرة روسيا للانضمام إلى منظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب، وهو الأمر الذي تحقق بمشاركة روسيا في المؤتمر الذي عقد في مكة المكرمة، ولم لا وموسكو كانت أول دولة تعترف بالمملكة العربية السعودية بعد تأسيسها، فضلا عن أن في روسيا قرابة المائتي مليون مسلم يستقبلون الكعبة خمس مرات في اليوم والليلة ولذلك فإن المملكة تكن أيضا احتراما كبيرا لروسيا حكومة وشعبا.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244
