لقد أصبت بالذهول لما رأته عيني يوم السبت الموافق 7-11-1428هـ الساعة السادسة مساء، أمام إحدى المزارع للدواجن الواقعة على طريق الخرج القديم، وذلك للأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين يرتدون الملابس الوقائية من فيروس انفلونزا الطيور، وشعرت بحجم الحرص والاهتمام، وشعوراً مني بالمواطنة أوقفت السيارة وشكرت من أجدهم ودعوت لهم بالتوفيق، وبعدها اذا بي اتذكر أن استراحتين متجاورتين لاستراحتي قد تعرضتا لنفوق جميع ما لديهما من دواجن قبل أسبوع وفي وقت واحد، وان كانت كميات قليلة لا تزيد عن المائة، فأبلغت الفرقة بما حدث وأن الموقع قريب جداً من المزرعة المصابة بالفايروس ولا تزيد عن 700 متر فقط، فانزعجوا كثيراً مني وقالوا لماذا لم تخبرنا بذلك؟ ولكن عدم العلم بهذا المرض وعدم توقعنا بوجوده هو السبب، لقد تفاءلت كثيراً بهذا الحرص ووعدوني بأخذ عينات من الدجاج الخاص بي بعد ساعة ونصف، وزيارة الاستراحات المجاورة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة الحالة خوفا من انتشار المرض، ركبت السيارة واتجهت إلى منزلي بالرياض وبعد ساعتين اتصلت بالحارس فأخبرني بأنهم لم يحضروا حتى الآن، فأرسلت إليهم مهندساً زراعياً لتذكيرهم بالموعد ولكنهم اعتذروا منه ووعدوه الحضور الساعة الثامنة صباحا، ولم يحضروا ثم وعدوه بعد الظهر ولم يحضروا ثم بعد المغرب ولم يحضروا، فاتصلت بالعمليات على الرقم 4030911 وأخبرته بكل ما حدث وأبدى اهتمامه بالموضوع وقال سوف يتصلون بك بعد لحظات، وانتظرت أربع ساعات ولم يتصلوا فاتصلت به مرة ثانية فوعدني بنفس الوعد وإذا به يتصل بعد نصف ساعة ويبرر اخفاقات الوزارة وبعد أن عجز في اقناع الفرقة لزيارة الاستراحات المجاورة، ويعتذر بكل الم وحزن، وانا لا ألقي اللوم عليه فهو مجرد موظف لا حيلة لديه ووضع في وجه المدفع!! ولكن اللوم على من هم خلف الكواليس الذين لا يبالون أو أنهم خجلون من المواجهة وان حرصوا بعض الشيء على طمأنة المجتمع بالسيطرة على المرض والحديث عن خطط لمكافحته.
وبعد مضي أكثر من ثلاثين ساعة على البلاغات الهاتفية والمباشرة مع الفرق لم نجد نتيجة، وأرسلت المهندس في منتصف الليلة الثانية وربط معي على الهاتف الطبيب المسؤول عن الفرقة، واثناء الحديث معه توقفت العبرات وكادت الدموع أن تذرف شفقة عليه وعلى العاملين معه الذين لا ينامون الا ساعة من نهار، ويبذلون أقصى الجهود ولكنهم وقعوا بين فكي المطرقة والسندان، فالمسؤول لا يقدم إلا القليل والمواطن لا يرضى الا بالكثير والمزيد من الجهود وهو من حقهم واسأل الله أن يعينهم ويكلل جهودهم بالنجاح فلا أحد يشعر بما يقدمونه ولكن!!! وبعد كل هذه المحاولات اكتشفت انني سأظل في قائمة الانتظار حتى إشعار آخر!!!
نحن نعلم جميعاً أن خادم الحرمين الشريفين لا يتأخر في مساعدة المتضررين من الكوارث والآفات في المملكة وفي جميع بلدان العالم فكيف إذا علم أن الكارثة تحل بمواطنيه وفي بلده، فهو ملك الإنسانية ومواقفه الإنسانية في كارثة حمى الوادي المتصدع لا تزال راسخة في ذاكرة المواطن، ومسطرة بماء الذهب في صفحات التاريخ، ومواقفه لا تعد ولا تحصى ولا يتسع المقام لذكرها، ولكن السؤال هل الوزارات المعنية عاجزة عن السيطرة لقلة الدعم المالي والبشري المتخصص؟ هذا في اعتقادي غير صحيح فالجميع يعلم الدعم السخي من خادم الحرمين الشريفين لجميع الوزارات، وقد قالها بكل شفافية (ليس لديكم عذر فما تطالبون به حققناه لكم)..
لقد ظهر هذا المرض في دول أخرى ليست بمكانة المملكة مادياً ولكنها سيطرت على الوضع بتوفيق الله لهم ولوجود الضمائر الحية والمحبة لوطنها.
إنني من هذا المنبر أناشد المسؤولين بالوقوف الجدي وليس الاعلامي على موقع الحدث وبذل الجهود القصوى، ووضع الحقائق أمام المواطن ليشعر بما يجري حوله، وحتى لا تتخطفه الشائعات، وأرجو وضع الإعلام أمام الحقائق.
واسأل الله أن يحفظ ولي أمرنا وولي عهده الأمين والأسرة المالكة.