Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/11/2007 G Issue 12833
الاقتصادية
السبت 07 ذو القعدة 1428   العدد  12833
محاكمة أوبك.. ورقة الضغط أم محاكمة القرن!
سالم القظيع

(سيدي الرئيس... يجب ألا نسمح لأوبك بالاختباء خلف الحصانة السيادية أو قانون سيادة الدولة للهروب من العدالة الأمريكية)... هذا اقتباس من خطبة للسيناتور الأمريكي السيد هيرب كول Herb Kohl في مارس 2001م عندما كان بصدد حشد الأصوات لقانون (لا لمحتكري إنتاج وتصدير النفط) والذي رُمز له ب NOPEC أي (لا لأوبك).

بطبيعة الحال، لم تكن تلك المرة الأولى للدعوة لقانون كهذا أو لتمويل قانون مشابه.

أيضا لم تكن هي المرة الأولى التي تتم فيها الدعوة لمحاكمة منظمة الدول المصدرة للنفط. فقد تبنت إحدى المنظمات العمالية الأمريكية قضية ضد سياسات أوبك من خلال المحاكم الأمريكية 1978م. كما تقدمت شركة أمريكية تعمل في بيع وتوزيع المشتقات النفطية بطلب لإحدى محاكم ولاية ألباما الأمريكية لمحاكمة أوبك بسبب سياساتها التسعيرية في العام 2000م.

بعيداً عن هذه المحاولات الخجولة، تمخضت الضغوط (أياً كان مصدرها) في النهاية إلى إقرار الكونجرس الأمريكي قانوناً لمحاكمة أوبك في مايو 2007م، والذي كما يبدو أن أوبك ستتعامل معه بجدية. فقد صرح وزير النفط السعودي أن أوبك جاهزة لأي محاكمة. كما فتحت أوبك ذراعيها (بذكاء) لأي دولة مصدرة للنفط تود أن تكون جزء من المنظمة، وهذا بدورها سيعقد من حسابات الحكومة الأمريكية في حال دخلت دول من الوزن الثقيل (كالبرازيل أو روسيا على سبيل المثال) وأصبحت أعضاء في أوبك.

إن كل هذه المحاولات ما هي إلى ترجمة للصورة النمطية السلبية حول أوبك لدى الرأي العام الغربي، حيث يُنظر إلى أوبك على أنها منظمة احتكارية جشعة! وتعود جذور هذه النظرة إلى تداعيات أزمة السبعينيات الميلادية وتحول النفط من سلعة رخيصة آنذاك إلى سلعة أكثر كلفة. كما تتعزز هذه الصورة عند كل ارتفاع يطرأ على أسعار النفط وما يتبعها من تداعيات على أسعار البنزين في الولايات المتحدة. وهذا كان مدعاة لتذمر المستهلك الغربي من سياسات أوبك التسعيرية كما تقدمها له وسائل الإعلام. غير أن هذا التذمر كما نرى بدأ يخرج من دائرة الامتعاض إلى دائرة التحرك القانوني الجاد.

هل ستنجح الولايات المتحدة في قضيتها أم لا؟ هذا أمر لا يمكن الجزم به، بالرغم من ثقة أوبك المبطنة أن الفشل هو مصير قضية كهذه. غير أن الأمر في أساسه تحرك سياسي بالدرجة الأولى وبالتالي فهو مرهون بطبيعة الظروف السياسية المحيطة بأطراف هذه القضية في المدى القصير والطويل. وهذا قد يكون كفيلاً بتحول هذا التحرك من تحرك قانوني إلى ورقة ضغط سياسية قد تستخدم بأي صورة كانت مستقبلاً خاصة إذا نجحت السياسة الأمريكية في الالتفاف على القانون الدولي. وربما تنجح في ذلك، لا سيما في ظل غياب حالات مشابهة. إضافة إلى ذلك، فالقانون التجاري الدولي وقوانين الاحتكار تمر بمراحل من التغيير والتطوير في ظل التغيير الواضح الذي ستشهده التعاملات التجارية بين الدول والتكتلات الاقتصادية في ظل منظمة التجارة العالمية و(محكمتها التجارية).

ومن شريعة القول، إن الدول الأقوى لها سلطة نافذة في صياغة كثير من تفاصيل هذه القوانين.

إن تحرك الحكومة الأمريكية لمحاكمة أوبك لا سيما أنها تعلم علم اليقين أن ارتفاع الأسعار ليس عائداً لشح المعروض، كما أنها تعلم أيضا أن قضيتها لا تملك مسوغات قانونية كافية، يؤكد الظن بأن هذا التحرك ربما يكون لكسب ورقة ضغط سياسية ستحتفظ بها للوقت (المناسب)... وهذا بطبيعة الحال جزء من هوس السياسيين المشروع بأوراق الضغط. وفي تصوري أن محاكمة أوبك ستكون من ضمن أولويات الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب الديمقراطي كونها تحاكي عقلية المواطن الأمريكي من خلال محطات البنزين.

استشاري اقتصادي


algudhea@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد