يمكن النظر إلى العلاقات السعودية اليمنية كأنموذج حي على أهمية التنسيق بين الدول من خلال الزيارات المتبادلة بين المسؤولين، وتشكيل اللجان المشتركة لمتابعة كافة القضايا ذات الأهمية، وهذا ما يطبقه عملياً مجلس التنسيق السعودي اليمني الذي أنشئ عام 1975م.
وقد كان الهدف من إنشاء المجلس هو تنظيم علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين من خلال الآلية الدورية لانعقاد المجلس بالتناوب بين البلدين لمتابعة وتقييم مدى تنفيذ المشاريع والاتفاقيات التي يتم التوقيع عليها، ومما يساعد على استمرار المجلس ما يجمع بين المملكة واليمن من خصائص مشتركة تتمثل في الدين الواحد والتاريخ المشترك وغيرهما من المقومات الأخرى كاللغة والثقافة والروابط الاجتماعية.
وعلى الرغم من أن العلاقات بين البلدين قد شابتها بعض العراقيل في وقت من الأوقات إلا أن حرص قادة البلدين الشقيقين على النهوض بها مجدداً ساهم إلى حد كبير في مد الجسور الأخوية، الأمر الذي انعكس إيجابياً ليس على المملكة واليمن فحسب، وإنما على المنطقة بأكملها. فأمن المنطقة كل لا يتجزأ، ولا تستطيع أية دولة أن تضمن استقرارها في ظل وجود حروب ونزاعات على حدودها أو قريباً منها، ولذلك فإن توقيع معاهدة جدة النهائية الحدودية بين البلدين عام 2000م والتي ترددت أصداؤها في مختلف الأوساط العربية والعالمية وتوالت ردود الفعل المؤيدة لها على كافة المستويات الشعبية والرسمية محلياً وعربياً ودولياً يعتبر تتويجاً للرؤية الإستراتيجية لقادة البلدين، ونموذجاً للدبلوماسية الحكيمة المستندة إلى بعد النظر، والرغبة في تعزيز الأمن ومن ثم التفرغ لتسيير عجلة التنمية، بعد إزاحة كل ما يمكن أن يعيق حركتها.
ومن يتابع البيانات الختامية الصادرة عن مجلس التنسيق السعودي اليمني في دوراته السابقة يصل إلى نتيجة واضحة تتمثل في أن قادة المملكة واليمن يؤمنون بأن التعاون والشراكة والحفاظ على أمن البلدين هو الخيار الوحيد.
كما لم يجانب سمو ولي العهد الأمير سلطان الصواب عندما قال إن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة، ولذلك فإن العلاقات السعودية اليمنية تتميز بأنها علاقات أخوية متينة قادرة على الصمود في وجه التقلبات الإقليمية والدولية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244