على الرغم من الأهمية الكبيرة التي تعلقها الولايات المتحدة على مؤتمر أنابوليس، فضلا عن الآمال الفلسطينية العريضة المرتبطة به، من جهة أنه يتحدث عن قيام دولتين، فإن إسرائيل تبدو غير متوافقة مع هذه الأجواء ومع ذلك فهي تبدي ظاهريا اهتمامها بالمؤتمر.
وفي حقيقة الأمر فإن إسرائيل تدفع يوما بعد الآخر بمعوقات حقيقية في طريق هذا اللقاء الذي لم تتبق سوى بضعة أسابيع على انعقاده، فقد قامت مؤخرا بتعطيل اجتماع تحضيري يجمعها والفلسطينيين خاص بالمؤتمر، وتضمن هذا التعطيل توجيه إهانات بطريقة مباشرة للوفد الفلسطيني.
وغداة هذه الواقعة صدرت تصريحات إسرائيلية تحاول دفع الفلسطينيين إلى الاعتراف بأن إسرائيل (دولة يهودية)، وهي بذلك تحاول استخلاص مكاسب مقدرة قبل المؤتمر، فهي تطلب ثمنا لهذه المشاركة، وذلك على الرغم من أنها لم تقدم شيئا مقابل هذا الثمن.
وبصفة عامة فليس هناك ما يشير إلى أن إسرائيل جادة في التعامل مع مؤتمر أنابوليس، فهي ترى أن الأوضاع الحالية هي الأفضل بالنسبة لها مقارنة مع ما يمكن أن يسفر عنه هذا المؤتمر، فقيام دولتين يفترض وجود دولة فلسطينية على حدود 67 وذلك يستوجب ضرورة إزالة الكيانات الاستيطانية الكبرى المزروعة على مساحات شاسعة من الضفة الغربية، فضلا عن المسائل المتعلقة باللاجئين، ووضع مدينة القدس المحتلة.
فإسرائيل في نهاية الأمر ليس واردا أن تعيد الحقوق إلى أهلها، وهي إنما تستخدم المساعي التي تقوم بها حاليا بشأن مؤتمر السلام في إطار خدعتها المستمرة تاريخيا لكسب الوقت والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وكلها أمور تعيد في كل مرة التفاوض إلى المربع الأول.
وفي المقابل فإن الفلسطينيين يبدون حماسا شديدا للمؤتمر، لكنهم يصطدمون دائما بهذه العراقيل التي تضعها إسرائيل في طريق السلام، وهم يتطلعون دائما إلى تحرك أمريكي يوقف هذه الممارسات اللامسؤولة من قبل إسرائيل.
ومن جانبها فإنه رغم رهان إدارة بوش على هذا المؤتمر الذي يأتي قبل أشهر من نهاية فترة الإدارة الأمريكية الحالية، فإن العلاقة التاريخية بين واشنطن وإسرائيل لا تفيد بوجود ثمة ضغوط يمكن ممارساتها على إسرائيل، خصوصا وأن بين أركان الحكم في واشنطن من ينحاز بشكل علني وقوي لإسرائيل ولا يحتمل حتى توجيه اللوم إليها على العراقيل التي تضعها في طريق التسوية.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم
أرسلها إلى الكود 82244