«الجزيرة» - الرياض
شهدت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي نمواً قوياً خلال شهر أكتوبر نتيجة للاهتمام المتزايد بعمليات الشراء من قبل الأفراد والمؤسسات على حد سواء. وأوضح تقرير لجلوبل أنه يمكن ملاحظة الارتفاع القوي في أسواق المنطقة من خلال تسجيل أربعة مؤشرات من أصل ستة مؤشرات مكاسب ثنائية الرقم خلال هذا الشهر، بقيادة مؤشر سوق الإمارات، حيث سجل نمواً شهرياً بمعدل 20.2 في المائة خلال أكتوبر الماضي. في حين مضى سوق الكويت في اتجاه معاكس للنمو لينهي الشهر بانخفاض بلغت نسبته 1.6 في المائة. ونتيجة لهذا الارتفاع الأخير الذي شهدته أسواق المنطقة، أظهرت جميع أسواق المنطقة نمواً إيجابياً منذ بداية العام وحتى تاريخه مع تقدم المؤشر العماني على جميع المؤشرات، حيث سجل نموا بنسبة 43.7 في المائة منذ بداية العام وحتى تاريخه. وعلى الرغم من أن النظرة المستقبلية طويلة الأجل لتوجهات الأسواق تبدو إيجابية، إلا أن بعض هذه الأسواق ستجني أرباحا في قطاعات مختارة.
صناديق الثروات السيادية
اكتسبت الصناديق السيادية لإدارة الثروة أهمية خاصة في أسواق المال العالمية، حيث ساهمت في تجميع مبالغ ضخمة من رأس المال خصوصاً من الدول الغنية بالنفط نتيجة لارتفاع أسعاره. وتشير الأدلة المستنبطة بأن هذه الصناديق، التي تستثمر احتياطيات العملات في الأصول الأجنبية، تسيطر على أصول تقدر قيمتها بنحو 2.5 تريليون دولار أمريكي. وأدى ارتفاع أسعار السلع - الذي يمكن إرجاعه إلى ارتفاع الاحتياطيات لدى هذه الاقتصاديات - إلى زيادة مستمرة في الصناديق المدارة بوجه عام.
وتاريخياً فإن إعادة تدوير البترودولار كانت تتم عن طريق الودائع بالدولار، الجنيه الإسترليني، اليورو وشراء السندات السيادية التي تطرحها هذه الحكومات. إلا أن صناديق الثروات السيادية تقوم حالياً بتنويع ممتلكاتها من خلال شراء الشركات والدخول في استثمارات إستراتيجية عالمية طويلة المدى بغرض الوصول إلى الهدف المنشود وهو المواءمة بين الأرباح والمخاطر. وتركز هذه الصناديق حالياً على شراء السندات في الأسواق المتطورة والناشئة لتحقيق أفضل العوائد المعدلة حسب المخاطر.
وجمعت دول مجلس التعاون الخليجي، مبالغ ضخمة من الاحتياطيات نتيجة لارتفاع أسعار النفط. ومن بين صناديق الثروات السيادية في تلك الدول، صناديق هيئة أبو ظبي للاستثمار ADIA، الهيئة العامة للاستثمار في الكويت KIA، شركة دبي للاستثمار DIC، استثمار (دبي) وهيئة الاستثمار القطرية QIAووفقا لتقديرات قطاع صناديق الثروات السيادية، تدير هيئة أبو ظبي للاستثمار أصولاً تتراوح قيمتها بين 650 مليار دولار أمريكي إلى تريليون دولار أمريكي، في حين تدير الهيئة العامة للاستثمار في الكويت قرابة 200 مليار دولار أمريكي. كما تدير هيئة الاستثمار القطرية أصول تتفاوت قيمتها بين 50 و70 مليار دولار أمريكي. ومن ناحية الصناديق المدارة، من المتوقع أن تواصل هذه التقديرات الزيادة نظراً لارتفاع أسعار النفط.
وأشار التقرير إلى بعض الاستثمارات الإستراتيجية الرئيسية التي حققتها صناديق الثروات السيادية في دول المجلس التي تتمثل في بعض الاستثمارات التي نفذتها هيئة أبو ظبي للاستثمار وهي; شراء حصة في مجموعة أبولو للأسهم الخاصة في الولايات المتحدة وتملك شركة برايم ويست انيرجي ترست مقابل 5 مليارات دولار أمريكية. وفي الكويت استحوذ صندوق الثروة السيادي التابع للحكومة الكويتية على 7 في المائة من أسهم شركة ديملر الألمانية لصناعة السيارات بالإضافة إلى 8 في المائة من أسهم مجموعة جي أي أيه، كما تقدمت الهيئة العامة للاستثمار بطلب للمشاركة في الاكتتاب العام على أسهم البنك الصناعي والتجاري الصيني الذي يعتبر أكبر جهة مانحة للقروض وكذلك أكبر بنك في الصين.
وفيما يتعلق بهيئة الاستثمار القطرية، فقد استحوذت على 20 في المائة من أسهم سوق لندن للأوراق المالية، بالإضافة إلى شرائها 10 في المائة من أسهم نورديك أوبيروتور (أو أم إكس).
من جهة أخرى، ألغى صندوق دلتا تو التابع لهيئة الاستثمار القطرية صفقة شراء متاجر سانسبري مقابل22.1 مليار دولار أمريكي، بسبب تدهور أسواق القروض العالمية وارتفاع تكاليف الائتمان.
أما بالنسبة لصندوق الاستثمارات السيادية الإماراتي فهو يستثمر أساساً في المحافظ الخاصة مثل مجموعة توسودز بالإضافة إلى تملك حصص في كل من: شركة ديملر كرايسلDaimlerChrysler ، بنك اتش إس بي سيHSBCوبنك آي.سي.آي.سي.آي ICICI أكبر البنوك الخاصة في الهند.
وبعيدا عن دول مجلس التعاون الخليجي المنتجة للنفط، يقول تقرير جلوبل: هناك العديد من صناديق الثروات السيادية التي أصبحت لاعبا نشطا في أسواق المال العالمية منها على سبيل المثال; صندوق التقاعد الحكومي في النرويج، الشركة الاستثمارية لحكومة سنغافورة، الشركة الصينية للاستثمار، صندوق التثبيت الروسي، شركة تيماسك القابضة الحكومية في سنغافورة، صناديق الاحتياطيات الدائمة في ألاسكا ووكالة بروناي للاستثمار. ومن الناحية التاريخية، قامت هذه الصناديق بشراء الديون السيادية بوجه عام مما ساعد على تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي. وفي الآونة الأخيرة استحوذ صندوق الثروة السيادي في الصين على قرابة 10 في المائة من أسهم مجموعة بلاكستون للسندات الخاصة.
ونظراً للارتفاع الكبير في كل من عدد الصناديق الاستثمارية السيادية والمبالغ التي تديرها هذه الصناديق، يتوقع أن يدعو صندوق النقد الدولي هذه الصناديق إلى المزيد من الإفصاح والشفافية بشأن استثماراتها. وتهدف هذه الخطة إلى تهدئة المخاوف في الأسواق المتطورة حيال القوة الشرائية التي تتمتع بها هذه الصناديق في أسواق المال العالمية، حيث تتبع بعض صناديق الاستثمار السيادية نهج الشراء المكثف؛ مما أثار بعض المخاوف بشأن إمكانية أن تنتزع هذه الأدوات الاستثمارية الأصول الإستراتيجية.