غرس القومجيون ومنتجو الشعارات في الذهنية العربية لأجيال عديدة ما يمكن تسميته بقاموس النفط الأسود!! فلا تكاد تقرأ في أدبياتهم سوى عبارات الأزمة والمعضلة واللعنة والخطيئة وغيرها من أقذع الأوصاف في حق السلعة التي تمثل قلب الطاقة في العالم. ولا تكاد تقرأ في دراساتهم لأسباب تخلف العرب وتأخرهم عن الركب الحضاري سبباً سوى النفط الذي هو رأس كل خطيئة... هذا الطرح الملبد بالحقد أو الجهل الذي ساد المشهد الثقافي العربي لعقود طويلة جعل كثيراً منا نحن العرب المحسوبين على النفط يميل للانحسار والانزواء ودفع بعضنا الآخر وللأسف لحمل تلك القناعة والاستماتة أكثر حتى من مروجيها!!
كثير من تلك الدول التي عيرتنا بالنفط تبدأ اليوم من أسس أخفض سقفاً من حيث بدأنا وعدد كبير منهم حول كل جراحات بلاده لقرابين تستهدف المصلحة الذاتية الضيقة، أما نحن فلا نزال نسير على خطى ثابتة واضحة لا تنازلات فيها، فالمملكة تدرك أن النفط الذي حباها الله مصدر ثروة لها ومصدر طاقة للعالم تسعى من خلاله إلى تأمين الإمدادات العالمية وفق ما يخدم الاقتصاد العالمي ونموه وفق سعر عادل يخدم المنتجين والمستهلكين... النفط اليوم لا بد أن نتعاطى معه كجزء من واقعنا وأن نستفيد من وجوده بإبراز تعاطينا معه وتسخيرنا له في خدمة الإنسان والمكان، فالمملكة اليوم تعد أحد أكثر بلاد العالم استقراراً ونماء، والإنسان السعودي الذي ساهم اكتشاف النفط في دعم اقتصاد بلاده والاستثمار في تطويره وتدريبه أصبح اليوم يقارع أكثر الموارد البشرية تدريباً وأعرقها انتماء للمؤسسات التعليمية والبحثية بشهادة الجميع، فالسعودي اليوم يتميز في الجامعات والمستشفيات وكثير من مجالات الإنجاز والإبداع... لكن المشكلة تكمن في أن كثيرين لا يريدون أن ينظروا إلى المملكة سوى جانب النفط جهلاً وحقداً ولهم نقول نعم: نحن نفطيون باعتبار أننا نملك النفط لكنه لايملكنا!!