Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/11/2007 G Issue 12826
الاقتصادية
السبت 30 شوال 1428   العدد  12826
رؤية اقتصادية
الاقتصاد الخليجي... نحلة في عش دبابير!
د. سالم القظيع(*)

يبدو أن باكستان في طريقها إلى فوضى عارمة. فقد بدأت ملامح هذه الفوضى في الظهور منذ عام تقريباً، ولكن الأمر الآن بدأ في الخروج عن السيطرة لا سيما في ظل إطلاق العنان لتصفية حسابات قديمة، وصراع محموم على السلطة، أقل ما يوصف به بأنه (عناد سياسي صلب).

وباكستان كما نعلم دولة نووية محاطة بطيف من الجماعات المتطرفة المتعطشة للوصول إلى السلطة، وهي في كل الأحوال ليست بعيدة عنها... إن مجرد التفكير في أن دولة نووية بحجم باكستان تقف على مشارف فوضى سياسية أو حرب أهلية... أمر مخيف بلا شك!

تأتي تصعيدات (المعاندين) في باكستان، والمناطحة الأمريكية الإيرانية ما زالت على أشدها، ومن الصعب التنبؤ بما ستؤول إليه، فالحسابات ما زالت معقدة أيما تعقيد، لا سيما في ظل (الأنفة السياسية) الواضحة لدى الطرفين.

وأحوال العراق (في المقابل) تتجه من سيئ إلى أسوأ، فالقوات الأمريكية لجأت لآخر الحلول الميدانية كما يبدو (وهو التحالف مع القبائل)، وهذا حل إن لم ينجح في إطفاء فعالية الجماعات الإرهابية فإن نتائجه بلا شك ستكون كارثية على العراق وعلى المنطقة بأسرها، فهو مدعاة لتعزيز الطائفية والعشائرية، والتي ما زالت من أقبح تداعيات الحرب على العراق، وإذا خرجت عن السيطرة فهي كفيلة بدمار يضاهي دمار الحروب النووية.

فالأخيرة لا تتعدى كونها موتاً رحيما مقارنة بالصراعات الطائفية والعرقية التي تقتل الأوطان والاقتصادات كل يوم ألف قتلة، فأدوات الحرب المستخدمة في النزاعات الطائفية أقذر من (القنابل القذرة)، فلا نسمع (بقتل الشوارع)، و(التطهير العرقي)، و(الاغتصاب الجماعي)، و(المقابر الجماعية)، و(دفن الأحياء)، و(اغتصاب الفتاة أمام والديها) وغيرها من الوسائل القذرة إلا في الحروب الأهلية والنزاعات الطائفية.

في ظل هذه الصورة القاتمة، وهذا المستقبل السياسي الغامض، يقف الاقتصاد الخليجي منتصباً طامحاً للوصول إلى آفاق بعيدة من التنمية الاقتصادية والرفاه الاقتصادي لشعوبه لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية المواتية في أسواق الطاقة، والتي قد لا تتكرر.

فبين المضي قدماً نحو العمل الاقتصادي، وبين التسلح والخوض في هذه الصراعات سلسلة من الحسابات المعقدة المرهقة أغلبها مستحيلة الحل وفيها تشتيت كافٍ للسياسات الاقتصادية المحلية والخارجية!

فالاقتصادات الخليجية جزء من هذه المنظومة وهمومها، كما أنها في المقابل اقتصادات من حقها أن تستقل بنفسها عن هذه الهموم وتبدأ في السعي الحثيث لتحقيق مصالحها وأمنها.

فخير هذه الاقتصادات في نهاية المطاف يعم على كافة شعوب المنطقة بالخير، ولا ينكر هذا الأمر إلا جاحد أو مكابر، والتاريخ والواقع كفيل بالشهادة.

من المؤسف، أنه حتى في حال اختارت دول مجلس التعاون أن تنأى بنفسها وأن تأخذ طريق الحياد، فإنها لن تُترك وشأنها فهي قبلة الطاقة ومحور أي نزاع مستقبلي على هذه الطاقة، كما أن خوضها في تفاصيل هذه النزاعات أيضا يعقد حسابات التنمية الاقتصادية.

وهذا يحصر الحلول المحتملة (بالرغم من صعوبتها) في محاولة (تشتيت التصعيد)، وتحصين المجتمعات الخليجية من فيروسات هذه النزاعات على كافة المستويات... والطائفية بلا شك هي أشد هذه الفيروسات فتكاً وأسرعها انتشاراً.

فيكفي هذه النحلة أنها تعمل حول (عش دبابير) فما بالك أن تصاب بفيروس قاتل كفيروس الطائفية!.... يعني بالخليجي (حنا مو بناقصين)!

(*) استشاري اقتصادي


algudhea@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد