التحايل الإعلامي فن قائم بذاته يحتاج الكثير من المهارات والذكاء والقليل من الأمانة والأخلاق، وللتحايل الإعلامي مستويات مقبولة إلى حد ما عند الترويج لسلعة تجارية أو خدمة ومستويات أخرى غير مقبولة حين تصل للاستخفاف بعقلية المتلقي وتغييب الحقيقة وتزوير المعلومات وتضليل الرأي العام وتحويله من اتجاه إلى آخر، وهذه الحالة موجودة في واقع الإعلام الرياضي من خلال ممارسات لبعض الإعلاميين ومنسوبي الوسط الرياضي الذين أساؤوا استخدام مساحة الحرية المتاحة لهم وخدعوا الجماهير لفترة محدودة ثم انكشفوا للرأي العام الرياضي.
ومن صور التحايل على الجماهير على سبيل المثال (البرامج المعلبة) وهي برامج حوارية تلفزيونية على الهواء يخيل إليك أن المشاركة مفتوحة وتفاجأ بأنها أعدت سلفاً لتلميع شخصية رياضية وتم اختيار المداخلات مسبقاً للتمجيد للضيف وتحجب المشاركات الأخرى، ولي تجربة شخصية مع أحد البرامج الحوارية حين تعرض الضيف لموضوع يسيء لنادي الشباب واتصلت بالمعد وطلبت مداخلة لإيضاح الموقف الشبابي إلا أن المعد اعتذر وأخبرني بشكل ودي أن المداخلات ممنوعة (بناءً على طلب الضيف) فاقتصرت المداخلات على (نورت الشاشة طال عمرك) وهنا أسجل نفسي كشاهد على حالة من التحايل الإعلامي تتكرر في البرامج الحوارية، أما الصورة الأخرى فهي (استفزاز عواطف الجماهير) قبل المباريات المهمة وخصوصاً مباريات الديربي وما يسبقها من التشكيك في نزاهة الحكام وتجهيز أعذار مسبقة للخسارة، وأما الصورة الأسوأ فهي (تحويل الغضب الجماهيري) فحين تخفق الإدارة يتم توزيع عدة اتهامات على أطراف أخرى كشماعة للإخفاق وتصوير أحد منسوبي لجان رعاية الشباب أو أحد منسوبي الأندية الأخرى بأنه يحارب النادي ويتسبب في تدهور أوضاعه فيتحول الغضب الجماهيري من المسؤول الحقيقي إلى المسؤول الوهمي البريء.
أما أكثر الصور ظرافة فهي (الوعود الخيالية) وهي سلاح آخر الموسم للاحتفاظ بكرسي الرئاسة لموسم آخر حيث يعلن عبر الإعلام الرياضي عن صفقة للاعب عالمي يعيد الأمل لجماهير الفريق ويضمن لهم البطولات والنتيجة في الغالب مهرجان استقبال في المطار لبقايا لاعب مصاب للتمتع برحلة علاجية في السعودية مع ضمان صرف حقوقه كاملة ومن ثم تشغل الجماهير بمعارك إعلامية وهمية بين مسؤولي ناديين يشحنان جماهيرهما ضد بعض والعجب أن من يؤججون التعصب والعداء في الصباح تجمعهم الليالي الملاح كأصدقاء في المساء!!
هذه بعض نماذج التحايل على الجماهير والاستخفاف بهم وأرى أن الإعلام الرياضي مسؤول وشريك في خداع الجماهير من جهة كما أنه شريك في الإنجازات والرقي بالفكر الرياضي من جهة أخرى والمسألة هنا تعود لضمير وأخلاقيات المهنة التي تحضر لدى الأغلبية وتغيب عند الأقلية من منسوبيه، وهنا لابد من وضع ضوابط وعقوبات لمن يمارس الكذب والتحايل على الجماهير الرياضية، فللجماهير حقوق معنوية وأدبية يجب حفظها ومحاسبة من يتهاون بها ليبقى الاحترام والثقة متبادلاً وقائماً بين الجماهير والإعلام الرياضي.
سنّة وزير الماليّة
يقول نبينا عليه الصلاة والسلام (من سنّ في الإسلام سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً).
فقد سنّ وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف سنّة حسنة عند وفاة أخيه -رحمه الله- حين طلب عدم تقديم التعازي في إعلانات الصحف وأن الأولى إيداع قيمة الإعلان في حساب الجمعية الخيرية لمكافحة السرطان لكسب الأجر والمثوبة من الله، والمعروف أنه حين تتعلق المناسبة بوزير مالية فإن البنوك والمصارف والشركات الكبرى ستتسابق في نشر إعلانات تعزية تبلغ تكلفتها ملايين الريالات ستتحول بإذن الله إلى عمل خيري بفضل مبادرة الوزير المعلنة، وأدعو الله أن يوفق بقية المسؤولين والوجهاء لاتباع هذه السنّة في مختلف المناسبات لصالح العمل الخيري.
وقد يكون من المناسب أن تقدم الجمعية المستفيدة تقريراً للوزير توضح فيه المتبرعين وقيمة المبالغ ليتم شكرهم وتقدير ثمرة هذه السنّة الحسنة.